أحمد صبحى منصور
كتاب : نشأة وتطور أديان المسلمين الأرضية
الباب الأول : الأرضية التاريخية عن نشأة وتطور أديان المحمديين الأرضية
الفصل السابع : الارهاب الوهابى وقلب المعادلة فى أواخر العصر العثمانى
لمحة عن وحشية الوهابية فى تأسيس الدولة السعودية الراهنة
مقدمة :
1 ـ أسّس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل الدولة السعودية الثالثة الراهنة ، معتمدا على ( الإخوان ) وهم أعراب عزلهم عن العالم فى مستوطنات تعلموا فيها الوهابية ووحشيتها وتزمتها وعدوانيتها .
2 ـ كان عبد العزيز يسير على سُنّة أجداده فى وحشيتهم . وقد روى حافظ وهبه المستشار السعودي لعبد العزيز في كتابه (جزيرة العرب) قول عبد العزيز: ( لقد قاومت دعوتنا كل القبائل أثناء قيامها ، وكان جـدي سـعود الأول قد سجن عدداً من شيوخ قبيلة مطير، فجاءه عدد آخر من القبيلة يتوسطون بإطلاقهم ، ولكن سعود الأول قد أمر بقطـع رؤوس السجناء ، ثم أحضر الغداء ووضع الرؤوس فوق الاكل وطلب من أبناء عمهم الذين جاؤوا للشفاعة لهـم أن يـأكلوا من هذه المائدة التي وضعت عليها رؤوس أبناء عمهم و.. لما رفضوا الاكل أمر سعود الأول بقتلهم! . ) ويقول حافظ وهبه في كتابه ( لقد قص هذه القصة الملك عبد العزيـز علـى شـيوخ قبيلة مطير الذين جاؤوا للاستشفاع في زعيمهم فيصل الدويش قبل ان يقتله عبد العزيز ليبين لهم أن عبد العزيـز سـيقتلهم أيضاً إذا لم يمتنعوا عن طلب الشفاعة لزعيمهم فيصل الدويش).
3 ـ فيصل الدويش هو زعيم الإخوان الذين أقاموا مُلك عبد العزيز ، والذى أراد المشاركة فى السلطة فرفض عبد العزيز فأصبح معارضا لعبد العزيز ، وتطورت معارضته الى الصدام الحربى بينهما ، وهزمه عبد العزيز مرتين ، ثم قتله
4 ــ الأسرة السعودية فى نشرها الوهابية أسهمت فى حفز اتباعها ليقيموا مذابح ضد الشيعة وبقية الاقليات فى منطقة العراق والشام المكتظة بالأقليات الدينية والمذهبية . وأدت مذابح الوهابيين ومنها مذبحة عام 1830 الى هجرة ملايين المسيحيين الشوام الى أمريكا الجنوبية بالذات والى مصر وغيرها ، وادت الى إنتماء الدروز فى فلسطين الى إسرائيل وخدمتها طلبا لحمايتهم من التعصب الوهابى الذى نشرته الأسرة السعودية . مأساة سوريا الآن مرجعها الى تسلط الوهابيين السوريين على الشيعة النصيرية ، مما أدى بهم الى رفع شعار العروبة ودخول حزب البعث، ثم الانفراد من خلاله بالسلطة والانتقام من السنيين السوريين ، ويستميت بشار الأسد فى الدفاع عن نظامه خوف أن يستأصل السنيون شيعة سوريا وهم خُمس السكان . ونعطى بعض التفصيلات عن مذابح الدولة السعودية الراهنة :
أولا : تعداد إجمالى للمذابح التى ارتكبها السعوديون
في عام 1921 كان الحجاج اليمنيون قادمين ليؤدوا مناسك الحج وكانوا حوالي ألف حاج ، وهم عُزّل من السلاح فالتقى بهم الاخوان الوهابيون فسايروهم في الطريق وأعطوا الأمان ، ثم غدروا بهم وقتلوهم عن آخرهم فى وادى تنومة ، ولم ينج منهم إلا شخصان فقط هربا وأخبرا بالمذبحة .
من كثرة المذابح السعودية ــ فى تاسيس دولتها الثالثة الرهنة ـ ليس هناك إتفاق على عددها ، ولا إتفاق على عدد الضحايا حتى فى أشهر تلك المذابح .
وفى كتابه ( تاريخ آل سعود ) ذكر ( ناصر السعيد ) تعدادا بالمذابح التى ارتكبها السعوديون . تحت عنوان ( لائحة بمجازر آل سعود في الجزيرة العربيّة) يقول :
وفي ما يلي كشف بمجازر آل سعود التي ارتكبوها في ربوع الجزيرة العربية:
1ـ مجزرة مسجد الشعبيّة بمناسبة الهجوم على حائل رمضان 1922 3790 شخصاً .
2 ـ مجزرة الجليدة قرب حائل، 410 قتلى من عشيرة «أسلم» من «شمّر».
3 ـ مجزرة «بيضاء نثيل» 513 من قبيلتهم عنزة .
4 ـ مجزرة أمّ الغراميل، شرق حائل 411 قتيلاً .
5 ـ مجزرة الغوطة في حائل 375 قتيلاً مع هبقان السليطي.
6 ـ مجزرة تربة، مقتل كل الجيش الشريفي 40.000 ونجاة 500 فقط.
7 ـ مجزرة الطائف والحوبة، 15.000 من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ .
8 ـ مجزرة حصار الطائف 2800 من الجيش الشريفي ومن أهل جدّة .
9 ـ مجازر القصيم 37.000 قُتلوا غدراً .
10 ـ مجازر النيصية والوقيد والجثامية، 10.000 من «شمّر» وأهل حائل.
11 ـ مجزرة الجوف، عدد غير محدّد .
12 ـ مجازر تهامة وعسير 50.000 .
13 ـ مجزرة وادي تنومة 1200 حاجّ يمانيّ .
14 ـ مجزرة وادي بني مالك في الطائف، 7000 وهدم سبعين قرية.
15 ـ مجزرة جبل القهر جنوب الحجاز، 1520 قتيلاً عام 1959 من قبائل الريث.
16 ـ مجزرة الجهراء، 1000 قتيل من أهل الجزيرة العربيّة والكويت.
17 ـ مجازر السبلة وأم الرضمة، 5000 من جيش الإخوان الذي حقّق لهم الانتصارات.
18 ـ مجازر قبائل العجمان، 3000 ومنهم نايف وضيدان بن حثلين.
19 ـ مجازر الحويطات وبني عطية وجهينة وبلي، 7000 وتشريد الآلاف.
20 ـ مجزرة الحجاج الإيرانيين 329 بين نساء ورجال.
ثانيا : ونعرض لمحة سريعة عن أشهر المذابح :
مذبحة تربة وخرمة :
1 ـ وهما قريتان بالحجاز على حدود نجد والحجاز ، كانتا تتبعان الشريف حسين حاكم الحجاز. انقض عليهما جنود الوهابية بقيادة فيصل الدويش في أواخر شعبان 1337هـ /1919م فقتلوا ونهبوا واعتدوا على الأعراض وأحرقوا النخيل .
2 ــ إستولى الاخوان على تربة ،وذبحوا معظم حاميتها كلهم، ومن نجا من الذبح تلك الليلة قتلهم جيش الملك عبد العزيز في اليوم التالي . ثم كان بعدها الإجهاز على المدنيين ، فلم ينج من أهالي تربة سوى ألف شخص . وكالعادة هناك إختلاف فى عدد القتلى . يقال أنه ثمانية آلاف مدني من رجل وامرأة وطفل، إضافة الى سبعة آلاف من الجيش. وكان من بين الناجين من مذبحة الحصن الشريف شاكر ومعه شاب من الأشراف إسمه عون بن هاشم. وقد كان عون يوم شهد المجزرة في الخامسة عشرة من عمره، فوصف هول ذلك اليوم فقال: (رأيت الدم في تربة يجري كالنهر بين النخيل، وبقيت سنتين عندما أرى الماء الجاري أظنها والله حمراء، ورايت القتلى في الحصن متراكمة قبل أن طحت من الشباك، ومن أعجب ما رأيت أثناء المعركة أن الإخوان يدخلون الجامع ليصلوا ثم يعودون الى القتال)!. أى كانوا يؤدون الصلاة وهم يقتلون النساء والأطفال . وكانت مذبحة تربة تمهيدا لمذبحة الطائف .
مذبحة الطائف ( الثانية )
1 ـ عرضنا لمذبحة الطائف الأولى فى الدولة السعودية الأولى .
2 ـ ونحن الآن مع مذبحة الطائف الثانية فى الدولة السعودية الثالثة فى عصر مؤسسها عبد العزيز عام 1924 م . ويقال أن عدد القتلى بلغ مائة ألف .
3 ـ هجم الوهابيون على الحجاز وحاصروا الطائف ،ثم دخلوها عنوة وأعملوا في أهلها السيف . فقتلوا الرجال والنساء والأطفال . وسجل هذه المذبحة مؤرخ عبد العزيز الشخصى ( أحمد فؤاد العطار ) في الجزء الثاني من كتاب (صقر الجزيرة “عبد العزيز آل سعود”) نقلا عن عبد العزيز نفسه ، وحاول تبرئة عبد العزيز من المذبحة وإلصاق التهمة بالاخوان .
4 ــ ومنه نعرف أن جيش ابن سعود باغت الطائف . وتحرك جيش الشريف على عجل لانقاذ الطائف ب 400 مقاتل بالمدفعية ، وكادت المدفعية الهاشمية أن تقهر الاخوان ، لولا أن البدو الذين كانوا مع جيش الشريف خانوه وانضموا الى الاخوان أملا فى الغنائم. وتراجع جيش الهاشميين أمام الكثرة من جيش ابن سعود الذى بلغ 400000 ـ فأرسل الشريف حسين مددا للجيش ، واستمرت المعركة الى ان تمت هزيمة الجيش الهاشمى فهرب تاركا الطائف ، فانتشر الذعر والهلع بين السكان المدنيين ففر من استطاع تاركا كل ما معه ناجيا بحياته ، وخبأ الاغنياء الذهب والاحجار الكريمة وأغلقوا الابواب وحصنوها من الداخل بأحجار كبيرة ليستعصى فتحها إذا ما احتل الغزاة المدينة. ووصل حوالى مائة ألف من الأعراب لجيش ابن سعود ، فوصل الجيش السعودي إلى أكثر من /50000/ . وتدفق الغزاة إلى الداخل كما تدفق الاعراب الطفيليون معهم ، وزرعوا الشوارع والاسواق وقتلوا كل من وجدوه بها واحتلوا المراكز الحكومية والابراج والقلعة ونهبوا ما بها.، راحوا يقضون الليل في السلب والنهب والقتل وهتك الاعراض ، وهاجموا البيوت وحطموا الابواب ودخلوا على الابرياء ومزقوهم بالسيوف وأطلقوا عليهم الرصاص، واستلبوا كل ما وجدوا من غال ورخيص. ويتابع ـ العطار السعودي ـ صياغته لاعترافات عبد العزيز آل سعود، فيقول: (وقد وجد البدو ممن لهم ثارات عند الاهلين فرصة نادرة للانتقام فزحفوا إلى بيوتهم واقتحموها عليهم وقتلوهم شر قتلة تشفيا منهم، وهتكوا أعراضهم، وبعد أن ذبحوهم وضعوا رقابهم في حنفيات الماء والصهاريج فشربوا من دمهم وتوضأوا بالماء الملوث بالدماء البريئة وصلّوا! . ولم يكلفوا أنفسهم عناء استلام الاساور الذهبية من أيدي النساء الممدة بل قطعوا أيديهن وأرجلهن ، ولبس “الاخوان” الحلي ، وهذه الاساور بأيديهم ووضعوا القلائد ـ الخرزية والذهبية ـ في رقابهم كي لا تعيقهم عن بقية النهب والقتل… ). هذا موجز ما نقله العطار من كلام عبد العزيز آل سعود .
