دعاني خالد الطحلي رفيق المدرسة الذي يقطن في حي الخالدية الواقع مباشرة خلف جامع سيدي خالد الى منزله لقضاء بعض الوقت , وحيث ان أهلي لا يسمحون لي وانا الطالب في المرحلة الاعدادية بزيارة الاصدقاء إلا بإذن منهم . فقد خشيت ألا يسمحوا لي بالقيام بهذه الزيارة فقررت عدم إخبارهم وقفزت على درج المدرسة متحمسا لزيارة تلك الحارة التي يقبع بها الجامع الذي رممه جد والدتي مطانيوس خزام الترميم الأخير , وزينه بأحجار متتالية من اللونين الأبيض والأسود , ذلك التتالي الذي كثيرا ما سبب لي الشرود في بيت جدي مطانيوس الذي كانت عائلة أمي لا تزال تسكنه في حي الحميدية بحمص .
لم انتبه لمرور الوقت بسبب الحفاوة الشديدة التي قوبلت بها في بيت خالد الطحلي خاصة وأن الروايات التي ذكرتها لي والدته عن جد أمي كانت متطابقة مع ما سمعته من والدتي التي تنتمي لعائلة خزام الحمصية العريقة التي تشتهر بحرفة البناء حتى أن أحد أفرادها مطانيوس قد انتدب الى الأستانة لفترة من الوقت لترميم بعض المساجد الأثرية في عاصمة الامبراطورية العثمانية ونال لقبا سلطانيا لازمه طوال حياته (مطانيوس معلم السلطان) .
إلا أن والدة خالد الطحلي التي جلبت جيرانها للتشرف برؤية ابن حفيدة المعلم مطانيوس الذي هو أنا العبد الفقير العاصي لوالديه قد أضافت الى ما أعرفه معلومة خطيرة نفتها عائلتي فيما بعد وهي أن جد أمي المعلم مطانيوس قد اعتنق الإسلام إثر سقوطه من أعلى المئذنة أثناء العمل ولم يصب بأي أذى فيما اعتبره سكان الحي كرامة من رب العالمين منحت لمطانيوس الذي أصبح من يومها مبروكا ….
قال لي خالي أن القماش الأبيض الذي كانت تخيطه زوجة مطانيوس ليضمد به رأسه الجريح بعد سقوطه من هذا الارتفاع الشاهق كان يبدو على شكل عمامة المشايخ مما سبب له هذه السمعة الطيبة . ورغم أنني صدقت خالي إلا أنني كنت فرحا بهذا الالتباس الذي زاد من حفاوة المضيفين لي في الحي الذي يوجد فيه جامع سيدي خالد.
إخوتي السوريون : جامع خالد ابن الوليد وكل الجوامع والكنائس ملك لنا جميعا لا سنة ولا شيعة ,لا مسلمون ولا مسيحيون , لا دروز ولا علويون , ولا ولا ….. فنحن عمرناها معا ونحن الذين نتألم لما يصيبها ويصيب مواطنينا الصامدين , الواقفين بشموخ كما مآذن جامع سيدي خالد .