لم نفهم معنى هذه الهدية المجانية التي تقدمها السعودية في مؤتمر (توحيد المعارضة)…. الذي لن يكون توحيدا سوى حول بقاء الأسد!!
حاولنا كمثقفين وطنيين سوريين أن نتجنب أي سوء تفاهم بيننا وبين النظامين الصديقين الأهم للثورة السورية، عربيا وإسلاميا، وهما نظام المملكة السعودية عربيا، والنظام التركي ( العدالة والتنمية ) إسلاميا بوصفهما النظامين الأكثر مصداقية في دعم الثورة السورية، إن لم يكن من منظور ديموقراطي شعبي يؤيد الثورات الشعبية الديموقراطية للربيع العربي ، فعلى الأقل من منظور اقليمي تشكل الأسدية تهديدا لأمنهما القومي كقاعدة طائفية للاستعمار والتوسع والهيمنة الإيرانية …
منذ خمسة شهور ونحن نتلقى اتصالات من أصدقاء سوريين معارضين محسوبين ( وشائجيا ) على السعودية، لمناقشة مشاركتنا في المؤتمر المدعو له للمعارضة السورية في الرياض رغم أني لا أحسب نفسي على المعارضة بل على الثورة السورية، وكان رسولهم (السوري الوشائجي) يعتبر أن حضور المؤتمر هو مكافأة سياسية وقيمة لمن يحضره، دون أي اهتمام برأيك في تقويم مثل هذا المؤتمر الذي ينظر له كقيمة في ذاته …فكنا نتحفظ في ابداء الرأي ( سلبا أو إيجابا )، بانتظار الجهة الرسمية السعودية التي يفترض أنها ستدعو، والتي يفترض عندها أن نبدي أمامها رأينا سلبا أم إيجابا بهكذا مؤتمر ..وهذا لم يحدث حتى الآن ولا أظنه سيحدث .!!.
اتصلت بي وكالة الاذاعة السعودية في الرياض لتسجيل حديث حول هذا الموضوع (قبل بثه ) إعلاميا على إذاعة الرياض ..فلم أرد ان أفضي برأيي كاملا بشكل علني على الاعلام الرسمي …لكني وضعت عنوانا واحدا لأي حل سياسي ، بأنه لا قيمة لأي مؤتمر ولا لبنوده وتفاصيله إذا لم يبدأ، بما بعد الأسد …وغير ذلك فكله هراء ….سيما بعد أن عرفنا الكثيرين من الأسماء المشاركة التي لا تحمل أية قيمة اعتبارية لذاتها أو شعبها لكي تضع هذا الشرط، فهي لا تمثل شعبها بل ولا تمثل ذاتها ، بل تمثل من اختارها من القوى الدولية التي تجمع اليوم على توحيد موقف المعارضة مع النظام لقتال داعش وتعويم الأسد …!!!
وقد وضحت في حواري مع إذاعة الرياض بأنه لا يمكن أبل ولا ينبغي المشاركة في أي لقاء حواري دولي أو اقليمي إذا كان لا ينطلق من هذه البديهية، وهي بديهية أننا لا يمكن أن نسمح لأنفسنا وطنيا وأخلاقيا أن نتحاور حول أية تسوية أو أي حل سياسي في ظل الاعتراف بشرعية الحاكم (الأسدي) الذي قتل مئات الألاف من الشعب السوري ، حيث يبلغ الملايين قتلا وسحلا وتهجيرا، واي قبول لذلك هو خيانة ليس بالمعنى الأخلاقي لدم وارواح الشعب، بل وخيانة موصفة لسوريا كشعب وكيان ووطن ، وكنا نريد أن نبلغ في هذا الحوار هذا الموقف للطرف السعودي مباشرة لتحذيره …لكن السعوديين لم يفعلوا باجراء هذا التواصل مباشرة، وظلوا يعتمدون على ( ممثليهم الوشائجيين …اي الأقرباء السوريين قبليا !!! ) الذين نكن لهم كل محبة واحترام مع ذلك…..
