كنا نزور مرة مسؤولاً عربيًا. وفوجئنا بوجود زائر آخر، عُرف عنه ظرفه وحطؤه، من الحطيئة، الشاعر البائس الذي هجا كل من حوله، متضايقًا من فقره ومن بشاعته ومن جوع أبنائه. على أن الحطيئة المعاصر كان ميسورًا، ولم يكن دميمًا، ولم يعان أبناؤه من الجوع. ومع ذلك، كان حطيئًا.
في تلك الزيارة طاب للهجّاء أن يتناول سياسيًا آخر من منافسي المضيف. بدأ ولم ينته. زاد ثم استزاد. وأخيرًا، تدخّل أحد الحاضرين وقال له: «يا فلان، هناك أشياء في الحياة لا يمكن أن تقال، لكن هناك أيضا أشياء لا يمكن أن تُسمع. رجاء أعفنا».
وزعت «داعش» صورًا لسجن تدمر والزنازين التي كان يُحشى فيها السجناء. فعلت ذلك وكأنها تفاخر: ماذا تفضلون؟ الإعدام الفوري، أم تجارة السبايا، أم هذه السجون؟ فكّرت أن بعض الأشياء في عالمنا ليس فقط لا يُكتب عنها، بل لا يُقرأ عنها أيضا. ما هذا العالم؟ ما هذه المنطقة وخياراتها؟ مَن بدأ هذه الفظاعات التي لا يمكن تخيُّلها؟ هل هي مسؤولية أفراد أم مسؤولية الجماعات التي قبلت الحياة في ظل هذه الهمجيات؟
أم أن هذه هي النتيجة «الطبيعية» للأشياء: في نهاية أنفاق السجون التي هي من هذا النوع، يخرج هذا النوع من الظالمين؟ هل خطر لمسؤول – من أي رتبة – أن يقوم مرة بزيارة أحد سجون الدولة، وأن يرفع تقريرًا إلى رؤسائه عمّا رأى؟
يا لهما من مشهدين: السجن ومحرروه! متى تفيق هذه الأمم على أن ثمة حياة أفضل في هذه الحياة؟ وعلى أن قاعدة الخَلق هي الحريّة، لا العبوديّة؟ وعلى أن بديل الاستبداد لا يكون هذه المنظمات التي تعيش على الابتزاز والسبي والنهب والخراب؟ يا له من خيار مريع بين رحمة السجن في تدمر، ورحمة الرؤوس المقطوعة. خيار الكوابيس، في ظلام السجون أو في ظلام «الغلاة»؟
من أوصلنا إلى هنا؟ نحن جميعًا. نحن لأننا لم نتبرأ من الظلم ولم نتبرأ من الهمجية «القانونية». ونحن الذين لا نزال نسمي أسوأ أنواع العبودية استبدادًا. اسم الدلع لما هو أقسى طبقة في طبقات العتم.
آسف أنني كتبت في هذا الموضوع. لكنني لم أكن أفهم من قبل، وما زلت غير قادر على أن أفهم الآن، كيف يصطف الناس ويصفقون لهذا التقهقر الإنساني الذي تجاوز جميع الحدود في عالم الفظائع. اقرأوا بعض الكلام، أو اسمعوا البعض الآخر، فإلى أي عالم أو عصر ننتمي؟ ما هذا الذي نعرضه على أبنائنا؟ بأي عين نقول لهم إننا لا نستحق سوى التحسر على أنظمة القبضة والأصفاد والسلاسل؟ اسمعوا على ماذا ومن يترحم الناس. مَنجَم كوابيس.
نقلا عن الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- Silverbullet 0.7.6 Download For Windows PC Freeبقلم أبو العلاء المعري
- Symantec Endpoint Protection 14.3.12154.10000 Download For Windowsبقلم أبو العلاء المعري
- Pinnacle Imaging HDR Expose 3.7.0.13816 Download Free For Allبقلم أبو العلاء المعري
- Articulate Studio 13 Pro V4.11.0.0 Download Free Portable Versionبقلم أبو العلاء المعري
- DMS-Shuttle 1.4.0.130 Download For Windows (Cracked)بقلم أبو العلاء المعري
- Oasys Frew 20.0.10.0 Free Version Downloadبقلم أبو العلاء المعري
- Download Russian Visual Vocabulary Builder 1.3.1 For Windows Freeبقلم أبو العلاء المعري
- IPixSoft Video Slideshow Maker Deluxe 6.0.0 Download For Windows 11بقلم أبو العلاء المعري
- Cisdem AppCrypt 3.5.1 Download With Patchبقلم أبو العلاء المعري
- O\u0026O BlueCon 22.0.13009 2025 EXE Download Linkبقلم أبو العلاء المعري
- Digital Video Repair 3.7.1.2 (2025) EXE Downloadبقلم أبو العلاء المعري
- GBurner Virtual Drive 5.2 Offline Installer Downloadبقلم أبو العلاء المعري
- Trisun PC WorkBreak 10.1.038 (2025) EXE Downloadبقلم أبو العلاء المعري
- SysTools Excel Recovery 4.1 (2025) Download For PCبقلم أبو العلاء المعري
- Nuclear Coffee VideoGet 8.0.11.141 Download Cracked Versionبقلم أبو العلاء المعري
- Download CAD Exchanger GUI 3.24 (2025) For Windowsبقلم أبو العلاء المعري
- Microsoft Company Portal Download And Installبقلم أبو العلاء المعري
- MacOS Ventura 13.6 (22G120) Hackintosh Download 2025 Versionبقلم أبو العلاء المعري
- SysTools MBOX Attachment Extractor 4.0 (2025) Download For PCبقلم أبو العلاء المعري
- Arduino IDE 2.3.4 Download For Windows PC Freeبقلم أبو العلاء المعري
- Silverbullet 0.7.6 Download For Windows PC Free
أحدث التعليقات
- تنثن on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- Hdsh b on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح