طلال عبدالله الخوري 17\3\2017 © مفكر حر
لقد وضح لنا السبب الرئيسي لزيارة ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين” لأميركا ومقابلة الرئيس الاميركي دونالد ترامب رجل الأعمال الناجح الذي قالها بصراحة بأنه يريد أن يحمي حلفائه مثل السعودية, ولكن يجب عليهم أن يدفعوا المال مقابل هذه الخدمات (للمزيد هنا: رئيس أميركا القادم ترامب على السعودية ان تدفع ما نخسره في حمايتها)… مثل هذا التصريح نزل برداً وسلاماً على الأسرة الحاكمة في السعودية, وهذا بالضبط كل ما يريدونه من أميركا منذ معاهدة البارجة الأمريكية “كوينسي” التي وقعها ” الملك عبد العزيز آل سعود” مع الرئيس الأميركي “فرانكلين روزفلت”, بأن يدفعوا لأمريكا مقابل حماية اسرتهم بالحكم من اي خطر يمكن أن يتهددهم (للمزيد هنا: مساهمة العرب في الحضارة الإنسانية؟), وهذا بالضبط ما فعله ولي العهد بزيارته الأخيرة لأمريكا, حيث حمل معه شيكاً بقيمة ” 200 مليار دولار” ووقع مع ترامب إتفاقيات إقتصادية, ولكن بالواقع هي ثمن حماية أميركا لهم, وبالتحديد ثمن لمساعدتهم في حربهم باليمن التي يغوصون بمستنقعها منذ سنوات, وتستنزفهم مالياً وبشرياً وعسكرياً.
إلى هنا والأمور طبيعية وهذا شأنهم!! ولكن ما أحزننا هو ان ولي العهد السعودي حرض أميركا على عدم الإستثمار بمساعدة الشعب السوري, وتركهم يقتلون على يد النظام السوري الإجرامي وحلفائه الأكثر إجراما مثل إيران وروسيا؟؟ ومن المعروف انه لولا المساعدة الأميركية للمعارضة السورية بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية والخبرات العسكرية, هذا عدى عن التأييد السياسي, لتمكن المجرم بشار الأسد مع حلفائه من إبادة المعارضة السورية عن بكرة أبيها بأشهر قليلة بعد بدأ الثورة, كما فعل والده المقبور “حافظ الأسد” في الثمانينات, ولا ينكر هذا غير جاحد او جاهل … فقد تواترت الأنباء اليوم عن قول “علي الشهابي” رئيس المؤسسة العربية والعضو بالوفد السعودي إلى البيت الأبيض، في تصريح لشبكة الـسي ان ان:” إن المملكة العربية السعودية تنظر إلى سوريا كـ”قضية خاسرة،”,… وأن الجنرالات الجيدون يدركون المعارك الخاسرة،”.. بينما قال ولي العهد السعودي، في اجتماع جمعه مع وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، إن “أي منظمة إرهابية في العالم هدفها في التجنيد وهدفها في الترويج للتطرف يبدأ أولا في السعودية التي فيها قبلة المسلمين .. وإذا تمكنوا من السعودية فسيتمكنون من العالم الإسلامي كله، ولذلك نحن الهدف الأول، ولذلك نحن أكثر من نعاني، ولذلك نحتاج العمل مع حلفائنا وأهمهم الولايات المتحدة الأمريكية قائدة العالم” .. وكما ترون هذا تحريض واضح من قبل ولي العهد ومستشاريه, والأنكح انه مدفوع الأجر, لكي تترك أمريكا الدولة العظمى الوحيدة في العالم السوريون يهومون على وجوههم ويقذفون الى حتفهم على يد اجرام النظام وروسيا وايران.. ويغرونها بالمال لكي تركز على دعم مكافحة الإرهاب في السعودية وفق الأجندة السعودية, وأيضاً ان تركز على مساعدتهم في تحقيق الإنتصار في حربهم في اليمن.. وهذا بالضبط ماتريده روسيا بأن يعطى لها شيك على بياض لكي تفرض اجنداتها السياسية على القضية السورية.
ولكن لحسن الحظ بأن المصالح الأميركية والسياسة الأميركية أكبر من أن يستوعبها السياسيون الفاشلون والمبتدئون في وفد ولي العهد السعودي, والذين أقصى ما يفهموه هي توقيع الشيكات وشراء المواقف السياسية المجانية… لهذا السبب رد عليهم “ديفيد وينبيرغ” الخبير الأميركي في الشؤون السعودية في الدفاع والديمقراطيات قائلاً:” إن الرياض لا تزال قلقة من تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة سواء في سوريا أو اليمن .. ومن الخطأ أن تكون السعودية مترددة في زيادة دورها ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش،” في سوريا…”… أي بإختصار هو يقول للسعوديين انتم مهمتكم ان تدفعوا الشيكات. ولكن المصالح الأميركية وفقط المصالح الأميركية هي التي تحدد اين ومتى وكيف تستثمر إمكانياتها العسكرية… ومن المعروف بأن الأمن القومي الأميركي وحلفائه الأوروبيون يقلقهم الطموحات الروسية في التمدد بالعالم اكثر بكثير من حرب اليمن..
لذلك نحن نتوقع بان تزيد أميركا مساعدتها للسعودية في حربها في اليمن ولكنها ستحافظ ايضا على مصالحها في سوريا بعدم السماح لروسيا بأنتزاع نصر سياسي او عسكري يكون روقة بيدها تضغط بها على اميركا والغرب لفرض نفسها كقطب ند ومنافس لهم كما كان يفعل الاتحاد السوفييتي سابقاً.