معتقلات تحفيظ القرآن
بعثت اليّ والدتي مقطع فيديو صغير وانا بالصف السّادس ابتدائي اثناء تكريمي لحفل تخريج حفظة كتاب الله بجامع الحيّ في بريدة وكنت ارتّل القرآن كالشيخ علي الحذيفي امام الحرم النبوي.طبعاً انا لستُ حافظاً للقرآن بأكملة بل كنت حافظاً لخمسة اجزاء وهذا كان الحد الأدنى لدخول المسابقة بحفظ القرآن، امّي تبعث الفيديو لأخوانها واخواتها بالواتس آب تتباهى بي وانا صغيراً.لا تعلم امّي انّ حفظ الخمسة اجزاء كانت بمشقّة وعدم رغبة منّي وضيق فظيع يتلبسني وانا اجلس بحلقة التحفيظ بالمسجد.لكن اجبارهم ان ادخل حلقات التحفيظ جعلني احفظ الخمسة اجزاء رغماً عني بمكافأة مجزية مُشجّعة.
استوقفتني السورة التي كنت اقرأها وهي سورة (المجادلة). يا جماعة وانا انصت مستمعاً لقراءتي كنت اضحك. اسألكم بكل ما هو مقدس لكم . اقرأوا سورة المجادلة الآن.
ستجد ان السورة كغيرها لا يوجد بها ترابط بين الآيات.فهو يتحدث عن شيء بالغرب ثم من غير ان تدري تجد انك دخلت موضوع آخر بالشرق.
تخيل اني اسرد عليكم موضوع عن التمويل وهامش الربح واثناء حديثي معكم ايها الحضور والمستمعين اتكلم عن غدائي ثم اذا انتهيت اقفز بدون اي مقدمات اسرد لكم قصة شراء سيارة وهكذا .اظن انني لو تحدثت بهذا الأسلوب سأنعرّض للفصل وانهاء خدماتي وسوف يضحكون عليّ!.
بسورة المجادلة كان يتحدث أولاّ عن الذي يجادل زوجته ويحرمها على نفسه كأن يقول انتِ عليّ كظهر أمّي .ثم فجأة بدون مقدّمات يتحدث عن الذين يحادون الله ورسوله وهي اية لا ترتبط بسابقتها.ثم يأتيك يتحدث عن ان الله يعلم مافي السموات والارض ، والتي بعدها يتحدث عن النجوى والتناجي بين المسلمين، ثم يقفز فقزة بهلوانيّة ويأمر المسلمين ان يفسحوا بالمجالس وبعدها يهبط بنا من القفزات البهلوانية ويأمرهم ان جاءوا للرسول ان يقدموا الصدفات بين يديه اذا ناجوا الرسول!
مافيه اي ترابط! هذا الكتاب فاشل وركيك رغم ان بعض النصوص تعجبني بلاغتها وهو امر طبيعي كإعجابي بنص ادبي مع فارق التشبيه والاعتذار للنصوص الأدبيّة الراقية في ادبنا العربي (لاميّة الشنفري تسوى نصوص هذا الكتاب وبلاغتها تفوق القرآن!). الايمان بهذا الكتاب يجعله مقدّساً والمؤمن من الإستحاله يرى الخطأ بالمقدّس.
لو أنّهم قرأوه بدون سابق تقديس وانه منزلاً من الإله لرأوا عيوبه وتناقضاته وركاكة الكثير من نصوصه وعدم ترابط السرد في النصوص.
