قال الرئيس بشار الأسد لصحيفة «وول ستريت» الآتي: «لماذا سوريا مستقرة إلى هذا الحد، مع أننا في وضع أكثر صعوبة؟ إن مصر تستفيد من الدعم المالي الذي يقدمه الأميركيون في حين تخضع سوريا لحصار دولي. إننا نحقق النمو، لكننا لم نؤمِّن كافة حاجات شعبنا بعد. ومع ذلك فإنه لم يثر. المسألة ليست مسألة حاجات وإصلاحات، بل هي قضية آيديولوجية. ثمة فرق كبير بين الدفاع عن قضية وبين الفراغ الآيديولوجي».
أمس أعلن أن العدد الرسمي لضحايا سوريا تجاوز 37 ألفا. لا أرقام عن الجرحى والمعتقلين والمفقودين. ولا يمكن أن يتوافر رقم دقيق حول حجم الخسائر في العمران والمال والأرزاق والبؤس النفسي. لكن ثمة ناحية إيجابية في كل ذلك لا يمكن تجاهلها على الإطلاق، وهي أن كل ذلك يحدث في الامتلاء الآيديولوجي وليس في الفراغ الآيديولوجي!
أتساءل إن كان الرئيس الأسد هو من اختار قرار المواجهة في درعا أم أن أحدا نصحه بذلك. كيف ينظر الآن إلى القرار، إذا كان هو صاحبه، أو إذا كان سياسي عبقري قد نصحه به؟ كيف ينظر إلى صاحب الأوامر بإطلاق النار على المظاهرات الأولى؟ كيف يقرأ اليوم التقارير التي رفعت إليه عن أن المسألة لا تتعدى شغبا صبيانيا وغدا يعود المشاغبون إلى بيوتهم؟
كيف يقرأ اليوم كلامه عن أن المسألة ليست مسألة حاجات وإصلاحات، بل هي قضية آيديولوجية؟ ألم يلحظ أن الريف هو الذي بدأ الثورة بسبب حاجاته وفكره؟ وأن المدن تجاوبت معه لأن ثروات سوريا صارت في قبضة طبقة قليلة من الناس، آخر همومها الوحدة والحرية، وخصوصا الاشتراكية المزيفة التي كانت الباب الأوسع للفساد؟.
الآيديولوجيا لا تشبع ولا تعوض عن الحريات. كانت سوريا قبل عامين لا تزال تعيش في الزمن السوفياتي الذي تساقط قبل 20 عاما. باسم أي آيديولوجيا يرغم السوريون على معاناة الفقر والحرمان والقمع النفسي؟ ألم يشعر بشار الأسد لحظة أن «الاستقرار» الذي يتحدث عنه لا علاقة له بحقيقة الناس؟ الآن وقد صار عدد القتلى 37 ألفا، هل تستحق سوريا إعادة النظر؟ ممانعة في وجه إسرائيل ومعاندة في وجه الناس. وفوق كل ذلك تدك مخيمات الفلسطينيين كما دكها صيف 1963 راعي القضية الفريق أمين الحافظ؟
الشرق الاوسط اللندنية