يفترض ألا يوجد مبرر أو سبب لكراهية الطغاة لشعوبهم الذين قبلوا قيادتهم لهم ورفعوهم فوق الأعناق وسلموا ثروات بلدانهم لهم ولأبنائهم من بعدهم، إلا أن الواقع المر يظهر دون جدال أن الكراهية الشديدة لشعوبهم هي القاسم المشترك لكبار الطغاة والقمعيين.
فـ«ستالين» قتل 20 مليونا من الشعب السوفييتي، وماوتسي تونغ قتل 30 مليونا من الشعب الصيني، كما قتل بول بوت نصف الشعب الكمبودي، ومثل ذلك ما قام به كيم ايل سونغ وابناؤه واحفاده في كوريا الشمالية، كما رفض طغاة اليابان العسكريون إبان الحرب العالمية الثانية وقف الحرب الكونية حتى ضُربوا بالقنابل النووية التي تسببت في موت مئات الآلاف، ولولا ذلك لمات عشرات الملايين بسبب عنادهم.
ورغم أن هتلر كتب في «كفاحي» عن خطأ شن الحرب على بريطانيا وروسيا لقوتهم وحقيقة أن التاريخ يظهر استحالة هزيمتهم، إلا أن هذا تماما ما فعله بعد سلسلة أعمال غريبة منها السماح للقوات البريطانية والحليفة بالانسحاب من دنكرك، وعدم طلبه من حليفته اليابان إعلان الحرب على الاتحاد السوفييتي كما أعلنت أميركا الحرب على اليابان بعد ضرب الأخيرة لها في بيرل هاربر، وهو ما سمح لـ «ستالين» بسحب مليوني جندي من الحدود اليابانية وزجهم بالحرب ضد هتلر ومعهم فيالق سيبيريا المختصة في حرب الثلوج، وقد فقدت ألمانيا في الفترة 1939 ـ 1944 ثلاثة ملايين قتيل، بينما تسبب إصرار هتلر في العام الأخير للحرب على استكمالها رغم انهيار الدفاعات الألمانية وامتلاء السماء بالقاذفات الحليفة في موت 5 ملايين ألماني، فهل يقوم بذلك من يحب بلده وشعبه؟!.
وفي منطقتنا العربية لم يختلف الطغاة هم وأبناؤهم في خاصية كراهيتهم الشديدة لشعوبهم وعدم اهتمامهم بموت الملايين منهم.
ويذكر مدير قصور صدام في كتابه أنه لم يلحظ قط تأثر صدام بمقتل الملايين إبان الحرب العراقية ـ الايرانية التي استمرت 8 سنوات، وأنه تأثر كثيرا في المقابل عند قيام ابنه عدي بقتل «قواده» الخاص، والأمر كذلك مع القذافي وأبنائه الذين كان والدهم يوصيهم بكراهية الشعب الليبي وإذلاله وقتله، والأمر يمتد كذلك لبقية الطغاة الآخرين في سورية والسودان وكوبا وزيمبابوي.. إلخ.
آخر محطة: الملاحظ أن جميع الطغاة يتشابهون كذلك في كيفية الوصول والحفاظ على الحكم ثم في النهايات الغامضة التي ختمت بها حياة أغلبهم!
*نقلاً عن “الأنباء” الكويتية