عندما خرجت سورية إلى الوجود بعد الفترة العثمانية، كان السوريون متآلفون متحابون.
رفضوا الإحتلال ثم الإنتداب الفرنسي وقاوموه، واستقلوا بمساعدة الدول المنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية …
أثبتوا خلال الحرب القائمة أنهم لا يزالوا عاجزين عن بناء الإنسان وفهم المجتمع السياسي وبناء دولة القانون والمواطنة والكرامة الإنسانية … واشتعلت في نفوسهم كل عوارض المرض من الطائفية المقيتة، إلى المناطقية الجائرة، إلى المظلومية الإثنية، إلى نقمة الريف المهمش على المدينة شبه المهمشة، إلى عدم فهم أولوية حقوق الإنسان على الإستبداد…
الوضع اليوم لا يبشر بالخير إذ حتى لو انتصر أي فريق فالبلد خاسر ومهمش وغير قابل للإدارة. وإذا لم ينتصر أي طرف فسيبقى البلد مقسماً وفاشلاً. من هنا طرحنا مبادرة العودة إلى المجتمع لكي تعيد نخبته الأمور إلى نصابها وتعمل على معالجة أمراض المجتمع وإعادة بناء الدولة.
الإنتداب الروسي (والإيراني) قائم اليوم في مناطق الدولة، والتركي في الشمال والاميركي وحلفاؤه في الجنوب والشمال الشرقي. أما الميدان فهو جزئياً سوري مع أكثرية مساندة من العديد من الدول. بالإضافة طبعاً الى الإرهابيين القادمين من عشرات الدول على أنواعهم.
بدأت مجموعة من المثقفين تدرس هذا الواقع المهلهل وتتساءل عن كيفية العودة إلى الدولة الموحدة والإنتهاء من الإنتدابات الحالية من خلال حوار هادئ (بعيد عن العدوانية) مع اللاعبين الدوليين والإقليميين يحقق لهم الحد الأدنى من طموحاتهم، مقابل موافقتهم على إيقاف القتال ودعم العودة إلى المجتمع السوري لإنقاذ تماسك البلد وإعادة بنائه على أسس سليمة.
هذا الجهد يحتاج إلى دعم من الدولة ومن المعارضة غير التكفيرية، كما أنه يحتاج إلى الإعتراف بسورية كجزء من العالم المتحضر، بعد أن أصبح واضحاً أن العودة إلى القوى المجتمعية (مبادرة فضائل التعيين في أمم التلقين) قد يكون السبيل الوحيد لإستعادة الوطن …
أيها السوريون … الوطن ينادينا.