كل دمعة بالدعاء انو يلعن روحك يا حافظ

cafeelatakiaبابتسامة عريضة ، و بلغة عربية مكسَّرة بتحمل كل أصول ضيافة العرب و كرمهم، كان هالشب الأرمني ستيب يستقبل زباينو بهالمقهى الصغير على ناصية ضيقة من شارع بغداد في اللاذقية..
قصص حب اتكللت بالزواج انرسمت على طاولات هالمقهى ، و قصص زواج انتهت بالطلاق من ورا الساعات الطويلة اللي تنقضى على هالكراسي المعدنية الباردة..
اليوم احترق هالمقهى ، و احترقت معو كل شهادات الزواج و الطلاق اللي اتوقعت على طاولاتو .. و احترقت معو كل الأدلة على ساعات الاستغابة و النميمة و فش الخلق اللي قضيناها بين حيطانو..
و لكن شو ضل من ذاكرتنا ما فقدناه لحتى نزعل على شوية حيطان و كم كرسي و تلات طاولات و فنجان قهوة بخمسين ليرة ؟؟
اذا كورنيش اللادقية اللي قضينا كل طفولتنا على رصيفو عملوه مستودعات للمينا..
و اذا كشاف اللادقية اللي ربينا على أصوات قادتو، و اتزيّنت فينا ساحات المدينة خلال استعراضاتنا ، اتسكّر بالشمع الاحمر لتعارض أهدافو مع أهداف منظمة طلائع البعث..
و اذا نادي حطين اللي اتكسّرت رجلينا على ارضية ملعب السلة الباطونية، التغى و اتحوّل لصالة افراح تصلح لمجالس عزاء..
و اذا بحر اللادقية اللي ضجر رملو من خفق رجلينا، طمروه و عملوه مرفأ من جهة ، و مصب مجارير من الجهة التانية..
و اذا صلنفة اللي ما غبنا عنها و لا صيفية بآخر اربعين سنة.. اتقلّع شجرها ، و انطمرت حدائقها ، و اختفى تلجها، و جفّت ميّتها ، و ارتفعت أسوار قصورها اللي احتلوها بيت الاسد و حثالاتهون..
و اذا كسب و تفاحها و نسمتها الباردة اللي اختفت بعد ما احترق شجرها و عملوا سومر الاسد فحم لاراكيل مطاعمها المزينة حيطانها بوحدات التكييف و التبريد..
و اذا مطعم اسبيرو صار بناية قميئة ..
و اذا مسبح فارس راح بتبليط البحر..
و اذا مقهى العصافيري صار عاصمة لبيت الاسد..
و اذا الشاطىء الأزرق صارت دخلتو باتكلفك نص راتبك..
و اذا حديقة البطرني اتحولّت لمرتع للحشاشين و السكرجية..
شو بدي اتذكّر !!!
بحكيلكون عن الرز بحليب عند الطاحونة الحمرا او عن نهفات ابو طارق على باب سينما دمشق، او عن قصص كراج بيروت ، او عن بسطات البنات المتوحمين على نقطة البوليس، او عن مكتبة فكر وفن اللي صارت مخزن لبيع الصرامي ..
ستيب مانو اول ذكرياتنا اللي احترقت اكيد، و لكن اخرها عالاطلاق..
فشو بدي اتذكّر منك يا لادقية من اليوم و رايح ، كل صفنة بغصّة، و كل دمعة بالدعاء انو يلعن روحك يا حافظ على هالابن الكلب اللي خلّفتو..

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.