ماذا لو انتصر الأسد ….. مقالة قديمة لمصطفى خليفة كاتب القوقعة ….
نشرها بعد قيام الثورة بعشرة أشهر ….
والآن ما هي النتائج العملية على مستوى الداخل السوري بعد انتصار النظام وانتقاله من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم ؟ وما هي الأهداف التي يبتغيها من هذا الهجوم ؟
طبعا سيبدأ النظام هجومه وتحت يده أكثر من – 300 – ألف مقاتل مدججين بأحدث الأسلحة الروسية والإيرانية , وسيسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف المتداخلة أو التي يخدم تحقيق بعضها تحقيق الأخرى , وأهم هذه الأهداف : أولا إعادة جدار الخوف والرعب إلى نفوس الشعب السوري , وثانيا الانتقام من المتظاهرين والمحتجين وكل الأطراف التي آذت النظام أو » أذلته » , وثالثا السيطرة على القرار الاقتصادي على صعيد القطاع الخاص , ورابعا تغيير التركيبة المذهبية للمجتمع السوري .
كتب مصطفى طلاس وزير الدفاع في عهد حافظ الأسد كتابا حول الصراع الذ ي دار في سوريا سنة 83 – 1984 وكان شقيق الرئيس رفعت الأسد أحد أبطاله وهوالذي كان قائدا لسرايا الدفاع والتي تحولت فيما بعد إلى الفرقة الرابعة التي يقودها الآن ماهر الأسد شقيق بشار , وسمى الكتاب ثلاثة شهور هزت سوريا , وقد أورد طلاس نصا يقول فيه : » كانت خطة رفعت كما يلي : القيام بقصف دمشق عشوائيا لإرهاب السكان وقطع أنفاسهم , وستنفذ هذا القسم من الخطة كتائب المدفعية – م . ب 21 – التي تستطيع أن تطلق – 720 – قذيفة في دقيقة وعشرين ثانية , أما هدف القصف فهو إشعار سكان العاصمة دمشق بأن القبضة التي تسلمت الحكم قبضة فولاذية , وبعد قصف المدينة تقوم مفارز المشاة من سرايا الدفاع بعملية سلب ونهب للمدينة المنكوبة , ذلك أن العميد رفعت الأسد كان قد أبلغ ضباطه وجنوده أن المدينة ستكون حلالا زلالا لهم ثلاثة أيام بلياليها مشترطا عليهم ألا يظل فقير واحد في سرايا الدفاع بعدها , فإذا طلب جندي بعدها مساعدة أو إكرامية سيقطع يده .
حينها لم يستطع رفعت تنفيذ هذا السيناريو , ولكن إذا انتصر بشار وماهر بعد هذه الاحتجاجات القوية التي كادت أن تقتلع أسرة الأسد فإن هذا هو السيناريو المتوقع , أي سوف يتم استباحة سوريا بالكامل » عدا بعض المناطق في جبال العلويين « وسيدأ في سوريا عصر جديد يمكن تسميته » عصر الشبيحة » , وسيكون أثقل وطأة على الناس من العصور المماثلة له والتي مرت سابقا مثل عصر الحرس القومي في الستينات وعصر سرايا الدفاع الذي استمر حتى 1984 , وكذلك أثقل من الاستباحات التي حدثت سابقا في حلب وحماة وبعض مناطق سوريا في بداية الثمانينات , ومن خلال الاستباحة سيحاول النظام أن يحقق عدة أهداف أهمها ترويع الناس وإخافتهم وإذلالهم عبر مداهمة البيوت والاعتقالات والنهب والسرقة – والنهب والسرقة سيكونان الحافز القوي الذي يقدمه النظام للشبيحة الذين هم في الأساس لصوص ومهربين , ومعلوم أن جزءا هاما من ثروة سوريا موجود في أيدي النساء ورقابهن على شكل حلي ذهبية , ويمكن التأكيد أن هذا الذهب سيصبح بمعظمه في حوزة الشبيحة وقياداتهم – وستتركز عمليات النهب على الأغلب في المراكز المدينية الغنية » دمشق , حلب , حمص , حماة , دير الزور ….. » وستترافق هذه المداهمات بعمليات اغتصاب ممنهجة للنساء والفتيات وخاصة في أوساط السنة بقصد الإذلال وإيصالهم إلى حالة من الإحباط واليأس , ويجدر التنويه هنا أن هذه الممارسات تحدث الآن ولكن الفرق أنها الآن ليست معممة ولا ممنهجة فهي تحدث في ظل المعركة , أما مستقبلا فسوف تتم والنظام وأعوانه مطمئنين بأن لاخوف عليهم ولا حساب .
هذه المداهمات سوف تتم من بيت لآخر كما جرى عام 1980 في مدينة حلب حيث قسمت المدينة إلى قسمين – كان عدد سكانها أكثر من 2 مليون – وجرى تفتيش حلب بيتا بيتا بحجة البحث عن أعضاء الأخوان المسلمين , وقد ترافقت تلك الحملة أيضا مع النهب والسرقة والإغتصاب وإن لم تكن معممة أو ممنهجة وجرى التعتيم عليها كما كل أحداث الثمانينات , واستباحة سوريا كلها سوف تتم تحت عنوان البحث عن المطلوبين من أفراد العصابات المسلحة والإرهابيين , وكان الرئيس السوري قد أعلن في بداية الأحداث أن هناك أكثر من -64000 – مطلوب , ثم عاد بعد فترة ليقول أن الرقم قد تضاعف عدة مرات , وبما أن الثورة السورية هي ثورة مصورة سواء من قبل الناشطين أنفسهم أم من قبل أجهزة الأمن وعملائها , وأن هذه الصور هي قيد التحليل الفني لدى الأجهزة الأمنية المختصة , فمن المتوقع أن يرتفع عدد المطلوبين إلى ما بين » 1 – 1.5 » مليون شخص , وسيكون مصير هؤلاء المطلوبين واحد من ثلاثة احتمالات : القتل أو السجن أو النفي , النفي يعني أن يستطيع المطلوب الفرار خارج سوريا هو وعائلته , ويقدر بعض الناشطين ممن شهدوا الأحداث في الثمانينات ويتابعون ما يجري حاليا أن عدد القتلى خلال السنتين الأوليتين قد يصل إلى » 200 أو 250 » ألف , سيقتلون رميا بالرصاص أو تحت التعذيب ,وعدد المعتقلين في معسكرات الاعتقال –على غرار سجن تدمر الشهير – ربما يصل إلى ضعف هذا الرقم , أما اللاجئون خارج سوريا فالرقم سيكون قريبا من المليون آخذين بعين الاعتبار أن أغلب اللاجئين سيصطحبون عائلاتهم خوفا من أن يبطش بها النظام , وستتوجه أكثر حركات اللجوء إلى تركيا ولبنان والأردن كمحطات مؤقتة ثم إلى الخليج ودوله الست , ومن يستطيع ستكون وجهته إحدى الدول الأوربية .