في وسط السوق الشعبي القديم، توجد عطارة الحاج هاشم عبده وهي مقصد ومحطة مهمة لكل متسوق، تفوح روائح الشرق كلها، يُحس المرء بمتعة رائعة بمجرد المرور من جانب الدكان، يأتيها الناس من كل فج عميق لشراء لوازم كل مناسبة كحالات الولادة والختان والعرس والموت، لكل حالة وموسم مواده وأشيائه الخاصة، هاشم عبده رجل يتقن مهنته ويعرف زبائنه، هو أيضاً صيدلاني المنطقة كلها له خبرة في الأعشاب والخلطات للكثير من الأمراض ويعتمد عليه الناس ويثقون فيه ويمتاز الرجل بلطفه وبشاشه وجهه وتقديره لظروف البسطاء.
الجديد شيوع خلطة جديدة للرجال الذين يكون عندهم إرهاق في الليل، يسمونها قمقم سليمان حق الليل ولكن حمودي لم يفهم التسمية، يدفعه الفضول للمرابطة ومراقبة العم هاشم، يتكوم الناس عند الدكان، يظل مندهشاً لحركة عم هاشم الديناميكية كأنه مايسترو يغترف من هذه القصاع التي امامه وعن شماله ويمينه وخلفه وتحت قدميه وأشياء معلقة فوق رأسه، البحث عن شيء لا يستغرق عنده سوى بضع ثواني، تراه يمازح هذا ويضحك مع ذاك ويردد الصلاة على النبي والتسبيح والتهليل وأحياناً أبيات من الشعر والكثير من الأمثال والحكايات الشعبية القصيرة، الجميع ينصرف فرحاً وخصوصاً اولئك الرجال الذين يحصلون على القمقم.
تردد كثيراً قبل الذهاب لإكتشاف هذا اللغز خوفاً فالتدخل في حاجات الكبار قد تكون عواقبه وخيمة لكن دافع الفضول جعله يخاطر في خوض هذه المغامرة…يقف في صف الإنتظار الثاني، يقترب من مدخل الدكان المغلق بحاجز خشبي وفي المساحة يسمع وشوشات فالبعض يأتي مرتبكاً ولا يصرح بمبتغاه فيهمس للسيد هاشم الذي يدنو برأسه ليستمع أو لينصح ويفسر بعض الوصفات الخاصة.
يقترب الحاج بشير من هذه المساحة، يرحب به العم هاشم ترحيباً خاصاً، يهمس الحاج “قمقم..”
يقاطعه العم هاشم : يا حاج أنت مثل والدي وأخاف عليك..القمقم كله جن وعفاريت وأنت صحتك
يقاطعه الحاج غاضباً : أنت قليل حياء، أنا زايد عليك في العمر ثلاث أو أربع سنوات، وصحتي الحمدلله..قل لي أنك تحابي به وتنافق بالقمقم..كيف تعطي الفقيه الجمل وهو أكبر مني في العمر؟ بلادنا كلها مجاملة وأنانية.
يحاول العم هاشم أن يشرح له لكن الرجل لا يقبل أي رأي…أخيراً يستجيب هاشم لطلبه هنا تتغير لهجة الحاج فيضحك ويدعو للعم هاشم.
يقترب شاب قوي البنية وحسن المظهر، هذا بن بايع الذهب، يفهم هاشم سبب زيارته، يحرك رأسه رافضاً
يهمس للشاب : يا غنيم.. أنت بصحتك وماشاء الله أكلك كله لحم وعسل وسمن بلدي وأحسن أنواع الحوت…خليك طبيعي وأنت شاب، هذا يساعد الناس المرهقة.
يحاول غنيم سياق تبريرات يرفضها ممازحاً : جسمك كجسم جالوت وزوجتك صغيرة ونحيفة..بناتنا تهاميات ضعيفات..الرحمة
يرد غنيم : ياعم هاشم أنا تزوجت ثانية جبلية وأنت عارف الجبليات حارات..الله يخليك خليني أبيض بوجهي ووجهكم.
يتدخل أحدهم ضاحكاً : غنيم تزوج جبلية مش مختونة أبو جبل..أبو قباصه، نحن في تهامة نقصوها
ينظر إليه عم هاشم غاضباً : هذه عادتنا وتقاليدنا منذ زمن نبي الله براهيم عليه السلام..لكل بلاد جوها.. ما يناسب مع الحر إلا الختان.
ثم يدور نقاش لم يفهمه حمودي لكن يبدو أن غنيم يريد الإنسحاب من هذا الجدل، يهمس لعم هاشم أن يخلصه.
يضحك العم هاشم ويناول الشاب مقصده.
هنا يظل حمودي واقفاً، يسترق السمع ونقاشات تدور حول قمقم سليمان، يأتي خطيب الجامع وعاقل قريته والحلاق وأشخاص لا يعرفهم، جميعهم يكون مطلبهم القمقم والقمقم فقط.
يسمع كلمات الشكر والإمتنان والمدح لعم هاشم
ــ ربنا يحفظك لنا يا عم هاشم
ــ ربنا يطول لنا في عمرك
ــ أنت بركة هذه المدينة
ــ والله القمقم جعل الحرمة تحترمني لما أخذت حق الليل تغيرت أحوالها في الصبح صارت هادئة.
ــ كنا في ورطة الآن كسرنا أنوف الحريم بفضلك وقمقم سليمان.
هنا يقترب أحد رفاقي يصيح بأعلى صوته : خلصني ياعم هاشم أمي تريد قمقم سليمان، قالت إن أبي تعبان في الليل ومش راضي يجيك.
يضحك الجميع ويصاب الطفل بالحرج ولا يفهم سبب سخرية الناس منه.
يشير له العم هاشم بالإقتراب ويهمس : له ليش تصرخ؟
ثم يضحك العم هاشم ملقياً بعض الحكايات، سريعاً ماينسى الناس ما قاله الطفل، يُسرع هاشم بلف القمقم في كيس بلاستيكي أسود لذاك الطفل..ينصرف بعدها راكضاً.
يأتي طفل ثاني يخترق الزحام ليلقي ما طلبته منه أمه، يصيح
ـــ يا عم هاشم أمي تريد إبرة خياطة تكون أصلي ومش مدحله تدخل بسرعة وما تعتكس.
يشير إليه عم هاشم فيقترب الطفل، يسرع عم هاشم بلف شيئاً في كيس بلاستيكي أسود.
هنا ينتبه حمودي للوقت فقد مكث هنا لزمن طويل مع ذلك لم يفهم سر قمقم سليمان، يقرر الإنسحاب مقنعاً نفسه أن هذه حاجات حق الكبار وأنه عندما يكبر سيكتشف ويفهم هذه الألغاز كلها.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟بقلم علي الكاش
- مباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراثبقلم مفكر حر
- دراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.بقلم آدم دانيال هومه
- ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني … غدت ضرورية غربية ودولية **بقلم سرسبيندار السندي
- الحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولودبقلم مفكر حر
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
أحدث التعليقات
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **