مؤتمر السلام كانت غايته تعرية النظام أمام المجتمع الدولي
برهان غليون لـ’العرب’: لم نتوقع اختراقات كبيرة في جنيف2، ورعاة المؤتمر أنفسهم لم يكن عندهم وهم في إمكان التوصل إلى حل سياسي.
العرب ::[نُشر في 02/02/2014، العدد: 9457، ص(4)]
غليون: حاولنا وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته
جنيف – لم تسعف لسعات البرد القارسة في المدينة السويسرية وفدي الحكومة السورية والمعارضة، الذين اجتمعوا على مدار أسبوع في مقرّ الأمم المتحدة في جنيف، في حلحلة جبل الجليد الذي يفصل بينهما. فانفضّ كل فريق في اتجاه، على أن يعودا إلى جلسة ثانية في 10 شباط المقبل.
وحول الأسباب التي حالت دون تقدم ملموس في المؤتمر والخطوات المزمع اتخاذها من قبل المعارضة كان لـ “العرب” لقاء مطول في جنيف مع برهان غليون عضو وفد المعارضة السورية في جنيف2.
أقر عضو الائتلاف السوري برهان غليون بأنّ وفد المعارضة لم يكن “هدفه تحقيق اختراقات كبيرة” في جنيف2 وإنما الغاية كانت “بأن نضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، ولنبرهن له أنّ هناك نظاما لا يزال يقتل شعبه بالبراميل المتفجّرة”.
واعتبر غليون أن “رعاة المؤتمر أنفسهم لم يكن عندهم وهم في إمكان التوصل إلى حل سياسي في جنيف 2″.
ويذكّر المعارض السوري بأنّه منذ ثلاث سنوات” لم يكن في الإمكان أن يقبل النظام بأي حل سياسي، واليوم يترتب على المعارضة دفع المجتمع الدولي إلى الاستمرار في دعم القضية السورية وزيادة دعم الجيش السوري الحرّ حتى نتمكن من تعزيز مقاومتنا لحكم الفاشية والاستبداد”.
ولا ينكر غليون أنّ الوضع الميداني يختلف، اليوم، عما كان عليه عند إقرار بيان جنيف 1 في حزيران 2013، ولميزان القوى الداخلي الدور الأساسي في ذلك، غير أنّه يعتبر أنّه “قد يمكن أن يكون لهذا الكلام قيمة لو ذهبوا إلى مفاوضات منفردة مع النظام، لكنهم، أي المعارضة، في المقابل سلكوا مسار التفاوض المباشر والمستقل ضمن الإطار الدولي، مع التأكيد أنّ ميزان القوى لا يميل حالياً لمصلحة النظام، وهو ما سيمكّن المعارضة من إقرار مطلبها بتشكيل هيئة حكم انتقالية”. ويؤكّد غليون أنّ المعارضة “لم تخسر شيئا في الميدان، فالثورة سلبت النظام جبروته، ثلثي الأراضي السورية خرجت عن سيطرته، مؤسسات النظام دمرت، حتى قوى الأمن والجيش ليست على مستوى عال من الجهوزية ما اضطره للاستعانة بميليشيات تساعده في القتال”. ويتابع: “نحن جئنا إلى هنا، ودخلنا المفاوضات في إطار مساعي الأمم المتحدة ودعمها للتوصل إلى حل سياسي، في حين أنّ النظام السوري يواجه الجيش الحرّ ويقف لوحده في مواجهة الشرعية الدولية. المجتمع الدولي تخاذل عن تقديم الدعم العسكري، فأراد ان يعوّض عن ذلك بدفع مسيرة حل سياسي، أطلق عليه مؤتمر جنيف 2، الذي يسعى إلى التوصل إلى هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات”، على حد تعبيره.
ويعتبر غليون أنّ “النظام يدرك أنّه وضع نفسه في مأزق، وهو في حالة من الضياع والشعور بالضعف مما دفعه إلى تصعيد حملة القتل العشوائي”.
