ثورتان لشعب عتي.. شعب تاريخه هو تاريخ الإنسانية، ثورة الخامس والعشرون من يناير قضت على الديكتاتورية، وثورة الثلاثين من يونيو قضت على الجماعات الدينية. ونادى الشعب منذ البداية عيش حرية عدالة اجتماعية.. لم يطلب دولة دينية ولم يطلب المادة الثانية التي منذ نشأتها تهيمن على الدستور.
شعب ذاق مرارة الدولة الديكتاتورية وعلقمها، شعب طلب عيش حرية وعدالة اجتماعية، لم يطلب دستور يجر المواطنين للجنة، لم يطلب رجال دين يعطون صكوك لدخول الجنة، شعب طلب حرية ضد رجال الدين المتحكمين في أمور البلاد والعباد، شعب قدم كل ما يملك… خيرة شبابه من أجل عهد جديد.
شعب طلب حرية إذ به يرتطم بمبدأ تكميم الأفواه، وإعلام فقط للمصفقين والخونة الآكلين على كل الموائد، إعلام يتهم كل وطني حر بأنه عميل.. فأُغلقت قنوات، ومُنِعَ إعلاميين والطامة الكبرى نظام سد آذانه عن سماع الناقدين وسمع صوت المصفقين والراقصين.
لا صلاح ولا إصلاح في دولة أمنية تقضي على الحياة السياسية وترفض قيام أحزاب فاعلة وتكيد للأحزاب الواعدة، وتسلك نفس سلوك الأنظمة السابقة في معارضة كرتونية وأحزاب مدجنة وهمية.
شعب سعى للأفضل إذ به يجد الأقبح.. ليس النظام!! إنما أتباعه الذين سعوا لتقنين الدولة الأمنية وأصبح اللاعبين الرئيسيين فيها هم إعلاميين أمنيين قضوا على خصوصيات المواطن.
شعب آمن بحاكمه لغد أفضل فخرج عن بكرة أبيه بأكثر من ثلاثين مليوناً وامتلأت شوارع وميادين مصر معطين النظام صك مكافحة الإرهاب فإذ بالإرهابيين وقياداتهم في سجون مصر يعيشون حياة الترف.. وإرهابيين خرجوا خارج السجون.. شعب طالب بالعدالة فتم حبس الأحرار.
والدولة ترعى الإرهاب بتغاضيها عن منبعه.. والمؤسسات الدينية لا تفكر في الإصلاح لأجل الوطن بل تعمل لمصالحها الضيقة وتلقي بالإرهاب على الغرب بينما تتجاهل الواقع المرير وهو أن الإرهاب هم منبعه، وأصحابه، ومُريديه.
مؤسسات دينية تقنن التفرقة فتخرج جيلاُ أحادي الثقافة!! عشرات الألوف سنوياً لم يروا ولم يعرفوا أن هناك آخر على أرض الوطن فضاعت العدالة، وضاعت الحرية، واقتنصوا ميزانية الدولة.
شعب تطلع لغد أفضل فإذ بالحاضر قاتم، والغد ربما أسود، وسط توحش مؤسسات الدولة الدينية المهيمنة على مصائر الأفراد بالقانون والدستور، فَحُكِمَ على الأطفال ظلماً، وتعرت سيدات مصر بلا ذنب سوى أنهن ذاك الآخر، وسط كلمات رئيس ضاعت أدراج الرياح، وسط مصفقين آمنوا بدعواته وكلماته ولكن على أرض الواقع لا صلاح ولا إصلاح.
لا صلاح ولا إصلاح لأن هناك قادة دينيين صموا آذانهم عن سماع صوت الحق ورفضوا صوت العقل وعملوا ضد الوطن فأصبحوا مثل “دونك شوت” يصارع الكل يخبط الكل ولا يدرك أن عوراته واضحة للعالم أجمع.
لا صلاح ولا إصلاح طالما هناك مصفقين وهناك راقصين وأمنيين … لا صلاح ولا إصلاح طالما بقيت المادة الثانية في الدستور تقنن الدولة الدينية وسط سُلطة عليا فوق الجميع.. لمؤسسات دينية تكسر الجميع، وتحطم الوطن، وتُكّفرْ الآخر وتحتضن الإرهابيين.
لا صلاح ولا إصلاح طالما تغاضت الإرادة السياسية عن سماع صوت المصري الأصيل: عيش حرية عدالة اجتماعية.. لا صلاح ولا إصلاح طالما لم يتغير النظام في أيديولوجياته فاستبدل تيارات إخوانية بتيارات سلفية..
مدحت قلادة
medhst00_klada@hotmail.com