مازلنا بالبداية صدقوني اذا لم تعم العدالة

العدالة: كريستي توماس

العدالة: كريستي توماس

بعد سبعة عشرة سنة من بداية الحرب الأهلية اللبنانية ، و بعد ان ادّت المبارزة الدموية في شرق بيروت و غربها الى تدمير كل شيء، اجتمع قادة الدول في احد سراديب الامم المتحدة ، و قرروا ضمناً إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية على مبدأ لا غالب و لا مغلوب ، و أوكلت للملكة العربية السعودية مهمة ترتيب المؤتمر الدولي اللي بيضم أمراء الحرب و الطوائف في لبنان و وضعهم على طاولة واحدة لتمرير حل يرضي جميع الأطراف و يكفل إيقاف الصراع المسلّح بين الطوائف و توزيع الحصص السياسية بما يتناسب مع حجم كل طائفة و قدرتها التمثيلية، و أعطيت سوريا الاسد مهمة حماية هذا الاتفاق ..
و عاشت بيروت بثبات و نبات ، و خلّفت نتيجة هالاتفاقية حثالات و زبالات..

يحاول المجتمع الدولي اليوم تمرير اتفاق مماثل في سوريا، و تمرير حل سياسي يضمن تمثيل كل الأطراف كما يعتقدون في مستقبل القرار السوري ، و لكن ما لا يدروكوه هو :

١- لبنان كان يعيش قبل الحرب حالة بحبوحة سياسية خوّلته تمرير اتفاق سياسي ، بالوقت اللي سوريا الها خمسين سنة عايشة حالة تصحّر سياسي تحت إطار عيلة قذرة تملك قرار الحرب و السلم ، و عندها الصلاحية في فرض البحبوحة الاقتصادية او تعويم التقشّف..

٢- في لبنان تسيّست الطوائف و صارو لزاماً منتمين بشكل او بآخر تحت إطار حزب سياسي من لون طائفي واحد تستطيع ضبط ايقاعو و بالتالي التحكّم بقرار الطايفة ، بينما في سوريا هناك ثورة شعب ضد عيلة ، فإن استطعت ضبط الثورة في درعا على إيقاع اتفاق دولي ، ستفلت منك الأمور في حلب او أدلب او غيرها..

٣- في لبنان استطاع المجتمع الدولي سحب سلاح كل الطوائف و ترك السلاح بيد طائفة واحدة للعب دور الشرطي الحامي للاتفاق ، بينما في سوريا لا تستطيع فرض شرطي محلي لأسباب ديموغرافية في المقام الاول ، و لعدم ثقة المكّون السني الأكبر حجماً بطائفة علوية دمّرت كلشي في سوريا و هجّرت أهلها..

الحل السياسي في سوريا وارد ، بل وارد جداً ، و ربما لا يوجد اي حل بالمدى القريب سواه ، و لكن لضمان سريان مفعول اي حل سياسي لا بد من ازاحة عائلة الاسد عن المشهد السياسي بأي طريقة كانت ، و إعطاء ضمانات للمسلمين السنة من القتلة العلويين ، و تعويض كل مين تضرر من جميع الأطراف ، و العدالة والقصاص أولاً و ثانياً و ثالثاً و من ثم الحديث عن الحلول و الا سيكون المشهد الصومالي و الليبي صالحاً كأفلام كرتونية للأطفال مقارنةً بما سيحدث في سوريا..

مازلنا بالبداية صدقوني اذا لم تعم العدالة .. العدالة اولاً و بعدين منحكي بالمساواة..

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.