بعد سقوط النظام الملكي في تاريخ مصر الحديث.. جاء عدد من الروساء أبرزهم عبد الناصر، والسادات، وحسني مبارك، وقد ترك كل واحداً منهم أثراً ما زال يعيش داخل الشعب المصري بل ربما تمكن من نخاع الغالبية من الشعب..
فعبد الناصر رفع نظامه شعار (أهل الثقة أفضل من أهل الخبرة)، والسادات الرئيس المؤمن (لدولة العلم والإيمان) التى فيها مكن الجماعات الارهابية المتطرفة من مصر، وحسني مبارك شعار نظامه (لا اسمع لا اري لا اتكلم) .
وسار جميع رؤساء مصر على المبداء الناصري ” أهل الثقة أولي من أهل الخبرة “، فلذلك ليس بغريب أن الغالبية العظمى من محافظي مصر إما لواءات شرطة أكرم عليهم النظام بمحافظة أو لواءات جيش .
وإذ نحن بصدد مصر الجديدة التي قام شعبها بأعظم ثورتان في تاريخها الحديث: ثورة ٢٥ يناير التي أسقطت الدولة الدكتاتورية والأمنية، وثورة ٣٠ يونيو التي أسقطت وحطمت تجار الدين وهكسوس العصر جماعة الأخوان المسلمين.. تلك الجماعة التي تعايشت رغم كراهية الأنظمة السابقة لها كانت لها رصيد فى الشارع المصرى .. ولكنها استطاعت بغباء منقطع النظير أن تتحطم على صخرة حب الشعب المصري للوطن .
ما زالت بعض الثوابت والقناعات بمصر لم تتغير فهناك طريق طويل للتغيير وما زال العديد من أهل الثقة يشغلون مراكز هامة وبالتحديد المحافظين.
عمل المحافظ هو عمل اجتماعي جماهيري يحتاج إلى رجل له قدرة على الاستيعاب والمرونة في التعامل وإعلاء القانون في كل شؤون الدولة بكل حزم ولكن هيهات الواقع يؤكد أن المحافظ العسكري أو الامنى الذي قضي عمره الوظيفي متلقي للتعليمات وعليه تنفيذها!! لا يستطيع الخروج من هذا الدور ولا ينتج بل أحياناً كثيرة يكون عائق أمام تحقيق التقدم للمحافظة لأنه في صدام دائم بين موقعه القيادي الجديد وبين دوره القديم كمتلقي للتعليمات وحسب.. وأحياناً في صدام مع موظفيه وأكثر الأحيان مع شعب محافظته فيصبح غير منتج بل منتج للعديد من الإشكاليات.
مشكلة كبرى تواجه مصر: فعلى سبيل المثال محافظ المنيا!! بصعيد مصر لواء شرطة سابق من أهل الثقة وربما له أيديولوجية دينية جعلته عائق بين الشعب وبعضه، وكادت المنيا تحترق وبالتحديد مركز سمالوط في قرية العور بسبب أمر مشروع ألا وهو بناء كنيسة للشهداء الذين قدموا أنفسهم لله والوطن(شهداء ليبيا)…
واخفاق اخر للمحافظ قرية الجلاء فيوجد بها 1500 قبطي يسعون لبناء كنيسة طبقاً للدستور المصري “حرية الاعتقاد ” وبعد سنوات من العذاب تم استخراج التصاريح اللازمة وحين شرع الأقباط في بناء كنيستهم تمكن الغوغاء والدهماء من إيقاف البناء…
والاخفاق الثالث فى مركز مغاغا ولعب دور البطولة هنا ليس المتطرفين انما الامن المصري حيث قام الاقباط بالصلاة في خيمة داخل ارض قبطية بسبب اقرب كنيسة تبعد 6 كم عنهم محطما الخيمة التى رافضا صلاة الاقباط ..
محافظ المنيا لواء الشرطة احد رجال اهل الثقة فرط فى سيادة الدولة واعلا شانها وقام بعقد جلسات عرفية خارج اطار القانون تمثلت فى الاجتماع المغلق لخمس شخصيات قبطية وخمس شخصيات مسلمة وتفاوض فى قرار سيادى ببناء كنيسة فى قرية العور ورضخ للمتطرفين ونقلت الكنيسة خارج القرية شرقاً في استهانة بقرارات سيادية وقيمة الدولة وسيادتها.
بالطبع سيادة المحافظ الرجل الأمني له أصدقاء من رجال الأمن وهو من أهل الثقة فلا مانع من ظلم المواطنين وتحطيم قيمة الدولة ونصرة الغوغاء والدهماء والأهم بقاء سيادة المحافظ طبقا للمبدأ الناصري على أهل الثقة.
رفقاً بمصر!! فوظيفة محافظ تتطلب إعطاء دورات تدريبية ليصبح رجل جماهيري قادر على التعاون مع الجميع بما فيهم البسطاء والمفكرين والمتطرفين والمحبين وليس رجل قضى عمره الوظيفي في السمع والطاعة!! ولا سيما طاعة المتطرفين الذي يؤدي لهدم وتحطيم قيمة الدولة.
” العوامل العاطفية توشك ان تكون معدومة الاثر في حلبة السياسة كما في ميدان التجارة ” بسمارك
مدحت قلادة