هل هناك أفظع من صور 11 ألف شخص قتلوا تحت أسوأ أنواع التعذيب؟ قد تقول: نعم. إنه تعليق الناطقة الرسمية الإيرانية بأن نشر هذه الصور الآن أمر مشبوه. إذن، ليست الصور هي المشبوهة، بل نشرها عشية مؤتمر جنيف! وقد تقول: إنه الموقف الروسي؛ إذ لم يكن لدى سيرغي لافروف سوى القول: فلنترك هذه المسألة الآن ونتقدم إلى المستقبل. وفي أي حال، عندما يتعلق الأمر بقضية إنسانية، مهما كان حجمها، فإن أي موقف روسي لم يعد مفاجئا، والسيد لافروف صار رتيبا في بلادته.
وقد تقول إنه الغرب المنصرف إلى قضية شديدة الأهمية.. هي توسيع دائرة الأرشيف في الأمم المتحدة لكي لا تفوته صورة واحدة! ولكن اسمح لي أن أقول لك ما الفظاعة التي لا تصدَّق: أن دوائر التعذيب والقتل في سوريا لا تكتفي بتجريد الأرواح من أجسادها بهذه الطريقة، بل ترسل مصورا خاصا، (أو متخصصا)، يلتقط صور الجحيم ويطبعها ويحفظها، كأنه يصور عرسا أو مهرجانا.
فرّ المصور العسكري بصوره إلى مكان مجهول، ولا نعرف كيف يأتيه النوم أو كيف التقط، مع زملائه، 55 ألف صورة من متاحف الجحيم. أما الذين ارتكبوا تلك الأعمال فلا شك أنهم ينامون بلا أرق.. سيرغي لافروف ينام.. مجلس الأمن ينام.. والأسرة الدولية ذاهبة إلى دورة الألعاب الشتوية في سوتشي، أحد إنجازات بوتين الكبرى.
أدت الولايات المتحدة واجبها كاملا: لن يموت سوري واحد بالغاز الكيماوي بعد الآن.. 1600 عدد يكفي ويزيد. الموت بالمجاعة والبراميل وطائرات بوتين السوداء، لا يشكل خرقا للقوانين والمواثيق الدولية.
هذا عالم مزيف.. تَنكي.. شغل تايوان.. تجليط.. أونطة. ما معنى المجيء إلى سويسرا بدعوة من الأمم المتحدة ما دام مجلس الأمن مغلقا؟ عَلامَ سيتحاورون إذا لم يكن في الإمكان الحصول على جملة روسية واحدة واضحة ونهائية؟ ما الذي سيغيَّر اليوم ما لم يغيَّر بالأمس.. «المرونة» الإيرانية، أم «الحزم» الأميركي، أم «الوضوح» الأوروبي؟
من أجل إرسال بضعة أرغفة إلى مخيم اليرموك استمرت المحادثات بضعة أشهر.. فعلى ماذا سيفاوضون في جنيف؟ على المأساة الإنسانية التي لم يعرف لها العالم العربي مثيلا في جميع حروبه وكل سلامه؟ من يمثِّل 10 ملايين نازح وعشرات آلاف المعذبين والمشردين والمهانين وآلاف أطنان الركام والخراب والدموع، و«جنيف اثنان» غير قادر على تفسير «جنيف واحد»، وبان كي مون لا يعرف تماما أسماء مدعويه؟ مهرجان دعوات وسحوبات وتفسيرات وتجليطات، فيما مجلس الأمن مغلق، والقطب الجليدي الروسي همومه في سوتشي.. المهم الدقة في إحصاء الموتى والقتلى وضحايا المجاعات. انتظروا التقرير الدولي المقبل.
منقول عن الشرق الاوسط