اختلف أساتذة اللاهوت وممثلو الأديان من الشخصيات رفيعة المستوى حول أسباب حصول اليهود دون غيرهم من الشعوب على وصايا الله العشر والتي تعرف أيضا باسم “لوحات العهد” التي تسلمها النبي موسى، حسب قصة التوراة، منقوشة على الحجر من رب العالمين في جبل سيناء.
الخلاف حول هذه الأسباب زج المؤتمر الدولي للتفاهم بين الديانات في صراع جديد أشغل الإعلام الدولي وقاد إلى تدخل الدول العظمى لتهدئة الخواطر ونقل بحث الموضوع إلى الأمم المتحدة، حيث أنها المنظمة المخولة لحل النزاعات بين الشعوب.
الأمريكيون كعادتهم، برروا ذلك بأن الله منح وصاياه لشعبه المختار من بين جميع شعوب الأرض، والمسمى بالتوراة باسم إسرائيل أيضا وأنه فضلهم على ألأمم وبالتالي أضحى هذا الأمر معيارا للمواقف والمناهج الأمريكية التي تحافظ على التماثل مع إرادة القدير ولا تخل بمشيئته، خاصة وان أمريكا اختارها الله بالتأكيد لتدير شؤون البسيطة بعدالة وديمقراطية وحرية فهل يليق بها ان تنقض إرادة السماء بسبب بضعة مشردين فلسطينيين أو محتجين أو لاساميين أو رافضين خيارات الله ؟!
أشار المندوب الأمريكي انه لا يمكن نقض الحجة السياسية الإلهية القوية التي نزلت في سيناء وذلك حين منح الله وصاياه لشعب إسرائيل.
أثار هذا الكلام امتعاض مندوبي الدول العربية والإسلامية وشريحة كبيرة من الدول التي ترفض تبرير سياسات عصرنا الراهن بقصص توراتية لا دليل علمي على صحتها ولا منطق باعتمادها وكأن العالم لم يتغير منذ ستة آلاف عام. العرب آثروا الصمت لضمان علاج الملوك والرؤساء العرب والشخصيات المرموقة من الدول العربية في مستشفيات ألأمريكان أو حتى في مستشفيات إسرائيل كما تقول بعض المعلومات دون أي إثبات عملي لها، لأن مستشفيات العرب الوطنية مخصصة كمحطة في الطريق للمنتقلين للسكن في المقابر.
الأوروبيون ترددوا في ألبداية وقالوا ان الموضوع مثير للاهتمام حقا، وبما أنهم أقرب لمنطقة الحدث، سيناء وارض الميعاد، فلهم وجهة نظر مختلفة قليلا. أولا هم يقرون بأن الله أعطى أبناء إسرائيل اعترافا مميزا، برروا موقفهم بان للأب دائما ميول نحو بعض الأبناء أكثر من ألآخرين وهذا لا يعني انه يكره بقية الأبناء أو يتنكر لهم، بل هي مسائل تتعلق أيضا بذكاء الأبناء ومدى استجابتهم لتوجيهاته، حفاظهم على ميراثه، ومواصلة التقيد بما أوصاهم به في التوراة.
هناك سؤال يضغط على الفكر… ما الفرق بين الموقف الأمريكي المبايع بدون تردد والموقف الأوروبي الذي يريد ضمان الهدوء في منطقة الشرق الأوسط القريبة منه؟ تساءل المتحدثون الأوروبيون: “هل من علاقة بين أبناء إسرائيل اليوم وأولئك الذين تاهوا في صحراء سيناء أربعين عاما؟ الم يعاقبهم الله بسبب عقوقهم وعدم استقامتهم، تماما كما يعاقب الأب ابنه العاق؟ وأضافوا بتردد ما، بان “الاستنتاج البديهي ان يهود اليوم ليسوا هم يهود الأمس”….
كما وجاء في تبرير الممثل الأوروبي ان الشعوب اختلطت، الديانات نقلت عن بعضها، تشابكت قصصها وتفسيراتها، لم يعد الفرز يشير إلى تميز خاص وهذا يلزمنا بعدم تبرير كل ما يقوم به أبناء إسرائيل اليوم تحت غطاء مضى عليه ستة آلاف سنة بحساب ألدين ومليارات السنين إذا حسبنا تاريخ الأرض ونشوء الحياة فوقها حسب الأبحاث العلمية وتجربة الانفجار الكبير الذي اثبت كيف نشأت ألأرض.
الموقف الأوروبي المذكور أعلاه أثار زوبعة غضب صهيونية مما عرض الأوروبيين لنقد شديد اللهجة بلسان مسئول كبير من بني إسرائيل جاء فيه :”لم يتخلص الساسة الأوروبيين حتى اليوم من لاساميتهم؟! ألم يتعلموا شيئا من الكارثة التي أودت بحياة ستة ملايين يهودي في أوروبا نتيجة العداء للسامية التي ميزت كل التاريخ الأوروبي ووصلت ذروتها في النظام النازي؟! أليست الشعوب أيضا على دين ساستها كما علمتنا التجربة التاريخية؟!”.
الغضب الصهيوني دفع الخارجية الأمريكية إلى طمأنة إسرائيل بأن التصريح الأوروبي ما هو إلا زلة لسان غير مقصودة سيتم علاجها بسرعة بالطرق الملائمة!!
من جهة أخرى، اعتقد ان إدخال موضوع العلوم الغربية الصليبية الكافرة منع الدول الإسلامية والعربية من تبني التفسير الأوروبي، حيث قال ممثل إحدى الدول الإسلامية انه من الناحية العلمية، الإسلام نسخ جميع الديانات ذلك لان شريعة الإسلام حسب علم الفيزياء الذي اكتشفه علماء الدين في كتابهم الكريم قبل علماء الغرب ألكافر هي آخر ألشرائع وهي ناسخة لما سبقها من الشرائع ومهيمنة عليها.
هنا قاطعه ممثل “أبناء إسرائيل” بان القرآن جاء معترفا بأن اليهود هم شعب الله المختار… لكن المتحدث الإسلامي أصر رغم المقاطعات الصهيونية والامبريالية والصليبية، ان المسلمين هم خير أمة أخرجت إلى الناس وهذا ينسخ مقولة التوراة أو ما ورد في القرآن عن شعب الله المختار.
قام الأمريكيون باستدعاء الممثلين الأوروبيين إلى البيت الأبيض لتوبيخهم بسبب تفوهات لا تليق بمن ينتمي للعالم الحر الديمقراطي الذي يحترم حقوق الإنسان. على اثر التوبيخ الأمريكي أستدرك ناطق باسم المجموعة ألأوروبية زلة اللسان مؤكدا ان اللاسامية محظورة حسب القانون ألأوروبي وقال ان القانون يعاقب كل من يتفوه بكلمة تفسرها إسرائيل عداء لها، وبسبب زلة أللسان هذه عوض الأوروبيين إسرائيل بغواصتين من الطراز ألحديث لتعود العلاقات إلى طبيعتها.. ولكن رضاء إسرائيل لم يكن كاملا، لم يتوقف غضبها نهائيا إلا بعد أن تلقوا تعويضا آخر من ألأمريكيين لم تنشر تفاصيله، لكن تسربت معلومات صحفية تشير إلى منح إسرائيل، ضمن صفقة إرضائها، عشر طائرات حديثة من نوع الشبح الذي لا تكتشفه الرادارات والمعروفة ب “اف-35” أيضا… بالإضافة إلى تعهد أمريكي باستعمال حق النقض الفيتو ضد أي قرار يدين أي تصرف إسرائيلي مهما كان عدم توافقه مع القانون الدولي أو حقوق الإنسان.
ممثلو الكنائس المسيحية الشرقية والغربية اجتمعوا واتفقوا لأول مرة في تاريخهم منذ أيام ألمسيح وأصدروا بيانا، اختلفوا في البداية أي عنوان يكون على رأس البيان، ثم حلوا المشكلة بإصدار نسختين الأولى توقع من بابا الفاتيكان وعلى رأسها الصليب أللاتيني والثانية توقع من كبير بطاركة اليونان وعلى رأسها الصليب الأورتوذوكسي. ترسل النسختان لجميع أعضاء الأمم المتحدة بمغلف واحد، تنص على عدم تجاهل ان المسيح ابن الله جاء ليكمل الدين ويغير ما لم يعد يلائم الحياة، لينقذ البشر من الضياع ويخلصهم من الخطيئة وان أتباعه كانوا من اليهود قبل ان ينتشر دينه بين الأمم وان من لم يؤمن بالمسيح لا يمكن ان يكون ضمن شعب الله المختار… لأن المسيح هو ابن الله ومتوحد مع الله ومن يرفضه يخسر تصنيفه الديني المميز. لم يذكر بيانهم ان المسيحيين هم شعب الله المميز الآن وأن المسيح حين يعود سيجعلهم فوق جميع الأمم. تركوا ذلك لحكمة الفرقاء، فعلوا ذلك بذكاء حتى لا يثيروا مزيدا من النقاش حول مسالة بديهية تؤمن فيها المسيحية… وعلى هامش النقاش في الجمعية العمومية همس ممثل الفاتيكان في الأمم المتحدة بأُذن المندوب ألأمريكي “ان المخلص حين يعود في نهاية العالم سينقذ أولا من آمن به وبأبيه وينقلهم إلى ملكوت السموات”.. هذا الأمر أسعد المندوب الأمريكي فردّ همساً بأذن ممثل الفاتيكان: “ان الانتخابات الأمريكية على الأبواب والصوت اليهودي يهم الرئيس.. وآمل ان يفهم بابا الفاتيكان حراجة الموقف ألأمريكي وان الموقف في الأمم المتحدة لا يعني تنازل أمريكا عن أولوية المسيحيين في ملكوت الله.. وان أمريكا لن تستعمل حق النقض الفيتو على قرار السماء بشمل اليهود أيضا بملكوت الله”. المندوب الفنزويلي المؤيد للعرب علق بسخرية على بيان ممثلي الكنائس المسيحية بقوله: “هل صار المسيح صهيونيا أو طالبا للهجرة إلى أمريكا ؟”.
على اثر ذلك احتد النقاش من جديد وعلت الأصوات بصخب ومقاطعات. رئيس الجلسة المندوب الروسي ضرب بقوة على الطاولة بالمطرقة لتهدئة النقاش الصاخب، فانكسرت يدها. أصابته الحيرة لوهلة، ثم فتح الله عليه بفكرة متذكرا زعيما سابقا لدولته اضطر إلى فرض الهدوء على نقاش سابق في الأمم المتحدة فنفذها، خلع حذاءه واستعمله بدل المطرقة لتهدئة النقاش الصاخب، فساد الصمت… ثم انفجر الجميع بالضحك والتصفيق الصاخب.
لم يصل البحث إلى نتيجة. وقفت الصين ضد أي قرار دولي يعترف بأي طرف كصاحب مميزات أكثر من الآخرين لدى الخالق. قال المندوب الصيني ان المقياس يجب ان يكون العمل والإبداع وليس الأساطير والغيبيات… وانه حتى الديانات الأقدم مثل الكونفوشية والبوذية قدمتا للبشرية أروع الأفكار وأفضل الحضارات وهو أمر يتجاوز ما يسمى بالديانات ألتوحيدية التي هدمت حضارات سبقتها ولم تبن غيرها، كما ادعى، مما اثار غضب المسلمين لتجاهله حضارتهم ألعظيمة ولكنهم “جمطوها” لأن الموقف الصيني يخدم تطلعاتهم. أضاف مندوب الصين ان الحضارة الحديثة لم تنشأ إلا بعد ان انتفضت أوروبا على التعسف ألكنسي وان الديانات التوحيدية زرعت الأوهام الكبيرة وجعلت أتباعها خاملين منتظرين الخلاص من السماء ومن ترديد نصوص هي أشبه بالأفيون. لولا هذه الجملة الأخيرة واستهتاره بالديانات، لصفقت الدول الإسلامية للمندوب الصيني على موقفه ضد إقرار الأولوية لليهودية أو المسيحية على سائر الديانات. كانت هذه من المرات النادرة التي لم ينجح المندوب الأمريكي بتمرير قرار يعلي شأن أبناء إسرائيل على جميع الأمم.
استهجن المسلمون العقلية الأمريكية الغبية التي تحتضن (15) مليون يهودي وتهمل (1.5) مليار مسلم ؟!
صحيح ان المندوب الروسي أصر على ان الكنيسة السلافية الأورتوذوكسية هي الأصل، لكنه تنازل عن إثارة هذه المسالة الصعبة مقابل تعهد أمريكي بعدم نشر الشبكة المعروفة بدرع الصواريخ على مقربة من حدود روسيا، بذلك كسبت أمريكا الصوت الروسي ضد الدول الإسلامية، لرؤيتها ان المسيحيين على مختلف كنائسهم وبدعهم هم يهود التاريخ وان أي إقرار لأولوية أبناء إسرائيل لا يتناقض مع الإيمان المسيحي بأنهم (المسيحيون) هم الأقرب إلى قلب الله وابنه، لأنهم تاريخيا يهودا قبلوا المسيح الرب كمخلص لهم وعُرفوا باسمه: “مسيحيين”.
الأمين العام للأمم المتحدة اقترح أمام هذه الإشكالية الصعبة ان تتشكل لجنة تقصي حقائق تراجع الكتب المقدسة، تبحث في سجلات التاريخ لكي تعطي الإجابة الشافية عن السؤال الجوهري لماذا اختار الله اليهود ليعطيهم الوصايا العشر وهل لهذه الحادثة التاريخية إسقاطات على واقعنا اليوم بحيث يعتبر شعب إسرائيل شعب الله المختار وتبرر كل تصرفات منظماته ودولته؟ وهل ما جاء في التوراة قبل ستة آلاف سنة ما زال ساري المفعول في أيامنا؟ المضحك كما قال مقاطعا المندوب الصيني: “ان العالم الذي يقدر عمره بمليارات السنين تختصره التوراة إلى ستة آلاف عام”. أضاف الأمين العالم للأمم المتحدة في تكليفه للجنة الدولية بعد ان طلب عدم مقاطعته، ان عليها ان تشرح أيضا كيف نفهم انشقاق المسيح عن اليهودية ورفضه لبعض تعاليمها الجوهرية، ألا ينهي ذلك مقولة الشعب المختار من الابن الذي يندمج مع الأب والروح ألقدس ليشكلوا إلهاً واحداً كما تقول المسيحية في أناجيلها؟
وبناء على مت تقدم طلب الأمين العام للأمم المتحدة من اللجنة ان تقدم تقريرها له بعد انتهاء عملها. كالعادة قاطع المندوب الإسرائيلي عمل اللجنة لأنها تشكلت من دول مارقة لاسامية، فاضطرت الولايات المتحدة لإعلان توقفها تمويل عمل اللجنة… فتبرع أمير نفط عربي بتمويل عمل اللجنة بإيعاز من الأمريكيين طبعا.
مفاجأة عظيمة كانت بانتظار اللجنة الدولية، مع بداية عملها حيث وجدت أمامها جبال من التسجيلات والتفسيرات. قدر رئيس اللجنة ان مجرد قراءة عناوين المواضيع يحتاج إلى عشرة ألاف ساعة قراءة على الأقل.
عضو اللجنة المندوب الصيني رفض ان يتعب نفسه بقراءة ما لا ينفع في النمو الاقتصادي للصين وفي توسيع التصدير الصيني إلى دول العالم. قال ان وقتهم وجهدهم يذهب هباء، ان المعروف والمثبت ان كل قصص التوراة، هي ترجمة لأساطير بابلية وصينية وهندية وكنعانية وأشورية ومصرية ولا يمكن اعتمادها في عالمنا المعاصر الذي يعتمد على العلوم والتكنولوجيا والهايتك والفلسفة. قال أيضا مستفزا الجميع: ان الله نفسه تعرفه التوراة بأنه مجموعة آلهة، إذ جاء في التوراة اليهودية ان الآلهة (أي “الوهيم”) وليس الله (“ايل”) خلقت في البدء السموات والأرض، وذلك تمشيا مع الأسطورة البابلية التي ترجمها اليهود أنفسهم أثناء سبيهم في بابل وتتحدث عن سبعة آلهة خلقوا السماء والأرض والإنسان والنبات وهلم جرا… هذا ينفي كل ما تلا ذلك من تطورات واختلافات وانشقاقات، بالتالي مهما بحثنا لن نصل إلى تغيير الحقيقة الأولية، لا شيء من السماء بل كل شيء من الأرض.
أضاف المندوب الصيني ان الباحثين في جامعة شانغهاي توصلوا إلى حل منطقي لهذه الإشكالية قد يرضي الجميع، لكن السؤال يبقى هل من حل يرضي إسرائيل؟ ما هو الثمن لرضائها هذه المرة؟ هل باستطاعة أمريكا والدول الأوروبية دفع الثمن الذي يرضي إسرائيل كلما غضبت؟!
اهتم أعضاء اللجنة، قبل بحث ما يرضي إسرائيل بمعرفة الحل الذي توصل إليه علماء جامعة شانغهاي ذات الاسم الدولي والعلمي الراقي جدا.
ابتسامة المندوب الصيني اتسعت لترسم خطاً أفقياً بين الأذنين. فتح دوسيته وأخرج مستندا، تأملهم للحظة ثم قال بسخرية:
– هل تقرؤوه أم أقرأه لكم؟
– لا نعرف الصينية نرجوك ان تترجم!!
– انتم لا تدرون كم تخسرون بجهلكم للصينية. من لا يعرف الصينية في أيامنا يعيش في ظلام دامس. حسنا إن ما توصل إليه علماء الصين يحل إشكالية الخلاف. حسب المذكرة التي وصلتني أمس وضع علماء الصين تصورا رمزيا جاء فيه ان الله كلف الملائكة بحمل الوصايا العشر وتقديمها للبشر على الأرض وذلك كونه كما تقولون عادل ويحب كل أبنائه بنفس القدر.
وهذا ما كان. انطلق الملائكة إلى شعوب الأرض قاطبة، وصل ملاك للعرب، سأل كبيرهم: “هذه وصايا من الرب، هل تريدونها؟” سال كبير العرب: “ماذا فيها؟” قرأ الملاك بنود الوصايا وعندما وصل إلى “لا تقتل” قاطعة كبير العرب: “هذه لا تنفعنا، هل يقتلوننا ونقف نتفرج، هل نتنكر لعنترة الذي قال وددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم؟ هل نتنازل عن تراثنا المليء بالبطولات؟ ألم نجعل للسيف مئات الأسماء؟ ماذا ستفيدنا سيوفنا اذا تخلينا عنها؟”.
جاء ملاك آخر إلى الفرنسيين. عرض عليهم الوصايا. سأله كبيرهم: “ماذا بها؟”. بدأ الملاك بقراءة البنود العشرة. وصل إلى “لا تزن”، صرخ الفرنسي: “كفى كفى.. لا نريد الوصايا، نساؤنا جميلات ومغريات، فهل تريدهن ان يبحثن عن رجال خارج فرنسا ليلحق بنا العار والشنار؟”
وصل ملاك أيضا إلى الرومان. وعرض عليهم الوصايا وبدأ يقرأ بنودها، وعندما قرأ “لا تسرق” غضب كبير الرومانيين وقال: “كفى، لا تنفعنا، الكل يسرقنا ولا بد أن نرد على السرقة بسرقة؟”
وهكذا وصل الملائكة إلى جميع الشعوب، حيث كان لكل شعب حجته ليرفضها. عادوا الى الله خائبين. زجرهم الرب على تقصيرهم في تسويق وصاياه وهددهم بطوفان جديد، ثم تذكر أنهم لم يصلوا لبني إسرائيل: “لماذا نسيتم الشعب التائه في صحراء سيناء؟”. قال أحدهم:” كنت في ارض كنعان ولم أجدهم”. أمره الرب بالتوجه فورا إلى سيناء.
التقى الملاك بعد جهد كبير من البحث بين رمال الصحراء وكثبانها مع بني إسرائيل. كانوا غاضبين متعبين جائعين وعطشى يؤلمهم الضياع الطويل بدون بارقة آمل. أخبرهم الملاك بما يحمله لهم من وصايا الرب. سألوه:” وهل تسدّ عطشنا وجوعنا؟” قال الملاك: “تنقذكم من عذاب جهنم وتروي أرواحكم وتشبع نفوسكم وتجعلكم أول شعب يقبل وصايا الله وبالتالي المختارون لديه”. قالوا: “هذا غير مهم، موسى وعدنا بالخلاص وأضاعنا في سيناء”. قال الملاك: “أنا أتكلم باسم رب موسى، ووعود الله قاطعة”. سألوه ليصرفوه: “كم ثمن هذه الوصايا؟”. فاجأهم حين قال لهم: “إنها هدية مجانية من الله”. قالوا بصوت واحد فرحين: “هدية بلا مقابل؟! مجانية؟! حسنا هذا رائع، هاتها واجلب لنا عشرة أخرى مثلها!”
nabiloudeh@gmail.com