وفي ظل دعم المجتمع الدولي لحل سياسي جوهره انتقال السلطة، قال المعارضة السوري “هذا يعني إنهاء النظام وفتح الباب أمام تفاهم وطني على سوريا ديمقراطية، فنحن نفاوض على إنهائه”.
وإذا ما رفض النظام القبول بالحل السياسي، يشير غليون إلى أنّ المعارضة والجيش الحر سيستخدمان الأوراق الأخرى التي في حوزتهما، فعلى سبيل المثال، يمكن الرجوع إلى قرار مجلس الأمن 2118 في الفقرة 21، التي تنص أنّه عندما يعرقل أي طرف الحل السياسي، يتحرك مجلس الأمن، ويقوم باستصدار قرار تحت الفصل السابع.
ويقول غليون في ذلك: “المجتمع الدولي ألزم نفسه باستصدار قرار آخر ليؤكد أنّه ملتزم بحل الأزمة السورية، ولا أتصور أنّ روسيا ستستخدم الفيتو ضد هذا القرار إذا كانت تريد الحل، فضلاً عن أنّه لا يربطها ببشار الأسد زواج كاثوليكي”.
غير أنّه لجعل روسيا تعدّل موقفها، “المطلوب من المعارضة تعزيز مصداقيتها وتوسيع إطارها، وزيادة قدرات مقاتليها على الأرض، أظن حينها أنّ الموقف الروسي سيتغيّر”. ويقلل غليون من المخاوف التي عبرّ عنها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بأنّه من سيحمي سوريا من الانهيار بعد الأسد، ويؤكّد غليون” أنّ الشعب السوري هو الضمانة لذلك”.
ويقول: “حتى نخرج من الأزمة يتعيّن تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، تضمّ كافة أطياف الشعب السوري، والتعاون مع كل من لم تتلطخ أيديهم بالدماء، باستثناء عائلة الأسد”. ويشدد على أنّ المعارضة تتمسك بـ”تشكيل هيئة انتقالية، وترى فيها المفتاح الذي سيوقف الحرب وسيتيح فرصة إعادة بناء المؤسسات.
في موازاة ذلك، لا يعتبر غليون أنّ إعلان واشنطن تسليح المعارضة السورية وسط انخراط طرفي النزاع في المفاوضات يتعارض مع جوهر جنيف 2. ويقول: “هناك اتفاق أولي على أنّ الدخول في مسار سياسي لا يمنع الاستمرار في المسار العسكري، وهذا منطق جنيف 2″. وبخلاف بيان جنيف 1 الذي يدعو في البداية إلى وقف إطلاق النار قبل الشروع في بحث بنود الحل السياسي، “جاء جنيف 2 ليقلب المقاييس، مشترطاً تشكيل هيئة حكم انتقالية لوقف إطلاق النار”، في نظر غليون.
ويوضح أنّه “لجنيف مساران، مسار سياسي وآخر عسكري، يسيران بشكل متواز، وأهمية ذلك تكمن في أنّه إذا رفض أحد الأطراف العمل الجدي في المسار السياسي، سيتم اللجوء إلى المسار العسكري، من خلال دعم مقاتلي المعارضة، وهذا ما حصل”.
أمّا في ما يخص استبعاد إيران عن جنيف 2 وانعكاساته، يقول غليون: “رفضنا مشاركة إيران في جنيف 2 لعدم قبولها لإطار بيان جنيف 1 أساساً للحل، وقد نعيد النظر في ذلك لأننا ندرك أنّ الجمهورية الإسلامية هي شريك أساسي في الحرب، وبالتالي تسهيل الحل يتطلّب وجودها، لكنّ إشراكها في المفاوضات يقتضي قبولها بأرضية بيان جينف”.
ويختم حديثه بنفي الأنباء التي تحدثت عن لقاءات عقدت بشكل سري وجمعت ممثلين عن المعارضة السورية والنظام بحضور مسؤولين أميركيين وروس وإيرانيين وبرعاية سويسرية في مدينة برن.