إنهالت علي التعليقات السلبية حين كتبت وبتاريخ 15 نوفمبر مقالتي تحت عنوان “ثقافة قتل الأنثى ” والتي إرتكزت فيها على قتل رجل دين لإبنته ذات الخمسة أعوام لشكه في سلوكها.
وبعد متابعتي للقضية، وجدت بأن المحكمة لم تجرمه على قتل إبنته.. لأنه الوالد.. بل أطلقت سراحه بعد أن حكمت عليه بدفع دية الطفلة، بعد خمسة أشهر فقط من سجنه تحت ذمة التحقيق.. الحكم إعتمد على حديث ضعيف إختلف فيه الصحابة وهو “لا يقاد الوالد بولده”
حسب الصحف العربية، فإنه وخلال التحقيق تأخر التقرير الطبي من حسم تهمة الإعتداء جنسيا على الطفلة نتيجة العنف الذي مورس على عدة مناطق حساسة من جسدها.. ولكن وحسب جريدة الغارديان المعروفة بالمصداقية المهنية.. والتي نقلت الخبر عن ناشطين في موضوع الحقوق وفي مقالتها يوم 2 فبراير.. كتبت بأن السيدة رندة الكاليب مختصة الشئون الإجتماعية في المستشفى قد أكدت بأن ظهر الطفلة كان مكسورا وأنها تعرضت لإغتصاب في كل مكان.. كما أن والدة الطفلة أكدت بأن العاملين في المستشفى أخبروها بأن المخرج الخلفي للطفلة ( فتحة الشرج ) كانت ممزقة وأن الجاني حاول تلصيقها بالحرق..وهو ما ثبت خلال التحقيق من تأكيد لإستعمال سلك الكهرباء على مناطق مختلفة من جسم الطفلة.
ما أعادني لفتح موضوع هذه الجريمة البشعة..الخبر الذي ورد في إيلاف اليوم.. تحت عنوان “” نقاب الطفله المشتهاة.. فتاوي الشهوة الجسدية ومنطقية التفكير.. للكاتب عدنان أبو زيد.. والتي هي تقرير ممتاز عن كيفية تدرّج من ’يسمون بالعلماء في تنافسهم على النجومية للظهور على الشاشات الفضية وإحراز أكبر عدد من المعجبين والمعجبات من خلال فتاوي يدخلون فيها في سباق مع بعضهم البعض،، وأنا أقول بأن المنطق يؤكد بأن نتيجه تسلسل إنحطاط هذه الفتاوي.. إنحطاط التفكير المجتمعي في نظرته للمرأة.. وبالتالي تبرير وقبول مجتمعي للحكم عليها بالقتل.. مهما حاول بعض المثقفين من الدفاع ورفض هذه النظرة..
وهي نتيجة متوقعة لفتاوي مثل وجوب تغطية وجه الطفلة الجميلة وفرض الحجاب عليها فرضا… وأخرى ” ألا تختلي البنت مع أبيها، وألا تجلس معه وحدها وذلك خوفا من أن يؤزة الشيطان فيكون له نظرة جنسية تجاهها “”،،وهي فتاوي تبقى عارا على جبين الرجل الشرقي برغم تأكيدي بأن الأغلبية فيه ترفض وتحتقر مثل هذه الفتاوي إلا أنه يبقى عار.. مهما حاولنا الإستهزاء بمثل هذه الفتاوي والتقليل من شأنها.. والأخطر من هذا العار تتسلل هذه الفتاوي إلى الثقافة المجتمعية لتضعها في حيرة من الأمر. كالمرض السرطاني الخبيث.. الذي يرفض الموت ويرفض العلاج أيضا..
وقد تكون مثل هذه الفتاوي هي ما إرتكز إليه القضاء الذي أخلى سراح قاتل إبنته.. وهو ما يبرز بوضوح إنعدام العدالة.. والتضحية الكاملة بالأنثى حتى بالطفلة مما يشوه صورة الدين مهما حاولنا أن نستند إلى آيات أخرى تحرّم قتل النفس.. تؤكد بان “” النفس بالنفس””..
نعم حالة قتل الرجل لإبنته شاذة كليا وقد تحصل في كل العالم تماما كما حصل قبل سنوات قليله مع شخص أخفى إبنته لسنوات وثبت أنها أنجب منها أطفال وغيرة.. ولكن الفرق أن جريمة قتل الطفله في الدولة التي حصلت فيها لم تعتبر جريمة ولم ’يعاقب عليها الجاني.. لأنه وفي الشرع أيضا.. هو الولي والوالي.. بينما في الدول التي تستند إلى القانون المدني تعتبر من أكبر الجرائم و’يعاقب عليها القانون بلا رحمة..
مهما حاولنا تبرير أن الرجل مريض نفسيا.. وربما عقليا.. وأنه حاله شاذه، إلا أنه تبقى الشكوك بأن حكم المحكمة إنعدمت فيه فضيلة الرحمة والإنسانية بالأنثى!!!! وأن المجتمعات العربية تنحدر بسرعة كالقطيع التائه تسوقه فتاوي رجال يدّعون الدين والتدين..بينما هو مرضاء نفسيون يجب وقفهم فورا.. ومعاقبتهم..
بدون أن يقف الرجال كلهم في المنطقة العربية ضد هذه الفتاوي..ويطالبوا بالقوانين الصارمة لمثل هذه الفتاوي والجرائم ضد المرأة.. لا يمكن الخروج من الإستهزاء بقيمنا وبحضارتنا التي نتشدق بها من أي جهة أخرى.. والهم أن الضحية.. قد تكون أختك أو زوجتك.. وربما إنتك!!!!
عندما كتبنا واكدنا عدة مرات ان الشريعة الاسلامية ليست سوي قواعد السلوك الاجتماعي في الجاهلية العربية وان كل ما في جاهلية العرب تم حشد قواعدها وعاداتها في كتاب واحد هو القرآن ودللت عليه السيرة فان هذه الجريمة المذكورة تؤكد زعمنا السابق. فما سربته الينا كتابات العرب عن انفسهم، فيما يخص المدعو ابن الخطاب قاتل ابنته دون عقاب، يتكرر بعد اكثر من 1400 عام دون عقاب ايضا. فجرائم العرب وعاداتهم بانحطاطها الحضاري مطلوب من العالم المتحضر ان يتبناها لان الاسلام دين الحق. ولو سألناهم لماذا علي المتحضرين ان ينحدروا الي ادني مدارج الترقي نجد اجابة اهل السنة، علي وجه الخصوص، طاعة لله وتأكيدا باننا خير أمة اخرجت للناس تقتل بناتها وتفلت بجرائمها من العقاب وتعتدي علي الحضارات وثقافة البشر الاكثر رقيا