تفاجئت سارة برسالة يهتز لها الموبايل, رسالة مصورة من رقم مجهول! فتحت الرسالة وذهلت من هول الصدمة, فكانت الرسالة عبارة عن صور خاصة لها, ومع الرسالة سطور الابتزاز والمطالبة بالخضوع, أو أن يقوم بنشر صورها, حاولت أن تعرف من الشخص وكيف صورها, فأعطته الوعود أنها ستحقق كل طلباته, واتفقت مع أخوتها أن يحضروا لكن من بعيد, وفي الموعد ذهلت فقد تبين أن المجهول لم يكن الا ابن خالتها, وكان يضع كآمرة سرية في بدلته, على شكل قلم, وقام بتصويرها من دون أن تنتبه, وكل رغبته أن تخضع لرغباته, وتم حل الموضوع عائليا.
قضية الكاميرات السرية والخفية, من المظاهر التي انتشرت في العقد الأخير, نتيجة الطفرات التكنولوجية الكبيرة التي تحققت, بالإضافة لسهولة الحصول عليها بسبب انفتاح الأسواق, وغياب التشريعات والقوانين التي تصعب الحصول عليها, أو تحضر تداول أنواع معينة مخصصة للتجسس, وهنا يجب أن نوضح أن المشكلة ليست بالتكنولوجيا, لكن المشكلة تنطلق من بعض الفئات التي تجعل من التكنولوجيا, مجرد قضية للتسلية واللهو والشهوات النفسانية, وصولا بالبعض لاستخدامها لغرض ابتزاز النساء!
حاولنا أن نفكك القضية لفهم أسباب ما يجري.
أغراض استخدامها
الطلب على الكاميرات الخفية لم يقتصر على الكاميرات العلنية بل حتى السرية, حيث يتم نصبها في أبواب البيوت وفي الكراجات والغرف, وأنا أجد سببين لنصب الكاميرات أولهما السبب الأمني خصوصا في بعض الإحياء التي تنتشر بها جرائم السرقة, والظرف الأمني يجيز استخدام كاميرات المراقبة, خوفا من الجريمة, والسبب الأخر اجتماعي ويتعلق بمراقبة الرجل لزوجته أو أبنائه حرصا منه أو بدوافع الشك. فهناك حالة غريبة ظهرت أخير, وهي طلبات البعض بنصب كإمرة مراقبة داخل السيارة أو لغرفة النوم, لكن الأغرب هو طلبات البعض كاميرات صغيرة جدا تحمل بالملابس, أي أن بعض الأغراض الاستخدام تتبع أمور مريبة وغير قانونية.
الهوس الجنسي هو السبب
اعتقد أن الهوس الجنسي هو احد الدوافع الكبيرة لاستخدام الكاميرات السرية, فالبعض يعاني من الكبت الجنسي, وآخرون الهوس الجنسي مسيطر عليهم, فهم يجدون متعتهم في جريمة التجسس وتصوير النساء من دون علمهن, نقل لي احد أصحاب مكاتب بيع الكاميرات انه قبل شهر جاءه شخص يملك معرض ملابس نسائية, ويريد أن ننصب له كاميرات متعددة, وذات مواصفات عالية من حركة وزوم, في منزع النساء, فقام صاحب المحل بطرده, وهنا يظهر أهمية تشريع قوانين تنظم عمل بيع ونصب الكاميرات, مثل هذه القصة كنا نشاهدها فقط بالأفلام العربية والأجنبية.
المشكلة في المستوردين عديمي الضمير
المشكلة بالمستوردين حيث تغيب القوانين التي تنظم عملية استيراد التكنولوجيا, فلا ضوابط ولا شروط ولا ممنوعات, انه سوق مفتوح بالكامل لكل شي ممكن, لذلك دخلت كاميرات مثل القلم أو تعلق بالملابس أو زر قميص, والصناعة الصينية سهلت الأمر وجعلت كل شي ممكن وبأسعار رخيصة جدا, وهي واضحة من شكل صنعها تستخدم للتجسس والتصوير السري, فلو كانت هناك قوانين فعالة لاعتبرت استيرادها جريمة, لخطورة استخدامها.
الابتزاز نوع من العنف ضد المرأة
قضية التصوير والابتزاز نوع من أنواع العنف المسلط على النساء بالخصوص, في عالم لا يعرف الرحمة , فنسمع عن قصص مرعبة تعرضت لها النساء بسبب كاميرات خفية تصورهن, ويتعرضن لابتزاز ممن قام بتصويرهن سرا, وتتسرب أحيانا تلك الصور, مما دفع بعضهن للتعرض لعقوبات عشائرية شديد, تصل لحد القتل في بعض الأحيان, بل أن بعض قضايا الطلاق حصلت بسبب تصوير مشهد عبر موبايل او كامرات خاصة, وحصل ذات مرة أن اكتشفت الزوجة قيام زوجها بنصب كاميرات في غرفة نومه, لكي يكتشف أي خيانة ممكن أن تحصل, فقامت الزوجة برفع دعوة قضائية للانفصال, اعتقد أن الأهم أن نفهم كيفية استخدام التكنلوجيا بوعي.
حل المشكلة يكمن في :
القضية شائكة تحتاج الى حلول من قبل السلطة التشريعية والتنفيذية, فالذي يتعرض للضرر هو المواطن وخصوصا النساء, نحتاج لتشريعات تنظم الاستيراد, وكذلك تنظم نصب الكاميرات, بالإضافة لمحاسبة من يقوم بالتجاوز على الآخرين, والقيام بفعل التصوير من دون أذن الشخص الذي تم تصويره. مع الإشارة لأهمية المنبر والأعلام, في رفع الوعي وتوضيح مدى ضحالة الشخص الذي يقوم بهكذا أفعال, واعتقد اغلب الحل موجود في قانون العقوبات العراقي, فقط نحتاج للسلطة الشريفة التي تفعل القانون.