مثل تاجر عتيق ، بحثت في دفاتري القديمة ، عن تلك السنين العجاف ” الجميلة ” التي استهلكت زمني الخاص . زمن بدأ بكذبة صغيرة .. ثم تنشقنا الكذب مع الهواء . وتحولنا الى مجتمعات تعشق تضخيم الكلام . حولت ” الإله ” من خالق الى قاتل . ودخلت في سجل الفاجعة التاريخية للإنسان . تحت مسميات شتى ” العنف الثوري ، والعنف الديني والجنسي والآسري واللغوي ” وهي جزء من منظومة الفعل التدميري للإنسان . سقطت المنطقة اخلاقياً ، ومعها أشباه الرجال والدول وكل العمائم وأمراء الحرب ، ووكلاء بالنيابة .
كذبة صغيرة ..
ونحن صغاراَ سألني أحدهم ، هل لديك دراجة ” بسكليت ” ..؟
اجبت نعم ، واسترسلت في الكذب بأنها في سقيفة منزلنا ..!؟
هكذا تعلمت الكذب ..؟!
رغم أني لم اكن أملك حذاءاً ، ولم اقدمه في حينها كوليمة لأحد مثل حذاء ” شارلي شابلن ” في فيلمة الرائع ” الذهب الروسي ” ربما أنذاك كان يكفيني مصمصة المسامير الرقيقة في قطع النعل السميك . للشعور بالشبع . “شابلن ” أكل حذاءه …! بينما جرى التهامنا ، يوم أًكل الثور الأبيض .وفي الليل تختفي كافة الألوان ، وتصبح في عين الذئب ، كافة البقرات سوداء .
كنا نقيم في سنوات الهجرة الأولى في شبة “منزل ” ، بدون سقف ، جدرانه بطانيات عسكرية مربوطة بحبال من اطرافها، ترسم حدود عشرات العائلات ، التي تتقاسم قطعة ارض صغيرة من مسجد تخلى عنه ” الإله ” وحوله اللاجئون الى سكن مؤقت . وأخرون سكنوا في كنائس. أو في مقابر .
كأننا ولدنا جماعياً من إمرأة خاطئة ، وحضرنا الى الكنيسة أو المسجد لمحو خطيئتها .أو أننا ضحايا ” حواء ” التي غوت ” آدم ” وانتقم منا الإله ” ونفانا الى أرض أدمن سكانها ” خطب سياسية ” ، تولد الورم في الذاكرة. وكان علينا أن نؤمن بالقضاء والقدر . وأننا محكومين بقرار سلطوي مسجل في اللوح المحفوظ . ولا نملك فرصة إستئناف قضائي ، ولا ننتظر عفواً جماعيا ، فنحن لسنا ممن اختارهم لذاته.
الكذبة الثانية : أقنعني اشخاص ممسوحي الملامح ؟ بأن هذا الوطن هو وطني …؟! ففي حينها كنت انسان كامل الدسم . أحلم كثيراً بصنع عكاكيز لثورات بترت اطرافها .
ومرت الأيام ، ومات من كانوا يسألون . فقد غفونا على سطح البحر. بيد أن لا الريح ولا الرمل ولا موج البحر حفظ اثارنا …؟ ليست مشكلة كبيرة ، لأن الذاكرة بقيت شاهدا على تلك التغييرات التي أصابت من تقاسمنا معهم الذباب الذي كان يقاسمنا طعامنا ، ويحط عليه بفرح وبكسل نادر ، ثم يطير بصعوبه من التخمة .
الحقيقة الأخيرة :
مضى العمر ، وتوارت الأيام . ولم أشعر بالدفء يوماً . حتى عندما كنت في رحمها ، احسست يومها ببرودة شديدة في أوصالي ، وخرجت أبحث عن الدفء. لكن الصقيع إحتل كامل مساحة الذاكرة . فقد قالت لي قارئة الفنجان يوماً ، هذه الموجة ترمز الى مستقبلك ..؟ حدقت في قعر الفنجان ، ولم أجد سوى الفراغ … والصمت . وملامح جبل ” إميتوس ” استعيد بعناقه قيماً زالت ، وحضنا يحميني ، من برد شتاء قادم وادخل في تاريخه السري . فقد سكنتني مدينتة ، فيما نفتني مدن قديمة.
أحملق في أشلاء الرجال الراحلين ، وأشباه الدول ، وأحزن على أمهات زرعن البحر، أطفالاً وورداً غفون على سطح الموج .
أتأمل رصيدي الكبير من العجز.. ويخيل لي أن ريشاً أبيض بدأ ينمو فوق زراعي ، ويكسو قدماي .
هل هذه موجة بحر، أم ريح هاربة ، من شرق عاثر..؟!
سأفتح للريح جناحي ، ولموتي القادم أغني …؟
أثينا 25 / 10 / 2017
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- ** فوز عون وسلام … صفعة أخرى لمحور المتعة والكبتاغون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل جحيم كاليفورنيا … عقاب رباني وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- ** فوز عون وسلام … صفعة أخرى لمحور المتعة والكبتاغون **
أحدث التعليقات
- تنثن on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- Hdsh b on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح