ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
لم يقتصر الجمال عند العرب على المرأة، وهو الركن الأساس، بل تعداه الى جمال الرجل، وكانت الوسامة والجسامة تحظى بأهمية كبيرة عند العرب، حتى ان الرسل والسفراء الذين كان يرسلهم الخلفاء والملوك والسلاطين الى الدول الأخرى كانوا يختارونهم ممن يتصف بالوسامة والجسامة، علاوة على قوة التفاوض وسرعة البديهية، ولباقة اللسان وقوة الحجة، ليتمكنوا من اقناع المفاوض المقابل، وإعطاء صورة عن وسامة العرب وجمالهم من جهة أخرى. ولو رجعنا الى كتب التأريخ وسيرة الخلفاء والملوك لوجدنا تلك السمات في الموفد العربي والإسلامي الى الدول الأخرى.
ذكر مرتضى الزبيدي” السَّنِيعَةُ : المَرْأَةُ الجَمِيلَةُ ، كما فِي الصّحاحِ، زاد اللَّيْثُ: اللَّيِّنَةُ المَفَاصِلِ اللَّطِيفَةُ العِظَامِ في جَمَالٍ، و هو سَنِيعٌ ، أَي جَمِيلٌ، و يُقَال: هَذَا أَسْنَعُ ، أَي أَفْضَلُ و أَشْرَفُ و أَطْوَلُ. و كزُبَيْرٍ: عُقْبَةُ بنُ سُنَيْع بنِ نَهْشَلِ بنِ شَدّادِ بنِ زُهَيْرِ بن شِهَابِ بن رَبِيعَةَ بنِ أَبِي الأَسْودِ، هَكَذَا ذَكَرَه ابنُ الكَلْبِيِ في نَسَبِ طُهَيَّةَ، كان من الأَشْرَافِ ، و يُعْرَفُ بابن هِنْدَابَةَ، وهو الَّذِي هَجَاهُ جَرِيرٌ وأَبُوه سُنَيْعٌ مَشْهُورٌ بالجَمَالِ المُفْرِطِ، و مِنَ الَّذِينَ كانُوا إِذا أَرادُوا المَوْسِمَ أَمَرَتْهُمْ قُرَيْشٌ أَن يَتَلَثَّمُوا مَخَافَةَ فِتْنَةِ النِّسَاءِ بهم”. (تاج العروس11/228).
من هو الوسيم والبشير في التراث العربي؟
قال ابن منظور ” رجلٌ بَشِيرُ الْوَجْهِ إِذا كَانَ جَمِيلَهُ؛ وامرأَةٌ بَشِيرةُ الْوَجْهِ، ورجلٌ بَشِيرٌ وامرأَة بَشِيرَةٌ، ووجهٌ بَشيرٌ: حَسَنٌ؛ قَالَ دُكَيْنُ بْنُ رَجَاءٍ:
تَعْرِفُ، فِي أَوجُهِها البَشائِرِ، … آسانَ كُلِّ آفِقٍ مُشاجِرِ . (لسان العرب4/63)
ـ قال ابن الجوزي” يروى أنّ جميل بن معمر قال لبثينة: ما رأيت مصعب بن الزّبير يخطر بالبلاد إلاّ أخذتني عليك الغيرة”. (أخبار النساء/100).
ـ قال ابو علي القالي” الوسيم: الْحسن الْجَمِيل، يُقَال: رجل وسيم وَامْرَأَة وسيمة، والميسم: الْحسن وَالْجمال، قَالَ الشَّاعِر:
لَو قلت مَا فِي قَومهَا لم تيثم يفضلها فِي حسب وميسم
(الأتباع/74).
ذكر مرتضى الزبيدي” المُخْتَلَقُ للمَفْعُولِ: الرَّجُلُ التّامُّ الخَلْقِ، المعتدلة، وانْشَدَ ابنُ بَرِّيٍّ-للبُرْجِ بنِ مُسْهِرٍ:
فلَمَّا أَنْ تَنَشَّى قامَ خِرْقٌ من الفِتْيانِ مُخْتَلَقٌ هَضِيمُ
رَجُلٌ مُخْتَلَقٌ : حَسَنُ الخِلْقَةِ ، وامْرَأَةٌ مُخْتَلَقَةٌ : ذاتُ خَلْقٍ وجِسْمٍ”. (تاج العروس31/125).
ـ ذكر مرتضى الزبيدي” قالَ سِيْبَوَيْه: الإِسْحِلانُ صِفَةَ، والإِسْحِلانِيَّة: المرْأَةُ الرائِعَةُ الطَّويلَةُ الجَميلَةُ ويقال: شابٌّ مُسْحُلانٌ وأُسْحُلانٌ ومُسْحُلانِيٌّ بضمهِنَ أَي طَويلٌ يُوصَفُ بالطولِ وحُسْن القَوَام أَو مُسْحُلان ومُسْحلانيُّ”. (تاج العروس14/393)
صفات جمال الرجال
قال ابن دريد” قالَ أَبُو بكر: تَقول الْعَرَب: أَخبث الأفاعي أفاعي الجدب وأخبث الذئاب ذئاب الغضا وأجمل الرِّجَال الأعجف الضخم وأجمل النِّسَاء الأسيلة الفخمة وَأَغْلظ المواطئ الْحَصَى على الصَّفَا”. (جمهرة اللغة1/421)
قال ابن دريد” الفخم من الرِّجَال: الْكثير لحم الوجنتين وَفِي وَجهه فخامة. وَتقول الْعَرَب: أجمل النِّسَاء الفخمة الأسيلة يُرِيدُونَ أَنَّهَا وَاسِعَة الْخَدين سهلتهما”. (جمهرة اللغة1/617).
قال الناظر المراكشي” كان ببلد غمارة المواربة مشهورة متعارفة يفتخر بها نساؤهم، وهم يرغبون فى الرجل الجميل أو الشجاع أن يأخذوا منه نسلا، ولا يتركون ذا عاهة يستقر ببلدهم ويقولون إنه يفسد النسل”.(الاستبصار/193). وأضاف” مدينة تادمكه نساؤهم فائقات الجمال لا يعدل بهن نساء بلد حسنا. ويتقارعن على الرجل الجميل منهم أيهن تحمله إلى منزلها. “.(الاستبصار/223).
ذكر ابراهيم اليازجي في وصف جمال الرجل” يقَالُ: فُلان جَمِيل الْمَنْظَر، جَمِيل الْخَلْقِ، حَسَن الصُّورَةِ، وَضِيء الطَّلْعَة، ووَضَّاؤها، صَبِيح الْوَجْه، وَاضِح السُّنَّةِ، غَرِير الْخَلْق، أَغَرّ الطَّلْعَة، أَبْلَج الْغُرَّة، أَزْهَر اللَّوْن، مُشْرِق الْجَبِينِ، وَضَّاح الْمُحَيَّا، رَقِيق البَشَرة، صَافِي الأَدِيم، مَلِيح الْقَسَمَة، حَسَن الْمَلامِحِ، حَسَن الشَّكْلِ، ظَرِيف الْهَيْئَةِ، بَدِيع الْمَحَاسِنِ، وَمُفْرِط الْجَمَالِ، سَوِيّ الْخَلْق، مُطَهَّم الْخَلْق، حَسَن الحِلْيَة، أَهْيَف الْقَدّ، سَبْط الْقَوَام، مُعْتَدِل الشَّطَاط، مُعْتَدِل الأَعْضَاءِ، مُتَنَاسِب الأَعْضَاءِ، مُخْتَلَق الْجِسْم، لَطِيف الْخَلْقِ، حَسَن التَّقْطِيع.وَقَدْ أُفْرِغَ فِي قَالَب الْجَمَال، وَوُسِمَ بِمِيسَم الْحُسْن، وَتَسَرْبَلَ بِالْمَلاحَةِ، وَارْتَدَى بِالظَّرْفِ، وَتَرَقْرَقَ فِي وَجْهِهِ مَاءُ الْجَمَالِ، وَلاحَتْ عَلَيْهِ دِيبَاجَة الْحُسْن.وَإِنَّهُ لَقَسِيم، وَوَسِيم، وَإِنَّهُ لَقَسِيم وَسِيم، وَإِنَّهُ لَقَسِيم الْوَجْه، وَمُقَسَّم الْوَجْهِ، ذُو حُسْنٍ بَارِع، وَجَمَالٍ رَائِعٍ، وَرَوْنَق مُعْجِب، وَبَهَاءٍ مُؤْنِقٍ.وَهُوَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ، وَمِنْ أَهْلٍ الرُّؤاء، وَإِنَّ لَهُ رُؤاء بَاهِراً، وَجَهَارَة رَائِعَة، وَشَارَة حَسَنَة، وَبِزَّة لَطِيفَة، وَهَيْئَة جَمِيلَة.وَقَدْ رَأَيْت لَهُ نَضْرَةً، وَزُهْرَة، وَأَنَقاً، وَرَوْنَقاً، وَقَسَامَة، وَوَسَامَة، وَصَبَاحَة، وَمَلاحَة، وَوَضَاءة، وَطَرَاءة، وَغَضَاضَة، وَبَضَاضَة، وَرَوْعَة، وَبَهْجَة.وَفُلانٌ شَابٌّ طَرِير، غَيْسَانِي، وَغَسَّانِيّ، وَإِنَّهُ لَرَجُلٌ مُقَذَّذٌ، وَهُوَ الْحَسَنُ النَّظِيفُ الثَّوْب يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً.وَبَنُو فُلان شَبَاب رُوقة، غُرّ الْمَعَارِف، بِيض الْمَسَافِر، حِسَان الْحِبْر وَالسِّبْر، كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُون، يَمْلِكُونَ الطَّرْف، ويَمْلُئون الْعَيْن حُسْناً”. (نجعة الرائد1/6).
اكثرهم وسامة في قريش
قال المبرد” كان يقال: إن الجمال كان من قريش فى ثلاثة: مصعب بن الزبير، وطلحة بن عبيد الله، وعمرو بن سعيد بن العاص”.(الفاضل/117). وأضاف” أخبرنا يونس بن إسحاق قال: كان الجمال من أهل الكوفة فى ثلاثة نفر: الأشعث بن قيس الكندىّ، وعدىّ بن حاتم الطائىّ، وجرير ابن عبد الله البجلىّ، فدخلت مأدبة في السّبيع فرأيت هؤلاء الثلاثة، فما رأيت بيض نعام ولا طريدة ظبى ولا تمثالا إلا وما رأيت من هؤلاء الثلاثة أحسن. وقال الهيثم: وكلّ أعور. قال يونس: فأما الأشعث بن قيس فأصيبت عينه يوم اليرموك، وأما عدىّ بن حاتم فأصيبت عينه يوم الجمل، وأما جرير فأصيبت عينه بهمذان”.(الفاضل/119). كان يقال: من أراد العلم والسخاء والجمال فليأت دار العباس، كان عبد الله أعلم الناس، وعبيد الله أسخى الناس، والفضل أجمل الناس”. (البصائر والذخائر5/52)
جاء أيضا عن بعضهم: ينبغي ان يكون الرجل فوق المرأة بثلاث، بالسن والمال والحسب، وإلا إحتقرته. وأن تكون المرأة فوق الرجل بثلاث، بالصبر والجمال والأدب، وإلا إحتقرها”. (مخطوطة تحفة العروس). (تحفة العروس/77).
ذكر الابشيهي” كان مصعب بن الزبير من أحسن الناس وجها. حكي إنه كان جالسا بفناء داره يوما بالبصرة، إذ جاءت امرأة فوقفت تنظر إليه، فقال لها: ما وقوفك يرحمك الله؟ فقالت: طفىء مصباحنا، فجئنا نقتبس من وجهك مصباحا”. (المستطرف/262).
