حمدي رزق: المصري اليوم
أن تأتى متأخراً خير من ألا تأتى أبداً، حسنا كسر الكابتن «إكرامى الشحات» حاجز الصمت فى قضية استبعاد الطفل المسيحى «مينا» من اختبارات الناشئين بالنادى الأهلى لأنه مسيحى، وكمان اسمك مينا، اطلع برة.. هكذا قال والد «مينا»، فى مُحكم تصريحاته الفضائية!.
ويقسم إكرامى بالله:«لم أتطرق لاسم اللاعب، ولم أقل مينا يطلع برة، ولو مينا أفضل من اللى موجودين عندى قسماً بالله سأضمه دون النظر لديانة أو غيره، لأن هذا المبدأ مرفوض جملة وتفصيلاً.. ويوم الإثنين المقبل محدد لاختبار اللاعبين غير المدرج أسماؤهم بالكشوف.. وسننتظر مينا لاختباره».
الكابتن إكرامى تأخر كثيرا فى إعلان استعداده لاختبار «مينا»، وبعد أن تحول الطفل إلى ضحية، وبلل الشاشات بدموعه، يفكرك بقضية الطالبة مريم صاحبة الصفر الشهير، دموع الضحايا المسيحيين تسيل على الشاشات، يضج الضمير المجتمعى، وتهز ثوابته، وتضرب فى أساساته.
لماذا تأخر الكابتن إكرامى، لماذا صمتت إدارة الأهلى، سؤال فى المنهج، والمنهج غائب تماما فى معالجة هذه البثور الطائفية الطافحة، الكابتن إكرامى يغسل يديه، ويُقسم، يبرئ نفسه شخصيا من دموع مينا، وبعد أن اتهمته المواقع القبطية صراحة بالطائفية، والواقعة التى يتبناها صوتا وصورة وبالفيديو موقع «أقباط متحدون» تجد تصديقاً وتعاطفاً هائلاً بين إخوتنا المسيحيين.
بعيدا عن قَسَم كابتن إكرامى ومَن شاء فليصدقه، ولأنها سابقة فى النادى الأهلى لابد من التوقف لبيان وقائعها، وليس مقنعا حديث أن الأهلى نادى الوطنية ولا يعرف تمييزاً، وكان من بين نجومه هانى رمزى، كابتن مصر، وأفضل كثيرا من قَسَم إكرامى أن يجرى تحقيق الواقعة برمتها، فيه طفل مسيحى ثان ظهر فى الصورة أخيرا، وتقادم الواقعة لا ينفى حدوثها أو الغطرشة عليها، يستحيل أن تظل المواقع تلوك سيرة النادى الأهلى هكذا مقرونة بالعنصرية والطائفية على هذا النحو، ثم يكون الجواب بعد شهور «تعالَ يوم الإثنين وأنا أختبرك»!!.
أشك أن يجفف مينا دموعه ويذهب، ولو جرى اختباره وحتى ضمه إلى فرق الناشئين، فهذا لا يعنى سقوط اتهامات والد الطفل بحق كباتن الأهلى الكبار بالتحيز ضد ابنه، تحديدا محمد السيد وعادل طعيمة ومحمود صالح، وفوقهم جميعا الكابتن إكرامى الذى شال الليلة، باعتباره متحيزاً وطائفياً، وتصدير صورته على المواقع ملتحيا متجهما وكأنه عدو المسيحيين!!.
عندما أُثيرت هذه القضية قبل شهور، كنت أتخيل أن المهندس محمود طاهر، رئيس الأهلى، استقبل الطفل ووالده، وطيّب خاطره، وطلب إعادة الاختبار، وإعطاء الطفل فرصة ثانية يستحقها مادام شعر بهذا الظلم، ولكن هذا لم يحدث، وتُركت القضية لتسرح إلى الفضائيات، وتتبناها المواقع القبطية كنموذج دال على الاضطهاد، وتُشيّرها تشييرا.
مثل هذه الوقائع المحزنة عندما تُترك هكذا دون علاج ناجع فى وقتها تُثير الفتن، وتُخلف الإحن والمرارات، وتُعمق إحساس المسيحيين بالاضطهاد حتى فى الكرة، ومطالعة مقالات وتعليقات إخوتنا المسيحيين على هذه الواقعة تؤشر على جرح غائر لا يندمل، يتجدد الألم كل حين، ومع عدم اكتراث إدارة الأهلى بقطع دابر الفتنة، وحسم الجدل، للأسف تتحول الواقعة إلى نقطة سوداء فى تاريخ الأهلى المفعم بآيات الوطنية.
قرأت تعليقات خطيرة تقول عجباً إن المسيحيين ممنوعون من الانضمام إلى فرق الناشئين فى مختلف الأندية، وإن مَن يمرق منهم إلى الفرق الكبيرة ندرة، وفلتات، وأسمع طنيناً عجيباً أن مدربى الناشئين يتعمدون حش المواهب الكروية المسيحية مبكراً بإبعادها فى الاختبارات حتى لا تنمو وتذهب إلى أعلى، وتسجل أسماؤها المسيحية فى منتخب الساجدين، ويُدهشك سؤال اذكر أسماء خمسة لاعبين مسيحيين فى الدورى الممتاز، يقينا تحار، الأسئلة الطائفية بلغت الملاعب الرياضية، للأسف حقيقة ومؤسفة.