صلاح الدين محسن
الديموقراطية هي الطريق التي لا بديل لها لنهوض الشعوب الكسيحة ، وتقدم الأمم المتأخرة .. انها أحدث نظام للحكم .. النظام الذي توصل
انسان الحضارة الحديثة اليه بعد رحلة الانسانية الطويلة ومعاناتها مع أشكال وأ لوان من نظم الحكم المختلفة عبر التاريخ , فكانت الديموقراطية
هي خلاصة كل تلك التجارب ، حيث تحدد حقوق الشعوب طرف حكامها وتضمن لها الحرية والعدل والمساواة والحياة الكريمة ، كما تضع
أيضا حدودا لسلطات الحاكم ، فلا يتدكتر ، ولا يتأله ، ولا يتصرف في شئون البلاد ومصائر ومصالح العباد كما يتصر ف في ضيعة ورثها
عن الهانم والدته أو الباشا المرحوم والده ..
وبالاضافة الي تلك المزايا الجليلة والنعمة الكبيرة للديمقراطية فانها تحقن الدماء وتحفظ السلام عند الاختلاف علي الحاكم أو النظام …
وعلي سبيل المثال :
لو أن الأصوات علت وكثرت في بريطانيا أواسبانيا حول المطالبة بالغاء النظام الملكي ، واختلف الشعب وانقسم علي نفسه ، فهل تقوم حرب
أهلية بين أنصار الملكية ، وبين المطالبي بالغائها وتدمر فيها البلاد وتقع الويلات علي رؤوس العباد ؟
كلا..وانما يحتكموا الي الديموقراطية التي تنص علي اجراء استفتاء وعلي الأقلية الانحناء لرأي الأغلبية ولو بزيادة صوت واحد .. وعليه
يجري الاستفتناء ولتكن النتيجة كما تكون ولو كان الفارق صوت واحد فالفريق الآخر يلتزم و: أخوة وحبايب ..
تلك هي الديموقراطية
وهذا بعكس ما حدث باليمن قبل ذلك ، وممكن أن يحدث بأي بلد من نفس العينة ” العروبسلامية” .. فعندما اختلفوا في اليمن علي انهاء
النظام الملكي ( الامامة ) لم يلجأوا للاستفتاء والأخذ برأي الأغلبية كما تقضي الديموقراطية .. وانما قامت حرب أهلية بين اليمنيين ، دخلت
فيها السعودية فأصبحت الحرب أكثر سعيرا واستعارا ، ودخلت فيها مصر ( عبد الناصر ) وبقت مصيبة كبيرة ( دولية ..) وخراب ليس علي
شعب واحد وانما عدة شعوب ..
فلماذا لم تأخذ تلك الشعوب بالديموقراطية لتجنب نفسها شر القتال؟
لأن عقيدتها الدينية لا تعرف سوي شيء اسمه الشوري …. والشوري تختلف تماما عن الديموقراطية ..
ففي الشوري ذاك النظام البدائي القبلي الذي يصلح بشكل جيد لقعدات الخيمة أو الديوان ( والمصطبة أيضا في الريف المصري) حيث يمكن
فض المنازعات بين الأهل والأصدقاء ، وحسب الاجتهادات ، ممكن تحسم بعدل أو بدون ، وحسب الشخص القوي الشخصية وصاحب القدرة
الأكبر علي التأثير والحسم في المجلس ..! وهذا ما حدث في سقيفة بني ساعدة عندما اختلف أنصار محمد عمن يتولي الحكم من بعده .. فما
كان أن تقدم رجل قوي ( عمر ) وحسم الموضوع منه لنفسه هكذا.. قائلا لأبي بكر اعطني يدك لأبايعك .. فألجم الكل بقوته الشخصية ومرت
في هذه المرة – وان تركت أشياء في النفوس – ، ولكن في مرة أخري عندما حدث الخلاف علي السلطة بين كاتب الوحي(!) ، وأبا الحسنين
، من كرم الله وجهه(!) قامت الحرب والمذابح وكان حصادها عشرة آلاف قتيل ، كانوا ثمارا للاحتكام الي الشوري ..
وحتي الآن لا يزال بتلك المنطقة من يصرون علي الاحتكام للشوري ويرون أن الديموقراطية كفرا ..
وفي نفس الوقت يتظاهرون باعتناقها لأجل الوصول للسلطة عن طريقها ..
فان قلنا لهم ولكن مبادئكم التي ستحكمون بها ضد الديموقراطية ولا يمكن أن تقوم ديموقراطية ببلد اسلامي .. قالوا : بل قامت فعلا ونجحت
في ماليزيا واندونيسيا والفلبين .. وراحوا يعددوا دولا بعيدة عن منطقتنا تماما وهي بلاد تختلف عن بلادنا لأنها بلاد ليست عربية ، وانما هي
واقعة تحت أسر الاسلام وحده ، أي أن العروبة والاسلام لم يجثما معا علي تلك البلاد من حسن حظها والا لما أمكن أبدا قيام ديموقراطية بها
فالأمازيج في الجزائر الذين يطالبون بعودة الجزائر الي قوميتها الأما زيجية ويطالبون الحكومة بتصحيح التاريخ ” لسنا عربا ، نحن أمازيج “
ربما لو تمكنوا من الخروج من قفص العروبة والعودة الي قوميتهم ( مثل ماليزيا و اندونيسيا والفلبين وحتي تركيا التي لفظتها من البدابة )
لأمكنهم تطبيق الدموقراطية والنهوض واللحاق بالأمم المتقدمة ، وكذلك حزب مصر الأم ( في مصر ) ، الذي يسعي لتحقيق نفس المطلب ، باعادة
مصر الي قوميتها الحقيقية المصرية ربما لو تمكن من ذلك لكان باستطاعة مصر أن تنهض وتلحق بالعصر الذي نعيشه ولا نعيشه ، وان كنا
نعتقد في صعوبة ذلك كثيرا لأن العروبة والاسلام اذا ما جثما فوق صدر أمة واجتمعا عليها فلا يمكن لتلك الأمة الفكاك منهما ، لماذا؟
لأنهما يشبهان تماما : ريا ، وسكينة ..
و” ريا وسكينة ” كانتا اذا أمسكتا بضحية من ضحاياهما فلا فكاك .. ، لأن احداهما تكتف ، والأخري تخنق ..
وأية محاولة للخلاص من ” ريا “وحدها ، مستحيلة .. لأن سكينة لا يمكن أن تسمح بذلك ..
وكذلك أية محاولة للخلاص من ” سكينة ” وحدها .. مستحيلة .. ، لأن ” ريا ” لا يمكن أن تسمح بذلك ..
ولذلك فان ” ريا ” ، و ” سكينة ” لم يتم التخلص منهما الا بضربة واحدة .. وتم تخليدهما في الأعمال السينمائية والمسرحية
والأمل في ربنا كبير .. بدخولهما تاريخ السينما والمسرح ، ونعمل لهما أحسن الأفلام و أمتع المسرحيات.. صلاح محسن فيسبوك