قال الزمخشري” اجتمع عبد الله بن عمر، وعروة ومصعب ابنا الزبير، وعبد الملك بن مروان بفناء
الكعبة، فقال لهم مصعب: تمنوا، فقالوا: أبدأ أنت، قال: ولاية العراق وتزوج سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة، فنال ذلك، وأصدق كل واحدة خمسمائة ألف وجهزها بمثلها. وتمنى عروة الفقه وأن يحمل عنه، فناله، وتمنى عبد الملك الخلافة، فنالها وتمنى ابن عمر الجنة”.( ربيع الأبرار5/9).
ذكر التوحيدي” كان مسلم اليتيم جميلاً فقيل له: ما منعك من مراسلة النساء الحسان مع جمالك ورغبتهنّ في أمثالك، فقال: عفةٌ طباعية، وغيرةٌ إسلامية، وكرمٌ موروث، ومعرفةٌ بقبح العار”. (البصائر والذخائر7/135)
ـ قال ابن عبد ربه” نظر ابو هريرة إلى عائشة بنت طلحة؛ فقال: سبحان الله! ما احسن ما غذاك اهلك! والله ما رأيت وجها أحسن منك، إلا وجه معاوية بن ابي سفيان على منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وكان معاوية من احسن الناس وجها.
ونظر ابن أبي ذئب إلى عائشة بنت طلحة تطوف بالبيت.،
فقال لها: من أنت؟
فقالت:
من اللاء لم يحججن يبغين حسبة ولكن ليقتلن البريء المغفّلا
فقال لها: صان الله ذلك الوجه عن النار! فقيل له: أفتنتك أبا عبد الله؟ قال: لا، ولكن الحسن مرحوم.”. (العقد الفريد7/118).
قال التيجاني” كان محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان يسمى الديباج لجماله، وقالت له امرأة يوما: أنت تفخر بالجمال، وإنما ذلك فخر النساء، وفخر الرجال بالإجمال، فقال لها: وإذا جمع الرجل بين الجمال والإجمال، فقد حاز مرتبة الكمال”. (مخطوطة تحفة العروس).
قالت امرأة لخالد بن صفوان: ما أجملك يا أبا صفوان!
فقال: كيف تقولين ذلك، وليس لي عمود الجمال ولا رداؤه ولا برنسه!
عمود الجمال هو القوام والاعتدال وأنا قصير، وأما رداؤه فهو البياض ولست بأبيض، وأما برنسه فسواد الشعر وجعودته، وأنا أصلع، ولو قلت ما أملحك لصدقت!”. (العقد الفريد6/116). (البيان والتبيين1/340). (عيون الأخبار4/23). ( غذاء الألباب1/420).
صفات القبح عند العرب
ذكر مرتضى الزبيدي” الطَّهْمَلُ الجَسيمُ القَبيحُ الخِلْقَةِ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وهي بهاءٍ ، ومنه الحدِيثُ : وَقَفَتْ امرأَةٌ على عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تعالَى عنه، فقالَتْ: إنِّي امرأَةٌ طَهْمَلَةٌ . فُسِّرَ بالدَّقَيقةِ وبالقَبيحةِ، و الجَمْعُ طَهَامِلُ ، و أَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للعجَّاجِ:
يُمْسِيْنَ عن قَسِّ الأَذى غَوافِلا يَنْطِقْنَ هَوْناً خُرَّداً بَهَالِلاَ
لا جَعْبَرِيَّاتٍ ولا طَهامِلا
(تاج العروس15/449)
أخرج الترمذي” رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلا قصيرا فقال: من رأى مبُتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا، عافاه الله مما ابتلاه كائنا ما كان”. (سنن الترمذي/3431).
ضحى عبد الرحمن
نيسان 2024