يحمل الأميركيون في معتقداتهم الاجتماعية نظرة سلبية لزواج الأقارب، بل إن قوانين بعض الولايات تمنع هذا النوع من الزواج.
ويعتقد كثير من الأميركيين أن أبناء العم أو الخال هم بمثابة إخوة إذ تجمعهم علاقة مودة أخوية غالبا ما تعود إلى الطفولة. ويخشى هؤلاء أيضا من التداعيات الصحية لهذا الزواج.
سر نظرة المجتمع
من أبرز الأسباب التي تجعل الزواج بين أبناء العم أو الخال من محرمات المجتمع الأميركي، الأمراض التي قد تنتج عن مثل هذه العلاقات وتظهر في الأبناء.
ويقول أستاذ اللغة العربية في جامعة جورج ميسون نتانيال غرينبورغ في حديث لـ”موقع الحرة” إن منع هذا النوع من الزواج يرجع إلى أسباب طبية بالدرجة الأولى. فالأميركيون يتعلمون منذ الصغر أن العلاقات الجنسية والزواج بين الأقارب
(inbreeding)
قد تؤدي إلى أمراض خطيرة أو تشوهات خلقية ونفسية لدى الأطفال.
ويضيف غرينبورغ أن نعت شخص بكلمة
“inbred”
(ولد لأبوين تجمعهما صلة قرابة) في الثقافة الأميركية يعني أن ذلك الشخص “غير مؤهل عقليا”. ويستخدم الأطفال هذه الكلمة بقصد توجيه الإهانة.
ويبين غرينبورغ أن منع العلاقات الجنسية بين الأقارب مثلا بين الأخت والأخ
(incest)،
ساهمت في نشر النظرة السلبية لزواج أبناء العم والخال.
ويُفضل الزواج من الأقارب في مناطق كثيرة من العالم، بما فيها الشرق الأوسط من أجل الحفاظ على ثروة الأسرة بين أفرادها، بينما يؤمن المجتمع الأميركي في المقابل بأن “كل شخص يكوّن نفسه بنفسه”، و”بمجرد بلوغه 18 عاما يغادر منزل الأسرة”.
وبالتالي فإن زواج أبناء العم والخال من منظور المجتمع الأميركي “ليس مدمرا من الناحية البيولوجية فحسب، بل من الناحية الثقافية أيضا، لأن الثقافة الأميركية تسعى إلى كسر جدران العائلة وتقوية العلاقات داخل المجتمع”.
و”من الممكن القول إن وحدة الأسرة الأميركية قد تكون أضعف نتيجة لهذا التقليد”، أو أن “التقليد قد يجعل الأسرة أكثر تماسكا لأن الأبناء يكون عليهم الاختيار كأفراد مستقلين نسبة الارتباط الذي يريدونه مع عائلاتهم”.
“عملية تكييف منذ الصغر”
وتروي ميشال سكوت موظفة سابقة في المجال التقني بمكتب التحقيقات الفدرالي، أنها عندما كانت صغيرة قيل لها إن الزواج من أبناء العم أو الخال ممنوع، وإن ذلك إن حدث سيؤدي إلى نبذها.
وترى سكوت أن النظرة السلبية الأميركية للعلاقة تم تمريرها من جيل لآخر من خلال ما وصفته بـ”عملية تكييف منذ الصغر”.
وتتابع في حديث لـ”موقع الحرة” أن القوانين مختلفة من ولاية لأخرى إلا في حال كان الشخصان الراغبان في الزواج عقيمين أو تجاوزا الـ55 من العمر، أو أجريا استشارة جينية أثبتت عدم وجود مخاطر على أطفال المستقبل.
ويتزوج كثير من الأميركيين الذين ينتمون إلى الطبقات الفقيرة أو الذين يسكنون في مناطق ريفية معزولة، من أقاربهم لأن العائلات في تلك المناطق تشكل مجتمعات صغيرة وتضطر للتزاوج فيما بينها.
جريمة في عدة ولايات
وتمنع 24 ولاية زواج الأقارب، لكن تلك القوانين تعود على الأرجح إلى عقود عديدة عندما خاضت الكنيسة الكاثوليكية حملة ضد هذا النوع من الزواج، وفق شبكة “ايه بي سي نيوز” وذكرت الشبكة أن الولايات المتحدة تعد البلد الغربي الوحيد الذي لا تزال فيه هذه القوانين قائمة.
الحرب الأهلية وقرارات المنع
ويعود منع زواج الأقارب وفقا لبحث نشره موقع جورنال بلوز بيولوجي، إلى فترة الحرب الأهلية الأميركية (1861-1865) والمرحلة التي تبعتها، حين سعت الدولة إلى فرض سلطتها على جوانب من حياة المواطنين كانت تعتبر خاصة قبل ذلك.
وتم اعتماد أول قانون يحظر هذا الزواج في 1858 في كل من كانساس ونيفادا ونورث داكوتا وساوث داكوتا وواشنطن ونيوهامشر وأوهايو ووايومينغ. ثم تبعتها ولايات أخرى في الاتجاه ذاته.
وبحسب البحث فإن زواج الأقارب، خلافا لما كان سائدا في أوروبا خلال تلك الفترة حول زواج أبناء العم أو الخال الذي كان منتشرا بين الأرستوقراطيين، ارتبط في أميركا بالمناطق الريفية الفقيرة والمهاجرين.
وكانت تكساس آخر ولاية تعتمد قانون منع هذا النوع من الزواج في عام 2005.
موقع الحرة
بديعة منصوري