نبيل عودة
بما أن أبو صالح من شخصيات البرلمان السوري البارزين، والذي لا يعرف تاريخ التصاقه بكرسي البرلمان، الأمر الذي يشير إلى أن النظام راضي عنه ولا تراقبه المخابرات العامة ولا المخابرات الخاصة ولا مخابرات الشرطة، ولا مخابرات الجيش ولا مخابرات الأمن العام ولا مخابرات مقاومة الشغب ولا مخابرات الثقافة والانترنت، ولا مخابرات وزارة الداخلية، ولا مخابرات وزارة الخارجية، ولا مخابرات فحص نظرات الناس وتأوهاتها، خوفا أن تكون لغة العيون والزفير الطويل من صف المعارضة المتآمرة على النظام. وهناك حسب العارفين، أجهزة أمنية لا تُعرف إلا برموز لاتينية من الصعب إحصائها.
رغم أن بعض المتآمرين الدخلاء عملاء الصهيونية والاستعمار، يعتدون على الأهالي فيقوم الجيش السوري ألبعثي، بما سيقوم به في المستقبل القريب، إن شاء الله، في الجولان المحتل، بتصفيتهم بالقصف العنيف، بكل أسلحته الثقيلة والخفيفة، مقدما صورة عما سيواجهه بنو صهيون في الجولان السوري قريبا جدا جدا. وربما في بر الشام أيضا، فلسطين سابقا…
والجيش لا يقصف المدن السورية وبيوت المواطنين إلا بطلب من الأهالي المتضررين من المتآمرين عملاء الاستعمار، ومن شدة إخلاصهم لرئيس النظام وأبناء حمولته وشبيحته، وأخيه ماهر ملك الغابة، لدرجة أنهم مستعدون للتضحية بحياتهم أيضا في سبيل تمكين النظام من قتل الأعداء، بناء على مقولة شمشون الجبار “علي وعلى أعدائي يا رب “، وهي حمية وطنية نادرة في عالم العرب، ولكنه البعث الذي يبعث الشعب إلى جنان الخلد.
صحيح أن أبو صالح طعن في السن، ولكن البعثيين دائمين أبد الدهر شبابا وفتوة،وأبو صالح يعرف انه جُبل أيضا من طينة خاصة، طينة بعثية لا يحظى بها إلا المخلصون. كان الأشد تصفيقا، منذ زاول العمل البرلماني، معبرا بذلك عن موقف برلماني ديمقراطي مسئول بدعم النظام الوطني الذي يحفظه سالما غانما ونموذجا حيا للبرلماني العربي الأصيل.
ولكن أبو صالح بعد فقدان زوجته الخامسة، قرر أن يتزوج من السادسة، وتلقى دعما من النظام الذي لا يتخلى عن أبنائه قيمته ألف دولار. وقد اختار له النظام شبيهة بثينة ملكة شارع النظام بلا منازع، ولكن بجيل لم يتجاوز العشرين.
رغم أن الدولة مشغولة بالدفاع عن نفسها، والشعب يتشدد بطلب تدخل الجيش ليقصف الصالح والطالح في تعبير وطني نادر. إلا أن أبو صالح لم تزبط معه الأمور في سرير الزوجة الصبية.فلجأ إلى منظري الحزب وقادته البواسل خوفا من أن يكون السبب مؤامرة صهيونية استعمارية.
طلب مقابلة الرئيس بصفته زعيم حزبه قبل أن يكون زعيم دولته، لأن الحزب أهم من الدولة وأهم من الشعب. وبما انه برلماني مخضرم ومؤيد متحمس، حدد له الزعيم موعدا من منطلق أن أبو صالح شخصية نموذجية من شخصيات النظام. ولا يفوت فرصة دون أن يقوم بخدمة في الكشف عن العملاء والدخلاء والصهاينة المتسللين إلى الحزب والسلطة.والسجلات تقول انه الأشد تصفيقا بين البرلمانيين العرب، وعليه رشح لنيل جائزة الأسد الوطنية من الدرجة الممتازة..
قال أبو صالح للرئيس العظيم: تزوجت يا سيدي من صبية ناضرة تحبني وأحبها، وقد اختارها لي الحزب من بين صفوفه. ومع ذلك لم أنجح بإيصالها إلى قمة اللذة، فتكاثرت شكواها، وهذا الأمر يثقل على حياتي معها، وأخاف أن يضللها المستعمرين وأذنابهم الصهاينة، فما العمل؟
قال زعيمه بشار بعد تفكير وتحليل وحسابات محلية وعربية ودولية:بما أن الهدف الأسمى من زواجك خلق جيل بعثي يواصل درب الأمجاد، عليك أيها الرفيق عضو البرلمان، باستئجار شاب بعثي، يقف فوق سريركما ومعه فوطة يلوح بها حين تعاشر زوجتك البعثية الناضرة.. وعندها لا بد أن يحصل ما ترجوه ويبعث الله الحياة في الآلة الميتة.
وهذا ما كان. استأجر العجوز أبو صالح شابا قوي العضلات،اختاره من شبيحة النظام البواسل، ووقف يلوح، فوق سرير الزوجين بفوطته، حسب أوامر الحزب وتعليماته. ولكن الزوجة لم تتغير حالها وازدادت شكواها..
عاد أبو صالح إلى زعيمه شاكيا باكيا.. التلويح بالفوطة لم يساعد على تغيير الحال. قال الرئيس الزعيم بعد تفكير بمدى عمق المؤامرة الصهيونية والاستعمارية الدولية: وهل كان الشاب يهتف بشعارات الحزب، وتمجيد قادته أثناء التلويح بالفوطة؟
– لا لم يفعل ذلك. أجاب أبو صالح.
– إذن ابحث عن شبيح جهوري الصوت وقوي العضلات ليلوح بدل الفوطة بعلم النظام ويهتف بشعارات البعث: وحدة حرية اشتراكية، وبحياة الحزب وقادته، وستنحل المشكلة.
وهذا ما نفذه أبو صالح، بحث عن شبيح صاحب صوت جهوري وقوي العضلات، ليلوح بعلم الحزب ويردد شعاراته وتمجيد قادته حين يدخل السرير مع زوجته الناضرة.
ولكن حتى علم الحزب وترديد شعاراته لم يغير حال العجوز عضو البرلمان وابن النظام الرفيق أبو صالح، فازداد هما وحزنا وألما،وشاعرا ان اليهود دمروا مفاعله الذري، وعاد باكيا لزعيمه لا يقوى على الوقوف من شدة مصيبته مناشدا حلا لمشكلته مع زوجته الناضرة.
قال له زعيم حزبه: لا تجزع، لكل مشكلة حل. لا بد من تجارب عديدة أولا، حتى نصل إلى إستراتيجية وتكتيك صحيحين.. وعندها نعرف الداء ونجد الدواء. أعطنا أسبوعا لبحث مشكلتك في الهيئات العليا للدولة والحزب.
بعد أيام عاد إلى زعيمه ليعرف نتائج البحث في الهيئات العليا.
قال له زعيمه: بحثنا موضوعك في القيادة العليا،وهيئة أركان الجيش، واتفقنا انه لا بد الآن من تغيير الأدوار. الآن الشبيح ينام مع الزوجة في السرير، وأنت تقف فوق رأسهما ملوحا بالعلم، وهاتفا بحياة الحزب وقادته وجيشه العظيم الذي يحمي الوطن ويرعب الصهيونية العالمية والاستعمار الدولي، عندها من المؤكد أن يتغير الحال..
ونفذ أبو صالح أوامر الحزب وهيئاته.
وقف أبو صالح كل الليل، رغم انه لم يعتاد على الوقوف إلا للتصفيق للزعيم، ملوحا بالعلم، وهاتفا بحياة الحزب وقادته وداعيا لسقوط الصهيونية والاستعمار المتآمر على سوريا البعث،حتى بح صوته، ولكنه واصل الهتاف والتلويح بالعلم فوق رأسي الشبيح، قوي العضلات، وزوجته الصبية الناضرة، التي دبت فيها الحياة، وبدأت تتأوه وتتلوى لذة وانبساطا.. فازداد تلويح أبا صالح بالعلم وهو في قمة توتره وهياجه!. وعبثا حاول أن يجعل صوته أقوى بعد أن أنهكه الهتاف بحياة الحزب وزعمائه، ولكنه ضبط أعصابه نزولا عند أوامر قائد دولته العظيم. وعندما انتهى الشاب من واجبه، نظر إليه أبو صالح شذرا وصرخ به: يا ابن القحبة، أنت لم تلوح بالعلم بشكل صحيح،ولم تهتف بإخلاص بحياة الحزب وقادته، كان يجب أن تلوح بهذا الشكل،وتهتف مثلي.. بقوة، هكذا…..!!
ولكن صوته قد بح وبالكاد سُمع!!
nabiloudeh@gmail.com