طلال عبدالله الخوري 19\12\2015 مفكر حر
قال دكتاتور روسيا “فلاديمير بوتين” بأننا قادرون على تحمّل تكاليف التّدخل العسكري في سوريا لدعم النّظام السوري, لأننا بالواقع نحن نقوم بتدريب قواتنا على مناوراتٍ عسكريةٍ وعلى استخدام مختلف أنواع الأسلحة وبشكلٍ واقعيٍ على الأرض، ولم نكن لنجد ساحة للتدرّب على هكذا مناورات بتكاليف أرخص!
ولكي نفهم هذا الكلام العلمي الأكاديمي, الذي ينضوي تحت المرحلة الأهم في التصنيع وهي الفحص والتجريب “تستينغ”, والمكلفة جداً في المال والوقت والموارد البشرية, سنستخدم كمثال برنامج التشغيل “ويندوز” من شركة “مايكروسوفت” والذي تقدمه مجاناً لكل الكومبيوترات الشخصية بالعالم, ولو انها باعته بدولار واحد ستجني مليارات الدولارات, فلماذا تقدمه مجاناً؟ وما سر هذا الكرم الحاتمي من شركات احتكارية جشعة؟ بالواقع هي تطرح للعامة مايسمى ب” النسخة المسودة” من النظام, حيث يقوم المستخدم بتوقيع عقد قانوني طويل عريض يخلي ذمة الشركة من اي ضرر يقع عليه ناجم عن اي خطأ موجود في النظام المسودة, ولا احد عادة يقرأه, والجميع يضغط على زر القبول روتينياً من اجل البدئ باستخدامه, وعندما يتم تجريبه من قبل ملايين الناس بالعالم ويتأكدوا من انه يعمل بطريقة صحيحة خالية من الاخطاء, عندها فقط يحولونه الى النسخة ” النهائية النظيفة” والتي يبيعونها الى الشركات والعملاء الكبار بمبالغ كبيرة يجنون من خلالها الارباح, وفي هذه الحالة شركة مايكروسوفت هي التي توقع على عقد امام عملائها عن مسؤوليتها عن اي ضرر يتأتى من اي خطأ في برمجياتهم, اي ان مستخدمي نظام ويندوز يعملون مجاناً لدى شركة مايكروسوفت في تجريب وفحص برمجياتها, بدل من ان توظف ملايين الفنيين لكي يقوموا بهذا العمل المضني والمكلف, وتقوم بتحديثة بآخر ما توصولوا له من تقنيات, وتكون الفائدة متبادلة بين الشركة والمستخدمين.
حتى هذه اللحظة, ومع هذا التطور الهائل بالعلوم, لم يستطع احد ان يثبت بأن اي منتج كالطائرة او السيارة او الاسلحة او اي نظام برمجي بانه سيعمل بشكل صحيح عند تشغيله وانه لن يتحطم ويسبب كوارث خطيرة, مثال” طائرة ركاب بمئات المسافرين.. منشآة نووية…كمبيوتر للتحكم بإطلاق الصورايخ العابرة للقارات… الخ”, والطريقة الوحيدة المتوفرة للتأكد من عملها وطرحها للاستخدام هو عن طريق الفحص والتجريب, وهناك معايير عالمية عالية لعدد مرات التجريب وزمن التجريب مكلف جداً, وهذا بالضبط ما قاله بوتين, بأن بلده قد انتجت اسلحة جديدة وتريد تجربتها في الساحة العملية ولو لم يكن هناك حروب فعلينا ان نصنع الحروب ليس حبا بالحروب ولكن من اجل تجريب الاسلحة الجديدة, لان هناك سباق في التسلح بالعالم, واذا لم يرى العالم بأن اسلحتك مجربة وتعمل بشكل جيد فلن يحسبوا لك حساباً, لأن اي انسان يستطيع ان يدعي بأن لديه اسلحة متفوقة! كما كانت تفعل ايران على سبيل المثال … وهنا نريد ان نذكر بأن البرلمانات البريطانية والفرنسية والالمانية والاميركية قد اصدرت قوانين بعدم السماح باستخدام قواتها في الحروب الخارجية, ولكن عندما يحين وقت تجريب الاسلحة نجد ان كل البرلمانات تلحس بصاقها وتجد الفجوات القانونية والذرائع, لان التعليمات تأتيهم من مراكز الامن الوطني, لان مثل هذه الامور تنضوي تحت شؤون الامن الوطني التي لها حق الاولوية .. نعم ايها السادة وطننا سوريا تحول بفضل المجرم بشار الاسد الى حقل تجارب لاسلحة اولاد الحرام, واجساد اهلنا لفئران تجارب.. وهذا ما اراد ان يقوله المجرم بوتين.
في الختام اريد ان انوه بأن الحرب العراقية كلفت اميركا ترليونات الدولارات, ولكن بالمقابل جعلت التكنولوجيا الاميركية تسبق كل دول العالم مجتمعة بمئات السنين, وهذه الفائدة لوحدها تساوي اضعاف أضعاف ما انفقته, لأنه يصب في صالح الامن القومي الاميركي, وهنا نرد على تفاهات من قالوا بان الغرب يطمع بنفط العراق او يتآمروا علينا, فبرأينا الشخصي هذه هي الفائدة الوحيدة التي حصلت عليها اميركا من احتلالها للعراق وهي لا تقدر بثمن.