لا أدري من قائل هذه العبارة الرائعة أو أين قراتها
” .. يالها من حماقة أن تخشى ضياع حياتك، دون أن تشعر بشئ اتجاه تبديد دقائقها وساعاتها ..”
تخطيت قليلاً عتبة السبعين ، بيد أني أدركت متأخراً قيمة الزمن . ربما لأننا نحن جيل الأربعينيات والخمسينيات ، لم ندرك أن الوقت هو العمر كله .وهو اغلى ما نملك بصفة شخصية ، بإعتباره هو الحياة .
كنا صغاراً نلهث لكي نصبح كباراً ، لم تكن لدينا آلعاب إليكترونية ، ولا ” أيرون مان ” ولا ” باربي ” من الثياب القديمة التي فقدت الحياة ، صنعنا كرة لعب ، نتأرجح على أغصان شجر الزيتون والجوز . ونتعارك وسط المقابر، حيث تتحول الصلبان والشواهد الى دريئة .وأغلب الظن ان ذلك كان يسعد موتى الماضي . نلاحق القطط والصراصير الطيارة ، ونراهن بعضنا على ” حبة راحة ” الحلوة أو على بذر المشمش .ومن عود صغير صنعن البنات ، صغيرتهن . هذه ” عائشة ” وتلك ” ماريا ” وكانت ضحكاتنا تعزف موسيقى وأفكار ، يتعذر صياغتها في الفاظ . وكثير من الالفاظ الراهنة لاتحمل لنا الآن ، ذات المعنى كما كانت في الماضي . حتى الشتائم ، كانت تحمل في طياتها ابتسامة ومحبة على وزن ” يبعتلو حمى ” و” العين التي تضربو ” .
وفي اليوم التالي ، على مقاعد الدراسة يتهاسم المعلمون بموعد التظاهرة ضد الإحتلال والإستعمار . ونحن الصغار في مقدمة الصفوف نهتف ” يلعن رب الإستعمار” وليسقط ” واحد من فوق ” وبسبب الضجيج والصراخ لم نستطيع تمييز الكلمة .. لكن لاحقاً عرفنا أن المقصود هو ” أرثر بلفور ” وزير الخارجية البريطاني الذي منح المنظمة الصهيونية وعدا بأرض فلسطين مقابل إستثماراتهم في المملكة المتحدة نتيجة أزمتها الإقتصادية حينذاك .
مثل الجميع عشنا على الكلمات ، والخطب الرنانة الجوفاء التي لم تستطع فتح كوة صغيرة في جدار الغباء السياسي انذاك لكافة حكام المنطقة واحزابها . تلك الخطب المتكررة مثل صوت ألة التنبية في السيارات القديمة . مجرد ” زعيق ” .أعتقد أنه نتيجة تكرار تلك الخطابات السياسية والعقائدية . إصيبت جملتنا العصبية وكافة مراكز الإستشعار لدينا بالعطب . ادت الى إنعدام أو الى إضمحلال الإستقلال العقلي ، وتنامي عقلية التواكل على الغير. وسيطرة عقلية ” هز الرأس ” ربما عبارة ” مواء ” قريبة الى حد ما من الواقع القائم وما زالت تحتفظ براهنيتها .
تكسرت وتبددت احلام الحرية والتحرر ، وحافظت كافة الدكاكين السياسية على رفوفها ما لديها من خطب ومقولات جاهزة . وربما لأننا لم نستطيع تغيير افكارنا السياسية والعقائدية القديمة … رواحت المنطقة في ذات المربع . وأولئك الذين لا يستطيعون تغيير أفكارهم القديمة ، لا يستطيعون تغيير اي شئ . فما بالك بمجتمعات تحاول اللحاق بالماضي . وتقدم له حقوقاً ليست له . إنها أشبة بكلب ينبح على خياله في مرآة ثم يدور خلفها باحثا على ذيله . قلائل فقط من الأصدقاء الذين أدركوا أنه عندما تكون في صف الأغلبية ، فقد حان وقت التغيير . والتحرر من القطيع . من اؤلئك الذين يبحثون عن وسيلة لحشر الزمن في اربع وعشرين ساعة من الخطب الجوفاء . سنبقى نحمل راية اليسار الإنساني ، دون تعصب ولا مواقف مسبقة.
منذ ايام حضر احد احفادي لزيارتي لم يتجاوز عمره الخمس سنوات ، أهداني إبتسامته الجميلة . قال :
سألته المعلمة من أين أنت ؟
أجاب : فلسطيني يوناني ..
هكذا ستون عاماً ونحن فلسطيني سوري وجزائري وفلسطيني يمني وفلسطيني امريكي إنها الدياسبورا
والأن سوري ألماني وسوري أمريكي وسوري كندي وبلغاري ..الخ
وأيضاً عراقي نرويجي ودانماركي …الخ
وكردي تركي و وعراقي وسوري والماني وبريطاني وسويدي..الخ
ويمني وصومالي ومصري وليبي وسوداني … دياسبورا بالجملة .
مهاجرون .. مجرد ناس عاديين دون ملابس أنيقة ..ولا سلوك استعراضي . نحاول اللحاق بالزمن . من أجل مصلحة ومستقبل أبناءنا والبشرية معاً . لا نبحث عن الماضي ، بل نتعقب المستقبل . نتمنى أن يكون مستقبلا جميلاً .
أتدري من الذي إخترع لفظة ” الغد ” ؟! حسناً …أكثر ما أخشاه على هذه الأجيال، هم لصوص الزمن . ما فوق العولمة القاتلة عندما يصبح الإنسان الحاضر أشبه بالإنسان الآلي . انها جرس الإنذار الأخير قبل إضمحلال الإنسان ، وتحولة الى مسخ كافكوي.
بالنسبة لي سارحل مطمئنأً لأني تداركت مؤخراً ما فاتني من زمن . إنها محبة الآخر ، وموسيقى ” التيبت ” وتأمل أمنا الطبيعة .
سيمون خوري أثينا 15 / 5 / 17
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :