من نييورك إلى لندن إلى مدريد إلى باريس وانتهاء ببروكسل أخيراً، أعمال إرهابية بشعة يجمعها رابط وحيد، وهو أن منفذيها مسلمون.
ليس خافياً على أحد ما تعرّض له العرب و المسلمون خلال تاريخهم من مظالم وشرور واعتداءات، وحجم التحديات التي وضعت أمامهم على الأقل منذ بداية القرن العشرين؛ فمن تقسيم بلادهم، إلى احتلالها من قبل الانكليز والفرنسيين، إلى مجازر الفرنسيين في الجزائر، إلى زرع إسرائيل في جسد العرب، إلى دعم الغرب أو غضه النظر عن ديكتاتوريات تسيّدتهم وقمعتهم وسرقتهم، إلى احتلال اسرائيل لأراضيهم، إلى احتلال افغانستان، إلى وئد ثورات المسلمين الشعبية في الجزائر وليبيا و سورية ومصر بين خمسينيات وتسعينيات القرن الماضي، إلى احتلال الاتحاد السوفيتي لافغانستان، إلى قمع ثورة الشعب الشيشاني المسلم، إلى المجازر التي ارتكبت بحق المسلمين في يوغسلافيا السابقة، إلى احتلال العراق، إلى مذابح نيجيريا وبورما. كل تلك الأمثلة وسواها يمكن وبسهولة سوقها كمبررات لتفسير تشكّل حواضن ساهمت في صعود التطرّف الإسلامي.
إلا أن نظرة أعمق تكشف لنا أن ما سبق يشكّل نصف الحقيقة وليس كلها، فثمة أمم كثيرة تعرضت لما تعرّض له المسلمون و أكثر؛ فبعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية تم إذلال الألمان بشكل مريع على أيدي السوفييت الذين أسروا قرابة ثلاثة ملايين منهم، وأودعوهم معسكرات الاعتقال والإذلال والجوع في سيبريا، وتم تفكيك مجتمعهم وتدمير حضارتهم. اليابان ارتكبت مجزرة فظيعة بحق الصين عام 1937 فيما يسمى مجزرة نانجنغ قتلت فيها ربع مليون إنسان، ثم تم احتلال اليابان نفسها على أيدي الأمريكيين مع نهاية الحرب العالمية الثانية، فرنسا العظمى أيضاً احتلت عاصمتها وحاضرتها على أيدي النازيين الذين قتلو منهم قرابة نصف مليون إنسان.
هذا سياسياً، أما دينياً فمع بدايات القرن اضطهدت الشيوعية المسيحيين الأرثذوكس في روسيا وكوريا الشمالية وقتلت منهم عشرات الألوف، ثم اضُطهد اليهود في قلب أوربا وقتل منهم مئات الألوف وأحرقوا بشيبهم وشبابهم وأطفالهم في أفران الغاز النازية، في أوروبا المسيحية نفسها اضطهد البروتستانت الكاثوليك في إنكلترا، وفي فرنسا حدث العكس وارتكبت مذبحة ضخمة بحق البروتستانت، وتاريخياً اضطهدت الدولة العثمانية في عهد سليمان القانوني مسيحيي أوروبا الشرقية، ثم المسيحيين الأرمن مع بدايات القرن العشرين وارتكبوا بهم أبشع المجازر وقتلوا منهم قرابة مليون إنسان.
لكن في أي مما سبق لم تنشأ لدى المضطهدين تيارات (عقائدية) يقوم فيها أتباعها بقتل أنفسهم وسط المدنيين لهدف وحيد وواضح وهو وبث الرعب في أوساطهم وترويعهم، واعتبار ذلك عملاً بطولياً سيكافؤون عليه، ولم تجد في شرائعها ما يبرر لها ذلك، كما لم نجد انتحاريين جوالين عابرين للحدود، و ينتقلون من بلد إلى بلد ليقوموا بعملياتهم بدوافع عقائدية وأممية خارج مفهوم أوطانهم الأصيلة.
إذاً مالذي يختلف في الحالة الإسلامية، ولماذا هذا الكفاءة النادرة و التفرّد بتصنيع الإرهابيين الجوّالين حول العالم، خصوصاً عندما نعلم أن كثيراً منهم – الإرهابيين- لا تشملهم بالأساس شروط الاضطهاد التي قد تبرر ما يقومون به؟
– مالذي يدفع جهادياً مسلماً يعيش حراً منعماً في بلد أوروبي إلى السفر إلى مناطق البؤس والحروب في سورية والعراق ليقتل نفسه هناك، أو أن يفعل ذلك في البلد الذي آواه وحمل جنسيته وأكل من خيره كما في حالة ارهابيي عمليات باريس وبروكسل الأخيرة؟
– مالذي يدفع مليونيراً كبن لادن ليخرج من نادي المال والأعمال والقصور و الثراء ليسوح بين الجبال والقفار ويتحوّل إلى قاتل وممول للإجرام العقائدي حول العالم؟
– مالذي يدفع شخصاً مؤهلاً على مستوىً عالٍ كالطبيب ايمن الظواهري الذي كان ليصبح شخصاً مرموقاً وصاحب عيادة في القاهرة، فيختار طواعية أن يسكن الكهوف ويتداوى بالأعشاب ويتحوّل إلى إرهابي يتمتّع بمشاهد قتل الناس وترويعهم على الشاشات في أراضٍ لم يطأها ولا يعرفها، وتقع على الجانب الآخر من العالم؟
في هذه المادة أحاول الإجابة على هذا السؤال مفترضاً أن أحدهم قرر أن يصبح إرهابياً، فهل سيجد في الاسلام ما يشجعه على القيام بذلك؟!، علماً أن ما يخضع له كل الارهابيين هنا، هو بالضرورة ما يخضع له معظم المسلمين، وهو ما تعلموه فطرياً في الكتاب والسنة وعلى أيدي المشايخ على مرّ العقود، وكانوا يكررونه ويتداولونه برضىً في ثقافتهم الشعبية، و لم يجدوا فيه ضيراً أو نشازاً رغم كل ما يحمله من معاداة للفطرة والإنسانية.
ملاحظة ابتدائية:
عندما أذكر الإسلام هنا لا أعني الاسلام النخبوي الحداثي (النادر)عند قلة من المفكرين الاسلاميين، بل أقصد الاسلام السائد الشعبي الذي يؤمن به رجال الدين التقليديين وعامة المسلمين وغلبتهم الغالبة، فهم حملة الدين الحقيقيين، وفي هذا الإطار استبق من سيدافع بالقول أن هناك فهماً مغلوطاً عن الإسلام لدى غالبية الناس، فهذا الكلام التبريري غير مهم حين الحديث عن الوقائع والنتائج اليوم.
والأدلة التي سأسوقها أدناه تقصّدت أن يكون جلّها من القرآن كي لا ندخل في متاهات توثيق الحديث والأخذ والرد فيه، علماً أن تلك الأدلة هي ذاتها التي يستخدمها الإرهابيون لتبرير جرائمهم، وتفسيرها على النحو الذي سترد فيه هو السائد والوارد في معظم التفاسير المرجعية، وهي المعمول بها في معظم المؤسسات الدينية في العالم الاسلامي، وأي فهم آخر أو معاكس للنصوص كالذي يعمل عليه المفكرون الإسلاميون الحداثيون الذين يرفضون جزءاً كبيراً من الموروث الاسلامي، يبقى قاصراً على فئة نخبوية قليلة، ولا يجد ترحيباً كبيراً بين المسلمين، بل إن من يعملون عليها مرفوضون ومتهمون بالافتئات على الدين وتحريفه لإرضاء الغرب كما في حالة عدنان ابراهيم ومحمد شحرور واسلام البحيري و سواهم، وهنا تجدر الإشارة إلى أن النص القرآني يحتمل هذا الانقسام الحاد، فهو يتضمن الشيئ ونقيضه في كثير من المواضع، وأدلّ مثال على ذلك الآيتان: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) المائدة 32، و (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) التوبة 5، فالفريقان يعتمد كل منهما للتدليل على موقفه على نص يؤدي المعنى المعاكس عن الآخر، ويتجاهلان كيفياً السياق وأسباب ورود النص، فلا الأول يقول أن الآية الأولى نزلت في بني اسرائيل وليس المسلمين بالأساس، ولا الثاني يقول بأن الآية تخصّ حالة الحرب التي كانت في مكة، والتي توقفت خلال الأشهر الحرم.
إن عملية تفسير القرآن بغالبيتها اعتمدت على هذه الآلية الكيفية، لذلك اختلف المفسّرون في كثير من المواضع، ولعل هذا هو السبب الرئيسي لانقسام المسلمين اليوم إلى ملل ونحل وطوائف كلٌ بحسب تفسيره وبحسب اختياره وطويّة نفسه.
خطوات تصنيع الارهابي المسلم:
من المثير حين ندلف إلى هذا الموضوع الشائك أن نصطدم بداية بحقيقة غريبة، وهي أن عملية تصنيع الارهابي المسلم تعتمد اعتماداً كلياً على شرعنة ثالوث الشر المعروف (الجنس-المال-السلطة)، ومن المثير أكثر أن هذا الثالوث هو ما يقوم الاسلام بمحاربته في كل أدبياته، و ما ينزّه المسلمين ويحذرهم من الوقوع فيه، لكنه في ذات الوقت يقدمه كهدف منشود على كل مسلم أن يسعى إليه، ويثاب من يفعل.
المخطط المبسط أدناه يبين المقصد، وكيف أن هذا الثالوث مشرعن ومأصل نصاً بشكليه الدنيوي والأخروي، ويحول الجريمة إلى مكافأة، والمجرم إلى مؤمن:
هذا الكاتب هو مايسمى ب دعي العلم
هذا ممن أصبح بفضل الفضاء الإلكتروني يكتب مايشاء ويدعي مايشاء،وممن اشتهر بسبب الثورة
وليس أهلا” لها،وأقل مايقال فيه هو الرويبضة
خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟
١: لنأتي لما قاله علي بن أبي طالب عن القرأن لقائد المسلمين الهاربين للحبشة { لاتجدلوه بالقرأن لأنه حمال أوجه ، ومقال يزيد بن معاوية عنه { لعبت هاشم بالملك ، فلا خبر جاء ولا وحي نزل } ؟
٢: هات مفسرين للقران إتفاق على تفسير أية ؟
٣: وأخيراً …؟
ليس غريباً أن يمتهن غالبية المسلمين المتشددين الاٍرهاب مادام نبيهم لص وقاتل ومغتصب وربهم مكار وقواد ، سلام ؟