بعد سبعة عشرة سنة من بداية الحرب الأهلية اللبنانية ، و بعد ان ادّت المبارزة الدموية في شرق بيروت و غربها الى تدمير كل شيء، اجتمع قادة الدول في احد سراديب الامم المتحدة ، و قرروا ضمناً إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية على مبدأ لا غالب و لا مغلوب ، و أوكلت للملكة العربية السعودية مهمة ترتيب المؤتمر الدولي اللي بيضم أمراء الحرب و الطوائف في لبنان و وضعهم على طاولة واحدة لتمرير حل يرضي جميع الأطراف و يكفل إيقاف الصراع المسلّح بين الطوائف و توزيع الحصص السياسية بما يتناسب مع حجم كل طائفة و قدرتها التمثيلية، و أعطيت سوريا الاسد مهمة حماية هذا الاتفاق ..
و عاشت بيروت بثبات و نبات ، و خلّفت نتيجة هالاتفاقية حثالات و زبالات..
يحاول المجتمع الدولي اليوم تمرير اتفاق مماثل في سوريا، و تمرير حل سياسي يضمن تمثيل كل الأطراف كما يعتقدون في مستقبل القرار السوري ، و لكن ما لا يدروكوه هو :
١- لبنان كان يعيش قبل الحرب حالة بحبوحة سياسية خوّلته تمرير اتفاق سياسي ، بالوقت اللي سوريا الها خمسين سنة عايشة حالة تصحّر سياسي تحت إطار عيلة قذرة تملك قرار الحرب و السلم ، و عندها الصلاحية في فرض البحبوحة الاقتصادية او تعويم التقشّف..
٢- في لبنان تسيّست الطوائف و صارو لزاماً منتمين بشكل او بآخر تحت إطار حزب سياسي من لون طائفي واحد تستطيع ضبط ايقاعو و بالتالي التحكّم بقرار الطايفة ، بينما في سوريا هناك ثورة شعب ضد عيلة ، فإن استطعت ضبط الثورة في درعا على إيقاع اتفاق دولي ، ستفلت منك الأمور في حلب او أدلب او غيرها..
٣- في لبنان استطاع المجتمع الدولي سحب سلاح كل الطوائف و ترك السلاح بيد طائفة واحدة للعب دور الشرطي الحامي للاتفاق ، بينما في سوريا لا تستطيع فرض شرطي محلي لأسباب ديموغرافية في المقام الاول ، و لعدم ثقة المكّون السني الأكبر حجماً بطائفة علوية دمّرت كلشي في سوريا و هجّرت أهلها..
الحل السياسي في سوريا وارد ، بل وارد جداً ، و ربما لا يوجد اي حل بالمدى القريب سواه ، و لكن لضمان سريان مفعول اي حل سياسي لا بد من ازاحة عائلة الاسد عن المشهد السياسي بأي طريقة كانت ، و إعطاء ضمانات للمسلمين السنة من القتلة العلويين ، و تعويض كل مين تضرر من جميع الأطراف ، و العدالة والقصاص أولاً و ثانياً و ثالثاً و من ثم الحديث عن الحلول و الا سيكون المشهد الصومالي و الليبي صالحاً كأفلام كرتونية للأطفال مقارنةً بما سيحدث في سوريا..
مازلنا بالبداية صدقوني اذا لم تعم العدالة .. العدالة اولاً و بعدين منحكي بالمساواة..