ليس من عادتي أن امتدح أو أهجو ولكنها كلمة لا بد منها ، بعد قصف بيتي مع سيارتي في الموصل لخطأ من لا يدركون معنى أن تقصف بيتا بريئا لأي حجة وظن واجتهاد غير واقعي ، لتخلف مأساة إنسانية ، تركته ركاما وبحثت عن مكان مع عائلتي فلجأت لمدينتي الحبيبة دهوك التي هي مهد أبي وأمي رحمهما الله ، أعشق وجودها وهواءها وشجرها وجبالها ونرجسها وقد كتبت قصائد عنها ، والمميزات التي فيها إن أهلي وأقربائي وأصدقائي فيها ، إذاً كما كنت أتخيل سأكون في وضع يحسد عليه ، ولكن في مثل كل الأزمات الإنسانية لا يفيد الكلام بقدر ما تفيد الأفعال ، فالأفعال تغير بقدر ما الحال ، بعكس الكلام الذي لا يغير شيئا إذا لم يجسد على أرض الواقع بأفعال ، وهذا ما تجلى حينما قابلت عبر الصديق الأديب المغترب في النمسا بدل رفو الأستاذ الكبير بوجوده المعنوي والفعلي المهندس المدني سربست ديوالي أغا رئيس عشيرة الدوسكية الذي رحب بي وعلم بحالي الاجتماعي بتفاصيله ووعدني أن يجد لي مكانا مناسبا ، وفعلا بعد أسبوع من وصولي لدهوك وجد مكانا لأسكن فيه مع عائلتي ، وتحمل كل التكاليف من إيجار وخدمات الكهرباء والماء ، وتذكرت هنا حديث الرسول محمد صل الله عليه وسلم (( أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم ، أو يكشف عنه كربه أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً ، ولأن أمشي مع أخ في حاجه أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد – مسجد المدينة – شهراً ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام )) . وبعد لقائي معه عدة مرات وبعد مضي أكثر من سنة وثلاثة أشهر ، اعترافا مني بثقافته الواسعة المنطقية والواقعية وفكره المتقد بالتطور والتغيير والإبداع وشهامته الرجولية ونبله القيادي واستقامة هذا الرجل الذي لا يحتاج إلى كلمتي واعترافي ، لكنها شهادة في حق رجل قلّ نظيره ، ومن البديهي إنها لا تزيده شهرة و لا تكسبه سمعة ، فهنيئا لنا بأن نرى شخصية بهذه القامة القيمة بيننا في هذا الزمن الذي طغت عليه الماديات على الإنسانيات والذي طغى عليه الجهل والفساد الفكري والإداري ، الزمن الذي أصبح فيه الكرسي والمنصب أفضل من كرامة ومصلحة الإنسان ، ولا أتحدث عن أهلي وأقاربي فعدم الحديث عنهم أفضل يكفي ما زلت غريبا بينهم وتنطبق عليهم كل ما ذكرته عن الزمن ، بل كلمتي عن هذا الرجل (( الأستاذ سربست ديوالي أغا )) الذي أكن لشخصه الكثير من الاحترام و التقدير، مثمنا حفيظته المعرفية وكرمه وكذا استقامته النادرة المشرفة أنه لم ينزاح عن إصراره قيد أنملة على مبادئه التي يؤمن بها، وعرف عنه دقته وصرامته وشجاعته في إبداء الرأي، وسريع الكلام والفعل وهو ما أكسبه احترام كل من عرفه
وحتى من له رأي آخر فالكمال لله . الأستاذ سربست رجل وقور بوقار المتواضعين ، شهم بشهامة القادة العارفين ، متواضع تواضع العظماء ، خلقه يتجسد بأفعال الخالقين لكل خير جميل ، وصادق بصدق الواثقين ، إنسان إداري صارم وفذ, لا أقول هذا من باب المجاملة، بل هي الحقيقة والشهادة التي أعطاها فيه كل من التقى به ، حقاً هناك بعض الأشخاص يفرضون عليك احترامهم فلا تجد حرجا في أن تقول فيهم كلمة حق ، ووقفة إنصاف يستحقونها. فهم يجسدون مثال الإنسان الحقيقي ، إذا ألا تستحق هذه الشخصية التي تعشق الأرض والإنسان الإشادة والشكر لما يقدمه للإنسانية ، لا اعتقد أنها مغالاة لأن القاعدة الشرعية تقول من لا يشكر الناس لا يشكر الله ، هو شخصية فذة واعية مفعمة بالإنسانية والنبل و يملك فكرا عاليا، رجل يعامل الناس سواسية ولا توجد في قلبه العنصرية والحقد الطبقي والطائفية انه يعيد إلينا الأمل بأن نشاهد وجوه تخدم مصالح والوطن وترتقي بالإنسان وتساهم في نهضة المجتمع في محيط من الخراب الفكري والتخلف الاجتماعي والفساد الإداري والفشل الثقافي والمحسوبية على مختلف الأطر التي تؤدي للضعف بدلا من الارتقاء ، لقد تعرفت على الرجل رأيته جادا في عمله باذلا أسباب النجاح في مسؤوليته، عندما يتحدث تحس بتفاعله مع الحدث يبتعد عن الكلمات الجارحة والمؤثرة ، يراعي أحوال الناس مهما كانوا ويحل مشاكلهم ، ويتكلم معهم بشفافية ووضوح ، يقترب من همومهم ليكون التفاعل أكبر ، وليحقق باسمهم النفع والفائدة ، يستحق هذا الرجل النموذج أن يذكر اسمه وأفعاله في كل مكان، عندي أن الأستاذ سربست ديوالي أغا من أولئك الرجال القادة الأوفياء الذين حققوا بكرمهم وبجهدهم وحرصهم طموح المجتمع وسعادة أفراده، فسعوا وأنجزوا كل ما هو إنساني جميل فتحقق لهم الهدف ، ونالوا الغاية ، وسعدوا بحب المجتمع وتقديره، هؤلاء الرجال لا يريدون بأعمالهم جزاءا ولا شكورا ، فطرتهم الأولية هي بذل الخير، فوجدوا القبول والاحترام من أفراد المجتمع .أعجبني الرجل بتواضعه وحبه وحلمه ، يسعى إلى تحقيق النجاح في كل شيء فكان النجاح توأمه وما زال وسيبقى رجلا ناجحا في أعماله ووسط مجتمعه
١: أولاً ليكثر الله من أمثالك وامثاله الخيرين والطيبين ، ويكفي أن هذا الشبل من ذالك الاسد الصديق رحمه الله ؟
٢: صدقني قصتك تشبه بعض الشيء قصتي بعد خسرت كل شيء وحتى طفلي ، ولكن الله أرسل لي كهلاً إلتقيته بالصدفة في مشرب ، فكان خير عون وصديق وأفضل من كثيرين ممن كانو حولي شامتين ، إذ شاركني في تجارته وانا مديون بالاف لثقته بي ولصدقي وإخلاصي ، فكان أن ربحنا معاً وكثيراً جداً ؟
٣: وأخيراً …؟
صدق من قال { لو خليت لقلبت } فلا تيأس فالخيرون والطَّيِّبُون سيبقون ثمار حتى السفهاء ، سلام ؟
استاذي الكريم س . السندي
تحية راقية برقي روحك وجمال فكرك وصفاء مشاعرك البهية ..
مع الأسف كنت أظن إن أهلي وأقاربي سيقفون معي بعد مأساتي ..
ولكن …. لا حياة لمن تنادي … فقد طغت الماديات على صلة الرحم والإنسانيات … لأني معدوم ، فقير ..
ربي يعوضك عن طفلك ويصبرك بالصبر الجميل ..
ويسهل أمرك ويرزق جتى يرضيك …
أقسى شيء أن تحس بالغربة وأنت بين أهلك وأقربائك وفي وطنك …
نعم مثلما ذكرت … لو خليت قلبت …
هذه لأول مرة أكتب عن شخص .. لكنه يستحق أن يكتب عنه …
فمن لايشكر الناس لا يشكر الله ..
محبتي واحترامي