5 ــ ويدافع العطار عن ابن سعود : “وأنا كمؤرخ أبرئ ابن سعود من مسؤولية مذبحة الطائف فهو من تعاليمه ونصائحه لجنده ألا يتبعوا مدبرا وألا يجهزوا على جريح وألا يهاجموا بيتا وألا يقتلوا شيخا ولا طفلا!. وألا يعترضوا امرأة ولو قاتلت!، وألا يؤذوا المدنيين من السكان “.
6 ــ وحينما أراد عبد العزيز الصاق هذه الجرائم بقائد جيشه ابن بجاد ، رد عليه ابن بجاد في مجلسه في مكة أمام الحاضرين من أهل الحجاز بقوله: (أنت الذي أوصيتني يا عبد العزيز أن أقتل البرئ ليرضخ العاصي وان أفتك بلا رحمة حتّى تكل السيوف من رقاب أهل الحجاز الكفار)!.. فخرس عبد العزيز لهذا الرد.
7 ـ ولكن تحليل الأحداث التالية يؤكد أن مذبحة الطائف كانت مخططة لارهاب أهل مكة والمدينة ليستسلموا بلا مقاومة . وهذا ما حدث بعد مذبحة الطائف ، إذ إستسلمت مكة، ثم ما لبث أن إستسلمت المدينة . ودخلت قوات ابن عبد العزيز الي المدينة في 5/12/1925.ثم لحقت ينبع بالمدينة .ولم يبق إلا جدة التي حوصر فيها الملك علي بن الشريف حسين ، فاضطر في النهاية الي الاستسلام بتوسط بريطانيا وبتعهد ألا يدخلها الأخوان ، فتنازل عن الحجاز ، وغادر جدة الي أخيه الملك فيصل بالعراق في 3/1/1926 .واصبح عبد العزيز ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها في 8/1/1926.
ثالثا : السعوديون وقتل الاطفال والنساء
1 ـ فى الطائف قتلوا الأطفال والنساء بلا تمييز . وفي هجومهم علي الكويت في معركة الجهرة قتلوا النساء سنة 1920 ، ونفس الحال في هجومهم علي ثريب في شرق الاردن سنة 1924 . وسجل المراقبون الاجانب ان الاخوان لايحتفظون بالاسري وانما يذبحون كل من يقع في ايديهم.
2 ـ وكانت الدعوات للانضمام الي الوهابية او الاسلام تحمل التهديد لمن لا يستجيب بالاعدام . وتقول احداها (ان من ينضم الينا يأمن علي ممتلكاته واسرته ). وقيل عنهم انهم ظلوا لعدة سنوات لا يخيفون الاطفال وحدهم وانما الكبار ايضا . وقد قتلوا جميع الرجال والنساء والاطفال في المنطقة ما بين المويلة وشرق الاردن. وقد اعترف اثنان من الاخوان الاحياء الي جون حبيب ــ مؤلف كتاب عن الاخوان الوهابيين ــ إنهما شاركا في الغارة التي توغل فيها الاخوان داخل العراق ،وقد استغرقت المسيرة عشرة ايام، وانهما فيما بينهما قتلا حوالي الف شخص ، وكان القتال يجري ليل نهار ،وانهما لم يناما سوي ثلاث ساعات فقط في اليوم ،وكان طعامهما من التمر والخبز والقهوة ،وحفنة من التمر. وقد ادت هذه الوحشية الي انشاء البريطانيين قلعة ( بسية ) لحماية العراق من هجمات الاخوان . وغضب الاخوان من إنشاء هذه القلعة الدفاعية ، وضغطوا على (عبد العزيز ) فكان إنشاؤها سبب المعارضة السياسية والحربية بين الاخوان وعبد العزيز. وعندما تمردوا على سيدهم عبد العزيز هاجموا اخوانهم الوهاببين من اتباع عبد العزيز، و قتلوا الشيوخ والنساء والاطفال .
3 ــ ساعد على هذا عقيدة الاستحلال وهذا الارتباط الديني والعقائدي بين القتال والصلاة .