شامل عبد العزيز
الشجاعة هي أن تجازف بقول ما لا يعجب الآخرين .. ( أحلام مستغانمي ) ..
في كتابه لعبة الأمم يقول ( مايلز كوبلاند ) ص 79 :
إنّ الشرط اللازم لبقاء أيّ حاكم أو مجموعة حكام مثل حكومة الأقلية في السلطة في سوريا ( وغيرها من دولنا البائسة ) واستمرار تقدمه في مجال البناء والإصلاح هو أن ييظهر بمظهر يستحيل القول معه أنه صنيعة لنّا وأن يتصرف بطريقة لا تظهر أي إنسجام مع أذواقنا وميولنا وباختصار فإن مساندتنا لأيّ زعيم للوصول إلى سدة الحكم والبقاء هناك حتى يحقق لنا بعض المصالح التي نريدها لا بدّ أن ترتطم بالحقيقة القاسية وهي أنه لا بدّ من توجيه بعض الاساءات لنا حتى يتمكن من المحافظة على السلطة ويضمن استمرارها ( انتهى ) ..
إذن هذه هي حقيقة حكامنا وهذه الحقيقة يؤمن بها من يؤيد هؤلاء الحكام برفع شعارات زائفة وبذلك يتم تضليل الشعوب وجعلها تعيش في أوهام تبدأ ولا تنتهي .
دائماً ما نقرأ في بيتنا الثاني – الحوار المتمدّن – مواضيع تتعلق بالقضية الفلسطينية ومنذ قرار التقسيم وقبوله من طرف ورفضه من طرف آخر وهناك من يعتبر أن إسرائيل هي السبب الرئيسي في كل ما يحدث ومنذ أكثر من 60 عاماً ..
نحن الملائكة فقط على وجه الأرض ولا يوجد ملائكة في العالم الآخر ..
إقامة دولة إسرائيل مشروع صهيوني يقول أحدهم – إسرائيل دولة يهودية وعنصرية يقول آخر .. نحن أصحاب الأرض المقدّسة وهؤلاء الصهاينة عبارة عن شتات من بقاع الأرض جاءوا ليغتصبوا حقنا الشرعي تقول سيدة ,, ولو أردنا أن نستمر بما يقوله بعض الكُتّاب ومعهم بعض المعلقين لما توقفنا عند حد معين ولكن سنكتفي بهذه الأقوال التي نقرأها كل يوم ويرددها البعض دون وعي ودون فهم والأنكى هو من يخالف هؤلاء السذج يكون في خانة الصهيونية والامبريالية والموساد ..
لا جديد يذكر بل قديم يعاد حول مسألة اعتبرناها في أدبياتنا هي – القضية المركزية – ولكن واقع الحال يقول أن تلك القضية كانت مجرّد شعار لا يمت للواقع بصلة استغل ذلك الشعار حكام البلاد العربية ومعهم ( نخبة ) لا زالت تعيش في القرون الماضية وترفع شعارات بائسة لم تقدم لبلادها سوى ( شعارات ) زائفة باسم التحرر والعدالة وهي أبعد ما تكون عن ذلك ..
عليهم أن يحرروا أنفسهم قبل تحرير فلسطين ..
قرار التقسيم معروف للجميع ولا نريد الخوض في من هي الدول التي وافقت عليه ومن هي الأطراف التي رفضته ومن هي التي أيدته فهذا موضوع معاد ومكرر ..
الفرق بين عام 1948 وثورة مصر 1952 ( الضباط الأحرار ) 4 سنوات فقط ..
بالنسبة لكلمة ( الضباط الأحرار ) وهذا رأيي أيضاً سوف انقل لكم ما قاله أول رئيس مصري بعد الثورة ألاّ وهو محمد نجيب في كتابه ( كنت رئيساً لمصر ) ثم نعود للقضية الفلسطينية وإسرائيل :
( إنّ أول من اطلق عبارة الضباط الأحرار على التنظيم الذي أسسه جمال عبد الناصر هو محمد نجيب ) …
فماذا يقول محمد نجيب نفسه عن ( الضباط الأحرار ) بعد نجاحهم واستلامهم الحكم :
( أنا الآن اعتذر عن هذه التسمية لأنها لم تكن اسماً على مسمى فهؤلاء لم يكونوا أحراراً وإنما كانوا أشراراً وكان أغلبهم كما اكتشفتُ فيما بعد من المنحرفين أخلاقياً واجتماعياً ولأنهم كانوا في حاجة إلى قائد كبير ليس في الرتبة فقط وإنما في الأخلاق أيضاً حتى يتواروا وراءه ويتحركوا من خلاله وكنتُ أنا هذا الرجل للأسف الشديد ) ..
منذ عهد عبد الناصر ( بطل الاشتراكية العربية كما يحلو للبعض أن يسميه ) ولغاية صدام حسين ( بطل العروبة والتحرير القومي ) والقضية الفلسطينية تزداد سوءاً ولا ننسى الأسد وابنه وحركات المقاومة كما يسمونها ومن يؤيدهم من اهل الشعارات البائسة بحجج واهية لم تعد تنطلي على أحد … يا لبؤس هؤلاء ويا للعار حتى أنهم لا يخجلون من انفسهم وكما قيل قديماً ( إن لم تستحي فأصنع ما تشاء ) أو قل ما تشاء …
لن أذهب إلى نسبة الأراضي وكم كانت لهذا الجانب أو ذاك ولا تصريحات كبير المفاوضين ياسر عريقات ولا أوسلو ولا أي حدث جرى بعد عام 1948 ولكن سوف اكتفي معكم بما قاله أول رئيس مصري في كتابه وتحديداً في ص 336 :
( كانت إسرائيل مستعدة أن تعيش كدولة صغيرة وسط جيران كبار لكننا لم نكن مستعدين لذلك وأيضاً لم نكن نسعى جدياً إلى تحرير فلسطين فقد كان شعار تحرير فلسطين وإزالة إسرائيل شعاراً رفعته الحكومات العربية للاستهلاك المحلي ولاستمرار طرح قضية وطنية تلهي الناس عن القضية الاجتماعية أو الديمقراطية ولو كان هذا الشعار حقيقة ما تحول إلى هزائم ثم كوارث واحتلال وقوة إضافية لإسرائيل ) …
قد يقول قائل بأن محمد نجيب صهيوني ( أو من انصار الشلّة ) ولكن سوف أقول لكم من هو محمد نجيب وعلى لسان ( يهودي صهييوني ) هو ( إسحاق رابين ) ففي مفكرته وتحديداً في ص 55 وهو يشرح عملية ( يوآب ) التي نفذت مقابل عملية ( حيرم ) سوف اختصر لكم من تلك المفكرة ما يخص محمد نجيب فيقول :
( قامت كتيبة 13 من جولاني باحتلال موقع 86 ولكن المصريين قاموا بهجوم معاكس خطير ونجحوا بعد قتال ضار ضدّ الكتيبة 13 ودحرها واتضح فيما بعد أن القائد المصري الذي قاد هذا الهجوم هو ( نجيب ) وقد أصيب بجروح خطيرة في صدره وتركه جنوده وبعد هجوم آخر احتل فيه المصريون الموقع أخذوا نجيب للمستشفى وعولج وقد أعطى هذا القتال نجيب شهرة واسعة استغلها عبد الناصر وزملاءه للقيام بالثورة عام 1952 ) ..
هكذا كان الحال في تلك الفترة وهكذا كانت الوقائع على الأرض ولكن كيف لنّا أن نتخلص من أصحاب الحقوق الشرعية والتحرير والعدالة والوطنية ومن اهل مقاومة الاحتلال والامبريالية والصهيونية في عالم اليوم الذي لم يعد يبالي بهؤلاء الذين يرددون ما لا يفقهون ..
حتى شعار حل الدولتين بأي نسبة من الأراضي لن يتحقق وسوف يزول وينتهي ( رأيي الشخصي ) ما دام هناك أبطال للشعارات ,, ما دام هناك عقول متحجرة لا ترى إلا بعين واحدة ,, ما دام هناك هتافات للتحرير وهم لا يملكون رغيف الخبز ولا يملكون شئ …
ليس فقط الحكام بل من ساندهم ووقف معهم من النخب ومن كافة المسميات التي رفعت شعارات مقاومة الصهيونية والامبريالية وتحرير البلدان وهي لا تستطيع تحرير بيتها التي تسكنه ..
طيلة أكثر من 60 عاماً ونحن لا نفقه ما يدور وما يحدث ..
كيف نستطيع تحرير فلسطين ونصف شعوب الدول العربية لا تقرأ ولا تكتب ونصفها الآخر مشغول بالدشداشة واللحية وتطبيق الشريعة فها هي ثمار الربيع العربي بين أيدينا ؟
كيف تستطيع حركات المقاومة تحرير فلسطين وهي تعتاش على إسرائيل فكل شئ يأتيها من العدو الصهيوني وهي تعيش عالة على بعض المساعدات والصدقات من الدول العربية والإسلامية ؟
رأيي الساذج في الموضوع هو لولا عبد الناصر ومن هو على شاكلته لما وصلت القضية الفلسطينية إلى ما وصلت إليه اليوم ..
هذا الزعيم البونابرتي مستعد لتدمير البلاد والعباد من أجل البقاء في السلطة مثلما يقول كوبلاند في ص 111 :
( كم طرح عليّ ذلك السؤال عبر السنيين والأيام ولم يتغير جوابي عليه أو يتبدل :
لنفترض جدلاً أن القدر أحاط عبد الناصر بظروف ما * صدام على نفس الشاكلة والأسد وو* وأوصدت دونه جميع الأبواب إلاّ اثنين :
إما بقاؤه في السلطة ودمار البلاد أو خروجه منها ونجاة البلاد فأيهما يختار ؟
يقول كوبلاند : لم يكن جوابي دائماً سوى : ليس لنا خيار في الجواب ففي تحليلنا لواقع أي زعيم * عدا عبد الرحمن سوار الذهب لا بل أي شخص عربي حسب رأيي * من فئة عبد الناصر يعشق السلطة حباً في التسلط يتبين لنا أنه سيفعل كل ما في وسعه للبقاء فيها ولو أدى ذلك إلى انهيار البلاد اقتصاديا أو دخولها حرباً خاسرة متقطعة مع عدوتها إسرائيل * وهذا هو بيت القصيد *
هذا الطراز هو البلاء وأكبر دليل ما حصل أثناء الحرب العربية الإسرائيلية في 1967 فقد كانت اسوأ كارثة عرفتها مصر في تاريخها الطويل ..) ..
أنا لا أقول بإن إسرائيل ملاك ,, ولكن الذي يهمني هو نحن العرب وكيف تصرفنا وماذا فعلنا وكيف مضت هذه السنيين دون أي تقدم للقضية وشغلنا أنفسنا بما لا ينفعنا ولا ينفع القضية بل العكس زادتنا انحطاط وتخلف وجهل وفقر وكل شئ ..
أخشى أن يأتيني بعد قليل أبطال التحرير لكي يقولوا لنا ………….. ؟
ختاماً :
عبر التاريخ “قلّةٌ” -ملعونة من قبل الجميع- قالتْ كامل الحقيقة.
الجميع : يقول ما يعرف.. ما تقتضي مصلحته. أو ما يتمنى .
الحقيقة الكاملة لا تعجبك لأنّك طرف في القصة.. بُعجبك نصفها الذي تراه بأمّ العين ، بينما النصف الآخر تُسميه تزويراً . ( الدكتورة لمى محمد ) ..
/ ألقاكم على خير / .