ما يجري في السعودية اليوم من “إصلاحات” و “تجديد” بهدف القضاء على الفكر المتطرف والانفتاح على العالم، يطلق رصاصة الرحمة على الاعتقاد بأن الدولة الدينية أفضل من الدولة العلمانية. فالأصل في شعب تربى على مدى عقود على الالتزام بأحكام الشريعة أن يتمسك بها حتى وإن قررت الدولة التخلي عن تطبيقها. فإذا كنت مؤمنا فعلا بأن شرب الكحول حرام، فإن سماح الدولة بفتح خمارات أو منعها لن يؤثر على قناعتك في شيء. و ردة فعل السعوديين وإقبالهم بشغف على ما كان محرما قبل عدة أشهر فقط، دليل على أن القناعة كانت معدومة. علينا أن نفتح أذهاننا أمام هذا المشهد ونفهم أن الفرق بين الدولة الدينية والعلمانية هو أن الأولى تتيح لك ممارسة ما
تريد في السر والثانية تؤمن لك التصالح مع نفسك وتمنعك من التمزق بين ما تخفي وما تعلن. ولا تعدو المطالبات بفرض أحكام الشريعة بالقوة كونها إدمانا على متعة التخفي والتلذذ تحت غطاء العتمة. فالتصالح مع النفس مهمة ضخمة لا يقوى على الاضطلاع بها من تربى في بيئة تستقي معاييرها الأخلاقية من الحجاب واللحية.