ما هي رسالة الاحتجاجات العارمة للمعلمين الإيرانيين
برز وفي حد قليل الأحد الأول من آذار/ مارس هاجس الخوف المتواصل للرموز والمسؤولين في النظام إزاء ”الفتنة“ وكابوس توهج ”الجمر التي تحت الرماد“ حيث خرج المعلمون في حركة متناسقة إلى الشوارع في أكثر من 40مدينة من 20محافظة من كل أرجاء البلد ليطالبوا بحقوقهم المسلوبة والملتهمة وذلك من خلال صرخاتهم. وكانت هذه الحركة العارمة تحظى بمواصفات وميزات يمكن خلالها إيضاح ما ساور رموز النظام من فزع وخوف:
والميزة الأولى هي كونها عارمة. واندمجت صفوف المعلمين في كل أرجاء الوطن بعضها في البعض ليصرخوا ضد كل من الفقر والغلاء والتمييز والتدليس مما يعد المشكلة الرئيسية المشتركة للايرانيين.
ولحد الآن وفي أغلبية الأحيان كانت ممارسة القمع وأعمال الكبت من قبل النظام لم تسمح لحركات كانت تعلن عنها بأن تجد مجالا لتبرز نفسها حيث كان النظام يقضي عليها في المهد. ولكن وفي هذه المرة ورغم تذرع النظام بجميع الترتيبات والأساليب المعروفة لديه وما أطلقه من وعود وتهديدات لم يتمكن من أن يمنع اندلاع هذه الحركة.
وما كان يزيد الخوف بالنسبة لرموز النظام إزاء حركة وانتفاضة المعلمين هو اعتبار ومركز يحظون بهما في المجتمع. لأن تفشي الفقر بين المعلمين البالغ عددهم مليون نسمة يتسبب في أنهم لا يؤثرون بشكل مباشر على 13مليون طالب فحسب وإنما يلقون بظلالهم على أفراد عوائل هؤلاء الطلاب ممن يكاد أن يكون جميع الايرانيين ويؤثرون عليهم بشكل مباشر.
وثبت مرة أخرى أنه وفي ظل الدكتاتورية يوجد حد دقيق وهشاش للغاية بين الشعارات المهنية والتموينية والشعارات السياسية. لأن دكتاتورية ولاية الفقيه لا تريد ولا تقدر على أن تخطو خطوة من أجل استعادة الحقوق المسلوبة للشرائح المضطهده والمحرومة. فبالتالي سرعان ما يتحول كل شعار ومطلب مهني أو تمويني إلى شعار سياسي فيستهدف الركائز الرئيسية لهذه الحكومة الفاشية أي أعمال والكبت وممارسة القمع والتكبيل.
كما وإن المعلمين ممن حولهم النظام إلى واحد من أكثر شرائح المجتمع حرمانا وبالرغم من أنهم يطالبون بزيادة رواتبهم وأجورهم في الخطوة الأولى ولكنهم وفي مختلف المدن تجاوزوا الحدود بين الشعارات المهنية والسياسية بإطلاقهم شعارات منها “انهض يا معلم في وجه التعسف والتمييز“ و”ليطلق سراح السجين السياسي“.
ولم يكن نظام الملالي يتمكن من أن يحول دون احتجاجات المعلمين وذلك باستخدام أنواع الأساليب والترتيبات الأمنية والبوليسية كما لم تبث هيئة الإذاعة والتلفزيون للنظام أي خبر وتقرير عن هذه الحركة العظيمة والعارمة. ولكن ونظرا للأبعاد الهائلة والغير قابلة للكتمان لهذه الحركة وبما أن قناة الحرية كانت تبث بشكل ناشط الأخبار والتقارير الخاصة بها والتي كانت تردها من مراسليها في كل أنحاء البلد، فاضطر بعض من وسائل الإعلام الحكومية إلى الإذعان لأبعاد احتجاجات المعلمين «في كل أنحاء البلاد» وشعاراتهم السياسية في بعض من المدن.
فهكذا ومع تحطيم حاجز الرقابة والكبت فبرز هاجس الخوف لمديري النظام من بين وسائل الإعلام و المؤسسات التابعة له وبحيث أنه وحتى في برلمان النظام كان عدد من النواب هرعوا إلى الدفاع! عن المعلمين وتحدثوا عما يعيشه المعلمون من ظروفهم المعيشية الصعبة وضرورة أخذ مشاكلهم بعين الاعتبار. كما وفي محاولة صورية ومن أجل الحد من الاحتجاجات أضاف برلمان الملالي ملحوظتين إلى لائحة الميزانية تقضيان بدفع بعض من المتطلبات الفرعية للتربويين.
ورغم أن ما يقوم به برلمان النظام من إجراءات صورية يعد مجموعة من أقوال الهراء الباطلة والخداعة والتي لا قيمة لها ولكنها أثبتت أن النظام يتضور ألما إزاء الحركات الاحتجاجية للمعلمين ويخاف ويقلق بشدة حيال امتداد هذه النيران واللهب إلى باقي الشرائح بالمجتمع. خاصة وإن المعلمين هددوا بأنهم سيعودون من جديد وطلابهم يرافقونهم هذه المرة ما لم يتم تلبية مطالباتهم.
وما يخاف منه رموز النظام أكثر مما مضى ليس إلا التضامن بين باقي الشرائح في المجتمع مع المعلمين بدءا من الممرضين والعمال إلى الطلاب وحتى السجناء السياسيين في غياهيب النظام. ومن شأن هذا التضامن أن يبين مدى القابلية المحتقنة في المجتمع الإيراني الذي يشعر فيه جميع شرائحه بمعاناة مشتركة وذلك تحت ما يمارس في حقهم مما يترتب على الفقر والتكبيل من ضغوط قاسية لا تطاق وهم على عتبة الانفجار.
وفي مثل هذه الظروف تعرض نظام الملالي المفلس لأزمة تعد كجانب من سائر الأزمات المستعصية التي واجهها كأزمة القنبلة النووية. والأزمة هي: إن يقم بممارسة القمع والاعتقال فسيقود ويجعل وبيديه الحركات الاحتجاجاية تشتد وتتوسع إذ ستتحول جراء ذلك وبشكل سريع الشعارات المهنية والتموينية إلى الشعارات التي تستهدف رأس الاستبداد الفاسد لولاية الفقية ولكن اذا أبدى المرونة والتسامح فسيفسح المجال لتظهر شرائح أوسع من المواطنين إلى الساحة حتى يعبروا عن مطالباتهم التي لا يرغب النظام ولا يتمكن من أن يلبيها فبالتالي سيتعرض حاجز الخوف أو قارورة عمر نظام الولاية لتهديد جاد.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :