ما الفرق بين الاحتلال الإسرائيلي والاحتلال العربي الإسلامي لبيت هامقداش أو لما صار يسمى “القدس” وهو ما صار اسمها بعد احتلال العرب المسلمين و”فتحهم” لها.
واليوم، يتباكى كثير من العرب والمسلمين ويلطمون، خاصة في إعلام المقاومة المزعومة ومحورها الذي يهيمن عليه ملالي قم وطهران، ويتحدثون عن احتلال إسرائيلي جائر وظالم وغير قانوني لما يسمى بفلسطين، علما بأن هذا الاحتلال الإسرائيلي لم يتجاوز حتى اليوم سوى 70 عاما من عام 1948 تاريخ هزيمة الجيوش العربية جميعها أمام الجيش الإسرائيلي حتى اليوم، أما الاحتلال العربي الإسلامي لما يسمى بـ”القدس” (بيت هامقدش)، فقد جرى وتم في العام 635م وكان القائد العربي الإسلامي أبو عبيدة بن الجراح هو من احتلها وأتى بعدها سيدهم عمر وتسلـّمها من أسقف القدس وكتب العهدة العمرية الشهيرة وهي عبارة عن النظام الداخلي وخريطة الطريق لسلطة الاحتلال الداخلي العربي الإسلامي وصارت بعد ذلك كسائر دول المنطقة تحت الاحتلال الرسمي العربي والإسلامي، وتناوبت على حكمها، من بعده، عدة دول وأنظمة حكم متباينة راشدة، وأموية، وعباسية وأيوبية وسلجوقية عثمانية وبريطانية إلى أن آلت أخيرا للاحتلال الإسرائيلي ولا أحد يدري ويعلم لأي احتلال من بعده ستكون؟
وتستند الرواية العربية لملكية القدس وأحقية العرب المسلمين بالسيطرة عليها دون غيرهم، على أن مؤسس الإسلام كان قد ربط “البراق” عند حائط المبكى أو ما بات يعرف باسم حائط البراق حين “أسرى به ربه” (وفق القصة القرآنية)، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في تلك الليلة المعراجية: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير الإسراء 1-2)، وتوحي الآية القرآنية للقارئ، أن ما هو مبارك هو فقط ما حول المسجد وليس المسجد نفسه الذي لم تصفه أبداً بـ”المبارك” وحددت ما حوله فقط بـ”المبارك”، ومن هنا لا ندري فيما إذا كان هو فعلاً مباركاً أم لا طالما أن القرآن لم يشر مباشرة لذلك ويقوله صراحة، فيما يبدو هناك، بنفس الوقت، خلاف وسجال طويل عريض حول تحديد مكان وموقع وهوية ما يسمى بـ”المسجد الأقصى”المزعوم وفيما إذا كان هذا الذي لم يباركه القرآن بل بارك ما حوله هو المقصود أم مسجد آخر موجود، وفق بعض الروايات، يقع في ارض الحجاز في ما يعرف بـ”المملكة العربية السعودية”-حاليا- في منطقة تسمى (الجِعرانة) وهي تقع شمال مكة ب 29 كيلومتر، وفي وادي العدوة القصوى أي موضع بين مكّة والطائف من الحِلِّ، بينها وبين مكّة ثمانية عشر ميلا على ما ذكره الباجي، وتقع شمال شرقي “مكة المكرمة”.
وما ينفي رواية مقدسية الأقصى، هو بكل بساطة، لو كان هناك مساجد في بيت هامقداش في حينه، فهذا يعني أن “الفتح” أو الإسلام سيكون قد وصل لبيت هامقداش قبل رواية الإسراء الشهيرة، وأن الناس كانت تذهب للصلاة في المساجد قبل العام 635م وهو التاريخ الرسمي المدون للاحتلال العربي الإسلامي للمدينة التاريخية، أي بكل بساطة كان هناك إسلام قبل محمد، و”قرآن” يتلى ويرتل في تلك المساجد، ومسلمون قبل 635م يذهبون للصلاة، وأن رواية استلام عمر المدينة من أسقفها وزيارته لها بعد فتح أبي عبيدة لها كما وردت في المصادر هي كاذبة وملفقة وغير صحيحة…
هذا كلام وحقائق تاريخية مجرّدة من أية خلفية لقارئ محايد، وهذا ما يدرسه ويعرفه تلاميذ التاريخ الأغرار والمبتدئين وشخصياً لست من مؤيدي أي احتلال كان، لا العربي الإسلامي ولا الإسرائيلي ولا حتى الروماني من قبل الإمبراطور إيليانوس وتدميره للهيكل في سنة 70 ميلادية، لكن الانجرار وراء الغرائزية الإيديولوجية هو سبب كل هذه الكوارث، ولن يجعل هذه المدينة أو غيرها في مأمن من أي احتلال ومن خطر وهوس “العقائديين” المسعورين والموتورين على كل الضفاف والذين يجب كنسهم ولجمهم ووضع حد لهلوساتهم جميعا وتفكيك رؤاهم الغيبية الطوباوية قبل التفكير بالتحرر وتحرير المدينة “المقدسة” لدى أكثر من دين من أي احتلال…
الأهم من هذا كله التاريخ الموثق والمدوّن للاحتلال العربي الإسلامي والمعترف به “شرعاً” هو العام 635م، والسؤال الذي يتبادر للذهن، ومن دون الدخول في متاهات وأجوبة التاريخ، ماذا قبله؟ ماذا كانت بيت هامقداش قبل هذا التاريخ؟ تحت سلطة من؟ ومن كان يحكمها؟ وما هي ديانتها؟ أو دياناتها؟ وهل يجب الاحتلال العربي والإسلامي تاريخها القديم الموغل في القدم؟ وماذا يفعل المقدسيون من غير العرب والمسلمين بمدينتهم وبتاريخهم الموثق فيها؟ أليس الادعاء العربي الإسلامي الحصري هو نوع من الفاشية والنزعة الاستعمارية والسلطوية الاحتلالية والبلطجة المرفوضة وإنكار لحقوق الغير وشطب وتزوير وتزييف لتاريخ طويل عريض يريد أن يحتكره لأنفسهم العرب المسلمون ويخفون ويغطون على ما قبله؟
وبمعنى آخر أن الاحتلال العربي الإسلامي للمدينة انتهى رسميا في العام 1948 مع الاحتلال الإسلامي وإعلان قيام الدولة الصهيونية وزال هذا الاحتلال العربي وحقبته التي امتدت تقريبا لـ1370 عاماً.
هكذا نرى أن القضية قضية احتلالات متعاقبة وتوقيت وزمان ليس إلا وأطماع وأوهام طوباوية هي التي تجعل من هذه المدينة هدفا لهذه الاحتلالات ويفسر كل هذه الغوغائية الشعبوية في تناول هذه القضية..
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
١: بداية من لا يحترمون الحقائق والوقائع وعقول الاخرين لا يستحقون الاحترام ومصيرهم الانقراض ؟
٢: أي منطق حيواني هذا الذي يعطي لتابعي رجل حشاش حق امتلاك مدينة لمجرد أن صاحبهم ربط حماره فيها ، والمصيبة ليلاً ودون شهود ؟
٣: وأخيراً …؟
حقيقة تقول أن معظم المسلمين والاعراب خاصة مصابون بانفصام الشخصية ، لانهم لازالوا يعيشون هلوسات لا واقع ولا منطق ولا تاريخ لها ، وهؤلاء ومصيرهم إما المصحات العقلية أو السجون أو الانتحار ، سلام ؟