مابين النصل والتنصل

rodenyخبراء التنصل يعرفون تماما ان النصل هو رأس السكين الحاد وسينحر بطونهم المنتفخة اذا تنصلوا.ولكن
يبدو ان طريق التنصل اصبحت معبدة منذ سنوات بعد اطنان الوعود التي اطلقها”اللكامة” بالكشف عن الفساد والمفسدين.
هذا الطريق ايها السيدات والسادة ذو مسارين،الاول مخصص لذوي القربى الذين ينعمون بالدولارات ويلجأون الى لعبة جر الحبل في القنوات الفضائية لتسلية الشعب وتزويده بخبرة حل الكلمات المتقاطعة،والثاني يسير فيه من له خبرة عريقة بالاستهتار بعقول هؤلاء المواطنين الذين سقط على افواه بعضهم “حبة الزهر” وهي الحبة التي يستعملها الصيادون العراقيون ايام زمان في صيد الاسماك ويجعلوها “تدوخ” وتخور قواها حتى يسهل القبض عليها.
ذات يوم وعد رئيس هيئة النزاهة حسن الياسري العتبة الحسينية بالكشف عن اسماء اكبر المسؤولين الفاسدين بالدولة وقبله انهارت كما مطر بغداد وعود من يدعي بانه سيكشف عن اسماء الفاسدين،وظلت هذه الوعود وطيلة السنوات العشر الماضية مثل (حجيك مطر صيف).
واصحاب الوعود كما يقسمهم اسماعيل ياسين الى قسمين،الاول يخاف على خبزته ويردد دائما (انا شعلية نارهم تاكل حطبهم)،والثاني يريد ان يظهر بمظهر البطل الوطني الغيور على شعبه وما درى انه لايتعدى ان يكون تمثالا في متحف الشمع.
يقول البعض ان السرقات والتدليس المالي بدأ اول ما بدأ في مجلس الوزراء ثم استشرى كالطاعون بين المدراء العامين ثم انتقل بقدرة قادر الى معاونيهم ثم فراشيهم.
لاأحد يعرف حتى هذه اللحظة ماذا يفعل (جنابات) اعضاء البرلمان الذين يعرفون تماما من هو الفاسد ومن هو السارق ومن هو المواطن الكذاب ومن هو الغيور على دولارات شعبه،ومع هذا فهم صامتون مثل ابو الهول.
لماذا يحدث ذلك؟ ببساطة شديدة جدا هناك استغفال كبير لهذا الشعب،ارادوا استغفاله ونجحوا في ذلك وعاملوه كما يعامل الطفل الذي يبكي ويسكتوه بلعبة متحركة،وحين تنكسر ويبكي مرة اخرى يقدمون له لعبة اخرى وهكذا خصوصا وان السوق العراقي يعج بالالعاب والحامض حلو.
لقد بز المسؤولون الاشاوس كل القواعد اللصوصية المتعارف عليها في كل العالم ونجحوا في ان يقدموا نموذجا واضحا وبسيطا في كيفية السرقة وطرق اتباعها ولايهم بعد ذلك ان وجد الدليل او لا،ولعل الفضيحة الاخيرة في اختفاء 10 مليار دولار من احتياطي البنك المركزي دليل مضاف.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.