أستغرب من دكتور في العلوم السياسية وذو خبرة طويلة أن يتبنى موقف آيديولوجي قومجي نمطي عن العلاقة بين الشعوب والدول وهو مستورد من العقل القومي الفاشي والنازي العنصري الذي قد تحمله الشعوب تجاه بعضها بغض النظر عن تغيرات التاريخ والمصالح . وهو من يعيش في أوربا التي خاضت حروب عالمية مريرة واستطاعت العيش بسلام ورخاء بعدها .
وأستغرب من رئيس المعارضة السابق الذي ابتدع طريقة جديدة في قيادة الثورات من المقعد الأمامي في الطائرة وأجنحة الفنادق الفاخرة ، أن يتهمني بتمزيق المعارضة التي يكفيها صراعات نسوانها وزلمها وتسابقهم على الكراسي ورزم الدولار من السفراء والأمراء لكي يشدوا شعر بعضهم ويتلاكموا بالأيدي والأرجل ، ولو كان تمزق هذه المعارضة سياسيا لكان بالإمكان حله عبر المؤسسة الديمقراطية ، لكن تغييب المؤسسة بهدف اختطاف القرار والتمويل هو الذي حكم سلوكها وجعل من الاخوان والشيوعيين حلفاء على باطل وعلى تزوير حتى وثائقهم التأسيسية ، وخيانة كل تعهداتهم وأقوالهم . وبعد ثلاث سنوات من العصفورية التي سكنت بها المعارضة تتدعى أنها كانت ضحية مؤامرة عليها ، لولاها لأوصلت الطعام لحمص ومنعت سقوط يبرود .. وجلبت من جنيف الذيب من ذيله .
غليون المنظر ( رئيس سوريا القادم بقرار من صاحبه ميشيل ) يريد للشعب السوري الجريح المعذب أن يبقى لوحده مكبلا بهذا التفكير النمطي ويتعرض للتعذيب والتنكيل من قبل حثالة البشر ، لكي يحافظ على هذه المعادلة التي تعطي للنظام قوته واستمراره وتغاضي العالم عنه، وكأنه يقول أن النظام السوري والإيراني ليسا عدوين حتى لو فعلا ما فعلا بنا ، وأن السير في مسار السلام مع اسرائيل لن يغير موقف العالم من النظام ويلغي دوره ويبطل مفعول قوته ، فالمعادلة ببساطة أننا طالما نحمل عقلية غليون القومجية طالما سعت اسرائيل لاشغالنا بمشاكلنا وصراعاتنا ، حتى أن كل السلاح الذي اشتريناه استعمل فوق رؤوسنا ، لكن عندما ننخرط في عملية سلام اسرائيل بحاجة ماسة اليها لصغر حجمها وهشاشة كيانها رغم قوتها النارية ، سوف نتحرر من تآمر القريب والبعيد المتحالف مع اسرائيل والمتعهد بحمايتها ..
وطالما أننا دمرنا وشردنا باسم المقاومة والممانعة والموقف التاريخي ، ربما نقوم بالعكس تحت شعار السلام الذي لم نسبق أحد اليه حتى الشعب الفلسطيني ، ومن قال أن السلام لا يعطينا عناصر قوة أكبر من الحرب في مواجهتنا التاريخية المفترضة مع اسرائيل الكيان وليس الشعب اليهودي ؟ وهذا ما فعلته كل الدول العربية .
أما عن مسألة البيع المفتراة فالخصم ليس أحمقا ليشتري شيئا يملكه أو يدفع ثمنه مرتين ، نحن تحدثنا عن قرارات دولية وحقوق منصوص عنها بقرارت هي أساس عملية السلام ، ولكن المتاجرة بالمواقف القومجية هي التي تخدم النظام وإيران التي تدفع بسخاء لأبواقها الإعلامية المعروفة والتي تتاجر بالقضية القومية ، وللمعارضة القومجية التي تخدمها في كل صعيد . والتي طبعت مع النظام وايران ومع اسرائيل لكن سرا وهو بيت القصيد . كنت أتمنى على رموز المعارضة أن يعلنوا عما يفعلوه ولا يعقدوا الصفقات السرية مع كل الأعداء بما فيهم الصهيوني ، ثم يخرجوا علينا بمزاوداتهم الممجوجة .