طلال عبدالله الخوري 14\12\2015 مفكر حر
ذهبت الى الجامعة بعد احداث سبتمبر الارهابية بتفجير ابراج التجارة العالمية بنيويورك, واول ما رأتني ابنة بلدي التي هربت وهي طفلة من حماة مع والدها من بطش حافظ الاسد لانه اتهم على انه اخونجي, اقتربت مني والدموع تنهمر من عينيها وقالت لي بحرقة اين هو الاسلام الجميل الذي تربيت عليه مساعدة المحتاج واحترام الكبير والعطف على الصغير والمستضعفين وبرالوالدين .. لماذا اختطف الارهابيون ديني؟ الى ابنة بلدي هذه اهدي هذه المقالة.
نصر بمقالاتنا على التفريق بين الرواية الدينية والحقائق التاريخية, فالاولى نؤمن ونسلم بها من دون ان تثبتها الوثائق التاريخية, ونتعبد بها بصلاواتنا ونتأمل بها بضميرنا ووجداننا لكي ترفعنا روحياُ, وتمدنا بالقوة في مواجهة المصائب والمحن, وتحثنا على عمل الخير ومساعدة المحتاجين, ولكن لا يستطيع المسيحي مثلاً ان ينتظر بأن تنجب له زوجته ولداً وهي عذراء تقليدا للقديسة العذراء ام الله, ولا يستطيع ايضاً المسلم ان يركب حماراً لكي يسري به من مكة الى القدس بعد ان يعرج للسماء, وكذلك الأمر لا يستطيع الثوار الاسلاميون السوريون أن يبنوا دولة الرسول الاولى الطوباوية من اشخاص طوباويين, والتي ليس فيها اي من مقومات الدولة الواقعية التي تحوي اشخاص عاديين مثلنا, لأن ما يجمع هذه القصص كلها انها غيبية تقبل التفسير والتأويل الحرفي والرمزي وهي للتعبد فقط, وجميع روايات أمهات كتب التراث الاسلامي تنضوي تحتها, ومن هنا اتى عنوان المقالة حول مطالبة الثوار بدولة طوباوية هي نفس مطالبتهم بان تنجب زوجاتهم وهن عذراوات, او يحاولوا التعريج للسماء على دابة.
أما الحقائق التاريخية فتوثقها الكتب بالدلائل الاركيولوجية والبراهين العلمية التي لا تقبل الجدل والتأويل, وسنورد في بقية المقالة بعض الحقائق التاريخية والتي اثبتتها الدلائل التاريخية.
أولاً: جميع الفتوحات الإسلامية هي قصص دينية لم تحدث قط ولم تسبى اي امرأة لان أي من كتب التاريخ لم تسمع بها قط. وكل ما جرى بأنه عندما ضعفت الدولة البيزنطية ووهنت قام معاوية بن ابي سفيان بتجميع جيش بيزنطة المنهار وقوامه من مقاتلي الغساسنة والمناذرة بعد ان تحالفوا مع امير مؤمنين الحجاز عبدالله ابن الزبير واخضعوا المستعمرات البيزنطية لهم ومن ضمنها بلاد فارس.
ثانياً معاوية بن ابي سفيان هو أمير مؤمنين دمشق وكان يدفع الجزية للامبراطورية البيزنطية وكان نصرانيا وكامل العهد الاموي كانت بلاد الشام تدين بالنصرانية التي تطورت عن اليهودية, وكتابها هو “القريانة” ومعناها الصلوات الكنسية, ومن ادخل الهمزة للغة العربية هو “الخليل ابن احمد الفراهيدي” في العصر العباسي, حيث لم تكن موجودة قبل ذلك, وكان السوريون يعتبرون انفسهم مسلمّين لله بايمانهم, اي ان المسلم هو ذاته النصراني, ويؤمنون برسول الله عيسى ابن مريم محمد, ومعنى محمد هو الممجد, والى الآن يحوي القرآن الكريم ترانيم عيد الميلاد التي كان ينشدها النصارى بكنائسهم, وتم الفصل للمرة الأولى بين عيسى ابن مريم و صفته محمد بالعصر العباسي, ولهذا السبب طلب الخليفة من ” ابن هشام” كتابة السيرة النبوية للرسول محمد واضافوا للقريانة النصرانية “القرآن المدني” الذي كان يتعبد به اجداد العباسيين من بني هاشم في الحجاز, وهكذا تكون القرآن الحالي, حيث ان القرآن المكي هو ذاته القريانة النصرانية السورية, والنقود التي كانت تصك بالعهد الاموي تحمل اشارة الصليب, وجميع مخطوطات القرآن التي في المتاحف من العهد الاموي اي القريانة كانت مزخرفة بالصلبان ايضا, وحجة انها مجرد زخرفة هي واهية.
ثالثاً: نشأت المسيحية الحالية والتي تطورت عن اليهودية بعهد الامبراطور الروماني قسطنطين, وكان في ذلك الوقت عشرات الطوائف المسيحية وعشرات الأناجيل, وتم اعتماد رسميا اربعة منها فقط, وتم هرطقة الاناجيل الاخرى ومنها القريانة النصرانية التي اعتبرت هرطقة ايضاً, ولهذا السبب نرى الكثير من المخطوطات المصنوعة من جلد الغنم التي كان قريانة وعليها ايات من القرآن المكي, وتم محيها وكتابة الاناجيل فوقها في عهد الامبراطور قسطنطين, مما يدل على ان القرآن السوري او الانجيل النصراني قد سبق الانجيل الحالي. وقد شعر السوريون بالمهانة لطعن السلطة بعقيدتهم وفرض المسيحية الهلينية عليهم وعقيدة التثليث التي جعلت من يسوع الله بذاته بعد ان كانوا يعتبرونه مجرد رسول لله, وهذه من الكبائر بالنسبة للسوريين المسلمين لله حتى وقتنا هذا, وقد نشأ خلاف كبير بين رجال الدين واتباعهم حول طبيعة المسيح هل هو مجرد ناسوت رسول لله ام انه لاهوت اي الله بذاته, وحل الامبراطور هذا الخلاف بإصدار فرمان بان المسيح هو 100% ناسوت و100% لاهوت وهذا ما يؤمن به المسيحيون حتى وقتنا الحالي, وتسمى الكنائس التي تبعت اوامر الامبراطور بالكنائس الملكية, وكاتب المقال ينتمي لها…
بعد ان استقال معاوية ابن ابي سفيان ببلاد الشام عن الامبراطورية الرومانية اول عمل قام به هو اعادة الايمان النصراني لاهل الشام وعقيدتهم بتسليمهم لله ورسوله عيسى ابن مريم محمد( الممجد) واعادة الاعتبار للقريانة النصرانية السورية,.. طبعا هناك من فضل المحافظة على الايمان المسيحي الهليني وهم المسيحيون الحاليون…
رابعاً: السوريون ما زالوا يؤمنون بالنصرانية بقلوبهم وتصرفاتهم مسلمين بالله ورسوله ولم يعرفوا بتفاصيل التغييرات التي فرضت بالعهد العباسي , الا اتباع الاسلام السياسي والذين يلجأون لها لاهداف سياسية كما يفعل الاخوان المسلمون والجولاني وبن لادن والظواهري والبغدادي, اما قلوب السوريون مسلمين ومسيحيين فهي مفعمة بالنصرانية دين ابائهم واجدادهم ولا يختلفون عن بعضهم باي شئ, لهم عادات وتقاليد واحدة, وقد صدم المسلمون ومعهم المسيحيون عندما عرفوا بان في التراث الاسلامي شئ اسمه رضاعة الكبير او فقه اعارة الزوجات او وداع الميتة او الزواج بالصغيرات, او الاعتداء على الكنائس واكل الاكباد والقتل والذبح البشع والمقزز.
هدفنا من هذه المقالة ليس التشكيك بالعقائد فكاتب المقالة مؤمن بالله وجبينه يلامس الارض عندما يصلي, ولكن هدفنا ان نفرق بين القصص الدينية الرمزية الايمانية والحقائق التاريخية والذي يؤدي الخلط بينها الى الفظائع التي يقوم بها اتباع داعش والقاعدة ومشتقاتهما.