كل الوضع الدولي أمميا (ديمستورا ) ومن ثم (أمريكيا وفرنسيا وألمانيا …….) يسير باتجاه المصالحة وقبول الأسدية وضمها وادراجها فيما يسمونه بالمعركة ضد ارهاب داعش ، بل ويدعوننا إلى تصديق كذبة النظام الأسدي ووليه الإيراني بأن ذبح الشعب السوري ودمار سوريا كان نتاج معركة الأسدية الإيرانية مع داعش ، حيث يريدون توحيدنا للقتال تحت الراية الأسدية في مواجهة داعش الاختراع البعثي الأسدي العراقي –الإيراني –الروسي – أمريكي للقتال إلى جانب الأسدية والولايتية الإيرانية لحماية النظام الأسدي الطائفي الذي لا يزال مرغوبا دوليا كنظام أقلوي معادي لشعبه، وفق منظومة فلسفة الاستعمار الكولونيالي القديم (سايكس بيكو ) الذي تؤسس عليه أمريكا فلسفة (الفوضى الخلاقة ) لتدميره ،أي تدمير ستاتيكو ( سايكس بيكو ) ، وإقامة نظام أقلوي (طائفي شيعي إيراني) يستخدم كفتيل في اشعال حروب طائفية مستمرة لاستكمال حرب الألف الثانية (من ثارات الحسين ) مع العالم (الملياري السني )، حيث يبقى الجميع ولمئات السنين بحاجة للسلاح الأمريكي للاقتتال بين السنة والشيعة …عبر تجديد دائم لـ (ابن العلقمي ) الشيعي الأقلوي الذي يعتبر أن تحرره من مظلوميته الطائفية الشيعية ستبقى على مدار الزمن السرمدي مع أهل (السنة ) النواصب … الذين لم يخلقهم الله إلا لظلم الشيعة وفق التشجيع الأمريكي لإيران …!!!
والسؤال الأخير للأخوة السعوديين …ما هي مصلحة المملكة في اضفاء المشروعية على الكذبة الدولية، في أن الحرب الأسدية الطائفية ضد الشعب السوري ، هي حرب بين سلطة ومعارضة يجب توحيدها على قبول المرحلة الانتقالية بقيادة (ابن العلقمي الأسدي) بوصفه جزءا من الحل، وليس هو نواة الشر (الطائفية العسكرية والأمنية) العميلة لإيران وروسيا في استكمال مشروع الهيمنة على العالم العربي والاسلامي الأكثري (السني) بغطاء أمريكي قد يكون مؤقتا أو مديدا …فعلم ذلك عند شركات الاحتكارات العسكرية الأمريكية العملاقة وحدها التي تأمر الجميع بما فيها رئيسها الأمريكي الملون الذي يستخدم لونه لالتهام الجميع ديموقراطيا (البيض والسود معا ) كي تسوق الجميع إلى حرب الجميع، سيما بعد اطلاق هذا الكلب الروسي المسعور (بوتين) لكي يحارب عند الأمريكان باسم أوهامه الشيزوفرينية عن ممكنات تحويل (قزميته السياسية والاقتصادية ) إلى عملقة عسكرية وبرعاية أمريكية وفق حنون بارانويا تعملقه …
الأخوة في السعودية …المارد السوري خرج من القمقم ولن يعود إلى قيوده وسلاسله ، فكل هذه التضحيات العظيمة والجليلة جلالة الشهادة والحرية والكرامة ، لن يوقفها ( خصيان ) معروضون بسوق النخاسة للبيع لا يخجلون من عار بيع أنفسهم لمن يدفع أكثر أسديا أو إيرانيا أو روسيا …ولن يكون جسد سوريا الوطن والتاريخ والكيان مادة للمساومة في أيدي هؤلاء الخصيان والعيارين الذين لا يترددون أن يكون في صفوفهم المعارضة علوج (كرد أتراك كالبي كيكي ) يحتلون أرضا سورية بالتعاون مع النظام الأسدي، وغيرهم من عناصر المخابرات الروسية والإيرانية بل والأسدية بوصفهم معارضين مدعويين لضيافتكم، لكي يكونوا طرفا وهميا في مسرحية ( حوار النظام الأسدي مع نفسه على خشبة المرايا المتجاورة والمتعاكسة بوصفهم كومبارس لا يملكون حتى تمثيل نفوسهم الجوف …
كفى إن الشعب السوري قد دفع دماء كافية ثمنا لحريته وكرامته … وقد برهن أنه لا حدود لقدراته على التضحيات في سبيل حريته …