مابين راديكالية ( ترامب) الكهل اليميني الأمريكي، ومحافظة ( كامرون ) الرئيس الشاب الفرنسي .. في الأمم المتحدة !!!؟؟ كان التمايز بين الخطاب السياسي الأمريكي للمحافظ ( ترامب) أكثر تجديدا دوليا وشجاعة، من الخطاب السياسي الفرنسي ل ( كامرون ) الشاب المجدد ممثل الخيار الثالث ما بعد اليمين واليسار، حيث كان أكثر محافظة وتقليدية ممن يسمى يميني أمريكي ك (ترامب) ….
إن خطاب ( ترامب) وشدته الحاسمة نحو النظامين الأكثررمزية للبشاعة الشمولية عالميا ( الثيوقراكية الدينية الإيرانية، والتوتاليتارية الكورية الشمالية الستالينية، أكثر تقدما ومدنية وديموقراطية وحقوق انسانية ، من خطاب الشاب (ماكرون) الذي راهنا على دوره في أن يكون تمثيلا للقوى الجديدة في فرنسا، أي القوة الثالثة الجديدة المتجاوزة لا نقسامات الغرب التلقليدية بين ( اليمين واليسار التفليدي) …
حيث كان يمكن المراهنة على ماكرون أن يؤسس لخيار جديد بين الخيارين التقليديين المذكورين، لكن ماكرون –فيما يبدو- لم يجد سقفا أعلى تقدمية عالمية ودولية من (الديغولية التقليدية ) التي اختارت أن تكون الوسيط بين الشعوب من جهة، و أمريكا الوريث الاستعماري الجديد لفرنسا وبريطانيا من جهة أخرى …فظهرت تجديديته ، وكأنها صب لخمرته الجديدة المدلسة في دنان ديغولية عتيقة ، كأن الديغولية هي خاتمة مسار النقلانية والتنوير الفرنسي بالنسبة لرئيس شاب معروف بحبه للفلسفة …
حيث تبدو الديغولية أكثر محافظة على سيادتها وهويتهاالفرنسية تجاه الصعود الأمريكي عالميا، ولهذا فإن ماكرون قدم فرنسا في وسط الطريق بين أمريكا وكل من كوريا الشمالية وإيران ليلعب دورالوسيط المصالح بين الأطراف، لكنه يبدو أنه قد خجل من موقفه المحافظ بل والرجعي من نظام ( بشار الجزار) الذي سماه ترامب (بالحيوان )، بينما اعتبره (ماكرون ) وقتها بأنه ليس عدوا لفرنسا .. يا للعار أنه لم ير في سلوك وممارسة بيت الأسد ( بشار وأبيه ) سبة في جبين الانسانية كلها، بل وعداوة ليس لفرنسا فقط ، بل وللبشرية جمعاء …
حيث سيعود الرئيس الفرنسي الشاب –من حسن حظه- الآن محرجا أمام جذرية موقف ترامب من “الحيوانية” الأسدية بغض النظر عن ( المصداقية الإجرائية) لموقف ترامب والمواقف الأمريكية عموما التي تتناسب مع واقع قيادة أمريكا لدولة قارة تتواجد فيها كل القوميات والديانات والمذاهب ، وهي أكثر دولة في العالم تشبه في بنيتها التكوينية البشرية صورة العالم في تعددييته القومية والمذهبية، وهذا ماشكل لنا مثالا عيانيا فاقعا مؤلما عن فشل الاشتركية السوفيتية وسقوطها أمام المجتمع الأمريكي الأكثر تنوعا فسيفسائيا، دون شمولية ( التجانس العصبوي التوتاليتاري الكريه )…الذي يتعتع به ابن أبيه الأسدي (الحيوان ) ، وأصحاب الخطاب القوموي الشمولي الذين يغلفون انقساماتهم ما قبل الوطنية ( دموية –مذهبية –عرقية –طائفية ) بخطاب ( التجانس الوطني والقومي الكاذب ) لاخضاع المجتمع والأمة إلى مصلحة الطائفة ( الأسد ) أو الحزب ( العقائددي : قوموي أو إسلاموي و يساروي )…
حيث سيعترف ماكرون بأن موقفه من (بشار الجزار) عندما وصفه بأنه ليس عدوا فرضته دواعي ( بيرغماتية ) …في حين أن المتوقع أن تكون هذه البيرغماتية هي صفة للأمريكان الذين أسسوا فلسفتها بالأصل، عبر الفيلسوف الأمريكي ( هنري جيمس) …بينما يفترض أن ماكرون هو وريث (الفولتيرية ) …التي كنا نعتقد أنه كشاب هو من يعول عليه في تجديد شباب ( فرنسا الفولتيرية ) مابعد اليمين واليسار التقليديين …