قبل الثورة البلشفية كانت ملامح خريطة روسيا الإجتماعية تشبه إلي حد بعيد ملامح خريطة مصر الإجتماعية الآن..
– قاع مزدحم بالنفايات البشرية المتغضنة الوجوه كالموتي، مع ذلك، مسكونة بالحرص علي حضور قداسات الآحاد الأرثوذكسية!
– قمة يتوارثها قلة من الإقطاعيين، يستحوذون علي كل شئ، ولا يتحدثون فيما بينهم إلا لغة الخيانة الدارجة، قلوبهم شتي لكنهم جميعٌ فقط عند أول إحساس بالخطر علي امتيازاتهم الشخصية، سوف يبقي “الأرميتاج”، أكبر متاحف العالم، دلالة وافرة علي علاقة هؤلاء السطحية بالمسيحية التي لم يعرفوا عنها أكثر من طقوسها الصماء، ذلك أن “الأرميتاج” وهي كلمة فرنسية تعني: الخلوة، وتعني: الدير أيضًا، كان ديرًا خاصًا بقيصرة روسيا “كاترينا الثانية” التي رأت بدلاً من أن تذهب إلي الكنيسة أن يأتي إلي كنيستها هي عند الحاجة قس من موظفي البلاط ليهذي بكلام مجاني عتيق
عن آداب المسيحية تحت سحابة من روائح الجحيم والنمائم ودسائس البلاط وعَرَق النزوات الحرام..
– وضع سياسي راكد لا شئ يستطيع رجه إلا نبوءة من دجال مثير للريبة والتساؤلات كـ “راسبوتين”، ومعايير متواضعة جدًا، لا أفق، لا هدف، لا خطة، لا مكان صحي لتنمية الأحلام مهما كانت بساطتها، ندوب القلوب والمرارات وأحاديث النفوس الجانبية، وهذا كل شئ..
في مثل هذه الأحوال، يمر الوقت بطيئًا كأنه بلا قيمة، ما لا يحدث اليوم يحدث غدًا أو بعد غدٍ أو العام المقبل أو لا يحدث علي الإطلاق، كل شئ يمكن تأجيله، حتي النظافة، ذلك أن كل الذين تفقدوا التاريخ يعرفون جيدًا أن قذارة الجنود الروس كانت مصدر إلهام الذين فكروا لأول مرة في وضع الـ “زرارير” علي الأكمام كمحاولة لإرغامهم علي التخلي عن مسح مخاط أنوفهم في مقدمات أكمامهم بعدما رفضوا الإنصياع لأوامر قادتهم، وإذا كنت أظن أن القادة أنفسهم كانوا يحرصون علي الإخلاص لتلك العادة المقززة فلأن ذلك علي الأرجح هو الأقرب لطباع الروس!
وفي مثل هذه الأحوال، تماشيًا مع منطق المقهورين التاريخي: (أنا الغريقُ فما خوفي من البلل) كان لابد أن يستقبل الروس الشيوعية بحفاوة مسرفة في التفاؤل، ومثلهم مثل كل قطيع بني منظومة معرفته علي كتاب واحد رأوا شبهًا كبيرًا بين “لينين” عند عودته من “سويسرا” وبين المسيح عند دخوله “أورشليم”، هو الآخر رفض الانصياع لإرث الأجداد وقاتل في سبيل البحث عن قانون أنبل للحياة، لكن، لسوء حظ الإنسانية ربما، وربما لسوء فهمٍ لمقاصد “كارل ماركس” سقط فيه البلاشفة عند تطبيق عالمه الافتراضي، لم يمض وقتٌ طويل حتي تبددت الأوهام وضربت قلوب الروس موجات عنيفة من
الحنين إلي حقبة القيصرية!
من الجدير بالذكر أن منطق “كارل ماركس” ورفاقه منطق سليم وشديد الحيوية، غير أن عسكرة الشيوعية هي الطعنة التي وجهت إليها في الصميم، ومن الحقائق التي لا تحتاج إلي الوقائعية للحكم علي سلامتها أن المستحيل السابع هو نجاح أي فكرة لا تقيم للحرية وزناً، مهما كانت درجة سلامتها ورقيها، وأن من ثامن المستحيلات أن يمنح العسكر الحرية طواعية، لقد انحازت الشيوعية المزورة إلي الصراع مع العالم لا الإنخراط فيه أو الإنسجام معه حتي، لقد انحازت ضد الإنسان..
وأنا الآن أكتب أجدني أحتجز بقية ضحكاتٍ أثارها خبر استقبال “فيدل كاسترو”، أحد أنبياء الشيوعيين، للبابا “فرنسيس” في منزله، لقد استعاد المسيح لياقته مجددًا إذاً وتراجع إلي خلفية مهجورة “سانتا كلوز” المسيح العجوز الذي ابتكره الشيوعيون لسحق ظاهرة المسيح الطفل، ليصدق الناموس الشعبي القائل: (كأنك يا أبو زيد ما غزيت)!
لا أظن أن قيمة واحدة من قيم الشيوعية ما زالت الآن حية إلا في تجاعيد التراث الذي تركته ورائها، وهو إرث هائل من القبح ومن القتلي المجانيين الذين أودي بهم دعم الشيوعيين للأنظمة الديكتاتورية في كل مكان..
من المؤكد أن خطأ الشيوعية الأكثر سوءًا هو العصف بالعائلة كقيمة، أواصر الدم وحميمية الموقد العائلي، هذا أصاب شخصية روسيا بانفصام لم تبرأ منه حتي الآن وحتي انتحارها الوشيك كما أتمني، وقد يظن البعض أن الرأسمالية فعلت ذلك أيضًا، وهذا ظن لا يولد إلا من عتامة الرؤية وضحالة الذهن، فالسيولة العائلية في “الولايات المتحدة”، علي سبيل المثال، منظمة وممنهجة بعناية بالغة فضلاً عن كونها مقصودة، كما أن العائلة الأمريكية والعائلة الأوروبية أكثر تماسكًا مما يتصور الذين يواظبون علي حراسة الإخلاص للشائعات المدبرة، حتي مع وجود ذلك التشابه
الهزيل يصبح لدينا تذكير ضمني بالمدي الذي أوصلت الشيوعية إليه الإنسانية كلها، و “روسيا” بشكل أكثر عمقاً لسبب تاريخي أظن أن شهرة الروسيات المعاصرات بالفجور من شأنها أن تجعل الكثيرين لا يصدقونه، هذا هو:
لقد كانت المرأة الروسية حتي وقت غير بعيد تضع فوق ثدييها حُقَّين معدنين كوسيلة إضافية من وسائل العفة قبل أن تأتي مع زوجها للتجارة في أسواق الشرق، صدق أو لا تصدق، حتي أسست الشيوعية وعيًا جديدًا بلغ من الانحلال الاعتباطي حدًا لا تري معه المرأة الروسية عيبًا في أن تمنح جسدها لأي جندي مجهول أو لأي عابر سبيل، خفوت النعرة الخلقية دفع بعض الكتاب الروس إلي الصراخ حبرًا بضرورة العودة إلي الأخلاق لانتشال بلادهم من الضياع المؤكد، بداية مأساوية كانت مبتدأ لخبر أسعد الكثيرين حول العالم: سقوط الاتحاد السوفيتي..
كان “ديستوفسكي” أديبًا عظيمًا، لكن التاريخ يزخر بالنبوءات المضحكة، لقد قال ذات يوم:
– الروس.. أولئك الذين سيكون علي أيديهم خلاص العالم!
والآن، عندما نتذكر تصرفات “روسيا” وانحيازاتها، وعندما نقرأ بحدقتين إنسانيتين موقفها الأكثر وضوحًا وطزاجة من الأزمة السورية، ماذا يمكننا أن نفعل سوي أن نطلق لضحكاتنا العنان من تلك النبوءة؟
لقد تبول الساسة الروس دائمًا علي طهارة “ديستوفسكي”، وإنني لعلي يقين تام بأن خلاص العالم سوف لا يتحقق قبل التخلص من “روسيا” وصراعاتها الكونية ضد الإنسان، وضد الزمن، وهذا ليس صعبًا، فالروس ليسوا شجعاناً بطبعهم، كل ما هنالك أن ما أضفي علي بلادهم لوناً من ألوان المنعة، وألهب انطباعات الآخرين باتهامهم بالشجاعة، هو اتساع رقعتها الجغرافية ووعورة السيطرة علي كل تلك المساحة الهائلة، وبالقدر نفسه، كثرة القوميات هناك إلي حد يصعب فهمه أو تصديقه، وإلي حد يمكننا معه أن نشبه “روسيا” بالكوكب!
“ونستون تشرشل” اتهم “نابليون” و “هتلر” بالجنون لإقدام الرجلين علي غزو “روسيا”، والكاتب الأمريكي “آرثر ميللر” عند زيارته الأولي إلي الإتحاد السوفيتي قال مثل ذلك الكلام أيضًا، وهذا حقيقي دون إبداع خطةٍ فائقة التصميم، ذلك أن “نابليون” علي الرغم من نجاحه في الزحف قدمًا حتي استطاع أن يربط خيوله في قصر”الكرملين” إلا أنه خسر المعركة في النهاية وفتك الطاعون بثلثي جيشه تقريبًا، وهكذا كان مصير “هتلر” أيضًا، لكنها الطبيعة في نسختها الروسية لا الروس أنفسهم!
وخلال الحرب العالمية حصلت مدينة “لينينجراد” علي لقب “المدينة البطل”، قيل لأنها رفضت الاستسلام حتي النهاية، وإن كنت أظن أن سكان المدينة لم يستسلموا لأنهم كانوا قد ماتوا فعلاً فهذا أقرب إلي منطق الأحداث، لكنها الدعاية الشيوعية التي انحسر الحديث عن دورها الشرير تحت ضغط جاذبية الحديث عن دعاية “جوبلز” علي الرغم من كونها الأشد قبحًا، والأكثر ريادة!
إن التاريخ لا يجامل أحدًا، والتاريخ قام بتعرية هؤلاء الذين سيكون علي يديهم خلاص العالم أكثر من مرة، علي سبيل المثال..
عندما قرروا الحرب علي اليابان في أوائل القرن العشرين ظنوا أنهم ذاهبون للتسوق أو للنزهة، فالغرور الزائد عن الحد عرف دارج في طباعهم، لقد كان الجنديّ الروسيِّ يودع أهله قائلاً:
– لست ذاهباً للقتال، إنما للنزهة، سألقن الأقزام السود درسًا ثم أعود محملاً بحكايات المدفأة، حتمًا أعود!
وعلي طول الطريق إلي ساحة القتال لم يتوقف الجنود عن الغناء والرقص والتزلج علي الجليد وإلقاء النكات، لكن، بعد ساعات قليلة من بداية المعركة أصبح ثلث الجيش الروسي في عداد القتلي أو الأسري أو المفقودين، كانت مفاجأة أصابت العالم بدوار الدهشة وجعلته يدرك أن ثمة رقمًا صعبًا في آسيا يجب ألا يثير أحدٌ غضبه..
لقد لقنهم اليابانيون درسًا أحدث في قلب “روسيا” ندبة لم تبرأ إلا عند دخول الجيش الأحمر مركز النازي ليطوي الصفحة قبل الأخيرة من صفحات الحرب العالمية الثانية وتلك الهالة الإعلامية الكونية التي واكبت احتلاله مدينة “برلين”، ذلك أيضًا ما كان ليحدث لولا أن الجيش الألماني كان قد انهار فعلاً في كل جهات الحرب تحت وطأة ضربات الحلفاء العنيفة..
نستطيع أن نلمس الغرور بكل بساطة في أدبهم أيضًا، علي سبيل المثال، “ليرمنتوف”، شاعر روسيا الكبير، شبهوه يومًا بالشاعر الإنجليزي الجلل “بيرون”، فقال:
– لا، أنا لستُ بيرون، أنا مختار آخر مغمور، مثله، غريب يلاحقه العالم، لكن يكفيني أن لي قلباً روسيًا..
والمهرج الماركسي “نيكيتا خروتشوف”، الروسي المثالي، عندما أصغي لغروره وضرب بحذائه منبر الأمم المتحدة توقع العالم من القطب إلي القطب حربًا ثالثة، لكن، عندما حدقت “أمريكا” فيه النظر بعينين غاضبتين وأخذت الأمر علي محمل الجد أدرك العالم أن كلام لينين مجرد (طق حنك)، لقد أصبح فجأة النسخة الروسية من “الريس حنفي” المصري، ولسان حاله يقول:
– خلاص هتنزل المرة دي، بس المرة الجاية لا ممكن تنزل أبدًا..
لم يكن هناك مرة أخري في الحقيقة، لقد كانت أزمة الصواريخ الكوبية رأس المنحدر الذي تدحرج منه “نيكيتا” إلي القاع الذي ينتظر كل الحمقي!
والحديث شجون..
من المؤكد أن أوبئة كثيرة قد اجتاحت العالم القديم عبر التاريخ لولاها لكان سكان العالم الآن أضعاف عددهم، وكما أن “الشبشب” هو الوباء الذي فتك بحياة ملايين الصراصير، كانت المبارزة مع الفرنسيين هي الوباء الخاص بشعراء روسيا العظام..
في عمر مبكر جدًا قتل “ألكسندر بوشكين”، أمير شعراء “روسيا”، في مبارزة مع الشريف الفرنسي البارون “داتين” أحد أصدقاء زوجته “ناتاليا جونشاروفا”، بدأت الحكاية بالغيرة، مرورًا بشكه في سلوك زوجته الذي لم يخاصر اليقين إلا عندما اقترن البارون بأخت “ناتاليا” ليسهل عليه الاتصال بها، وانتهت بطلب “بوشكين” المبارزة، فأطلق البارون النار عليه مرتين فأصيب بإصابات خطيرة لقي علي إثرها مصرعه!
ورثاه الشاعر “لرمنتوف” بقصيدة أدمت قلب “روسيا”:
مَاتَ الشَّاعر / سَقَطَ شهيداً / أسيراً للشرفِ / الرصاصُ في صدرِه يَصرُخُ للانتقام / والرأسُ الشامِخُ انحنى في النهاية / مَات / فَاضَت رُوحُه بالألَمِ من الافتِراءات الحًقيرة / حَتَّى الانفِجَار / وَقَفَ وحيداً في المواجهة.. وها قد قُتل / قُتِل / فَكُلُّ نُوَاحٍ الآن عَقيم / وَفَارِغةٌ تَراتِيلُ الإطرَاء!
من المؤسف والمضحك أن بعض الحاقدين علي “لرمنتوف” قد استطاعوا أن يلعبوا بعقله ويغروه بطلب المبارزة مع ابن السفير الفرنسي “بارانت”، أبدي خلالها في ساحة القتال شجاعة نادرة لكنه أصيب بجراحات قاتلة، وعندما توقف للعلاج في “بياتيجورسك” تشاجر مع زميل دراسته “مارتينوف” وقتل في مبارزة معه!
ثمة شاعر روسي آخر، لأن اللوحات هي قبل كل شئ كلمات مرسومة، لا أجد كلمات أرسم بها لوحة أضع فيها شخصية الولايات المتحدة وشخصية روسيا في إطار واحد دون أن تهرب رائحة المكان والزمان إلا حكاية “إيسينين”، شاعر الفلاحين، وأعظم راقصة بالية في عصرها!
كانت الأمريكية “إيزادورا دانكان” قريبة العهد بمأساةٍ كبري تركت في قلبها ندوبًا عميقة عندما دعيت لزيارة “روسيا” والرقص علي خشبة مسرح البولشوي، لقد غرق طفلاها في البحر قبل عام، وهناك رأت “ايسينين” لأول مرة فسقطت علي الفور في هواه، كان أكثر من عشق، بل كان أكثر من ولع، كعادة المترفين في التعلق بكل جديد، وعلي الرغم من أن الشاعر كان أصغر منها عمرًا بسنين طويلة قررت أن يكون ملكًا لها!
حاصرته بحبها واعترفت له لكنه نجح في الهروب من حصارها أكثر من مرة، طاردته، ركعت أمامه، وبكت علي قدميه فاستجاب لها!
كانت أسابيع قد مضت علي علاقتهما عندما اصطحبته في رحلة بالقطار إلي “باريس” فتشاجر مع بعض الركاب وحطم المقاعد، وعاقبته السلطات الفرنسية بالسجن، غير أنها نجحت بعلاقاتها في إطلاق سراحه، وعادت به إلي “روسيا”..
بمرور الوقت لاحظت أن بعض أغراضها تضيع كما لاحظت أن لدي “ايسينين” حقيبة لا تفارقه، عندما نجحت في استغلال لحظة من لحظات غيابه وفتحت الحقيبة استحوذ عليها ذعرٌ شديد، لقد عثرت في الحقيبة علي كل أغراضها الضائعة، جواربها، قطع من ملابسها الداخلية، ساعة يدها، خاتمها، وهربت خارج “روسيا”، لكنها، وفيما بدا أنها مرضت بعشقه فعلاً عادت إليه مجددًا!
آنذاك، كان “إيسينين” مشرفاً علي الجنون، وقبل أن يكتمل جنونه فجأة كتب لها رسالة أخيرة تنبض عشقًا ثم انتحر، هي الأخري، بعد وقت قليل، كانت تستر رقبتها بـ “إيشارب” أحمر عندما قررت أن تلف طرف الإيشارب حول إطار السيارة وتقودها مسرعة ليعثر عليها بعض المارة جثة هامدة زرقاء الوجه، مأساة يعرفها الروس جيدًا..
هكذا “الولايات المتحدة” وهكذا “روسيا”، حضارة براقة من الخارج لكن الحزن المشوب بالقلق منسوج في مكونات بريقها الصلبة، وحضارة مفلسة وموشكة علي الجنون فالانتحار..
حضارة غربية تستمد بقائها وحيويتها من توقع العداء، وما دام الأمر هكذا، إن لم يكن ثمة عدو فلابد من صناعة عدو، أو الترويج لعدو محتمل، وحضارة كأنها شرقية معتدة بنفسها قبلت لغبائها عن طيب خاطر أن تلعب دور ذلك العدو الوهمي دون أن يدور ببالها أنها تقف تمامًا في المكان الذي استدرجتها “أمريكا” إليه، مع ذلك، لا خلاف مركزي بين الحضارتين حول إبداع شرق أوسط جديد، كل الخلافات حول مسائل ثانوية يأتي في مقدمتها معايير توزيع الغنائم، أو الفئ في لهجات المسلمين..
وبمناسبة زيارة “نتنياهو” إلي “روسيا” وذلك الإسراف في التفاؤل بما يمكن أن ينجم عنها من تحولات في المشهد السوري لا أملك إلا أن أكتم غيظي من هؤلاء الحمقي الذين يظنون أن هدف الزيارة هو إقناع الروس بالإحجام عن التدخل في شئون “سوريا”، فهذه ظنونٌ تجري في يقين الخطأ..
وأضغط مرة أخري علي التأكيد بأن هذه الحقبة السياسية هي حقبة سياسة النسبة المقدسة، فاي، 1.618، كيف؟
إن “اسرائيل” لا تخاف أحدًا، ولا تريد رحيل “بشار” الآن، ولا ترغب في رج وضعية الفوضي ليوم له ما بعده، لقد مضي زمان الحلول الوسطي، فالأعوام القليلة المقبلة هي أعوام الخريطة الجيوسياسية الجديدة، كل الدوائر تواصل الاكتمال، و “سوريا” هي الشرخ الذي قبل أن يلتئم لابد أن يبتلع “حزب الله” اللبناني، كما لابد له، إن لم يكن البوابة المفتوحة علي مصراعيها لتوريط “إيران” في حرب كونية، فلا أقل من أن يصيبها بالنحافة، يحدث كل هذا دون أن تخسر “اسرائيل” شيئًا، إنه تأثير الفراشة، صراعات تبدأ صغيرة، وتبدو صغيرة أيضًا، ثم تتطور فجأة بشكل يصعب التنبؤ
بكيفيته إلي نهايات مذهلة، هكذا هي اللعبة، وكل درب بعد ذلك لا يصل، قليلاً من العقل يا سادة..
محمد رفعت الدومي