ولو مع الأعداء .. عند الموت . يجب ان نحفظ هامشاً ولو بسيطاً. من الرحمة , ومن الانسانية .
المقال عن قصة كفاح مصرية من نوع مختلف تماماً – نوع غير مألوف –
أبطال هذه القصة . يعتبرون انفسهم مصريون قبل كونهم يهود . بعكس آخرين يقولون غير ذلك .
عائلة مصرية يهودية شيوعية . تمسكت بمصر . ورفضت هجرها . فنالوا القسوة والظلم من وطنهم و وتحملوها . واعتبرتهم اسرائيل اعداءً لها . لانهم رفضوا الهجرة اليها .
ورفضوا أي تعاون معها , ورفضوا أية مساعدة منها ..
فهل أحبتهم مصر , وأحبهم المصريون . مثلما أحبوها , وأحبوهم ؟
في جنازتها , هل حضر ممثل عن المؤسسات الدينية القائلة بأن الديانات السماوية , ثلاث ديانات – والمتوفاة . كانت أهم واشهر رمز لمعتنقي احدي تلك الديانات في مصر . وما أقل عددهم – ؟
وهل حضر سفير خادم الحرمين . في مصر . باعتبار الملك عبد الله , راعي ما يسمي ب ” الحوار بين الاديان ” ؟
لنقرأ معاً عن جنازة . وقصة المواطنة المصرية المتوفاة ” نادية هارون ” وعائلتها . كما كتبتها السيدة ” اكرام يوسف ” الصحفية والمترجمة , ونشرتها بموقع التواصل الاجتماعي – :
(( ودعنا امبارح اختنا وحبيبتنا بنت مصر الأصيلة نادية هارون.. نائبة رئيس الطائفة اليهودية في مصر..وبنت المناضل المصري اليساري العظيم المحامي شحاتة هارون.. اللي قضى عمره يناضل ضد الاستبداد والاستغلال والاستعمار والصهيونية.. رفض شحات هارون يسافر لعلاج بنته المريضة لأن السلطة وقتها كانت تشترط على اليهودي اللي سافر برة مصر مايرجعهاش تاني.. ماتت بنته الكبيرة منى في مارس 54 عشان رضها اكانش له علاج في مصر.. وعاش عمنا وأستاذنا شحاتة هارون يعلم البنتين اللي فضلوا (نادية وماجدة) يعني ايه الانتماء والوطن.. رغم كل الاستفزاز والعنصرية من الجهلة والمتخلفين ورغم القهر من سلطة ظالمة في كل العهود.. فضل شحاتة هارون وأسرته متمسكين بجمر الانتماء للوطن,,والحفاظ على التراث اليهودي المصري، ورفض تدخل اسرائيل في شئون اليهود المصريين.. واستمرت معاناته ومعانا اليهود المصريين اللي اصروا يكملوا باقي عمرهم في مصر، بعد ما هاجر أغلبيتهم وماقدروش يستحملوا.. لكن الأغلبية هاجروا اوروبا وماراحوش الكيان الصهيوني.. ببساطة لأن يهود مصر غير مؤمنين بقيام الكيان الصهيوني .. لما مات عم شحاتة ما كانش في مصر رجل دين يهودي يصلي عليه.. وتنفيذا لوصية عم شحاتة،طردت البنتين الحاخام الإسرائيلي اللي بعتته سفارة اسرائيل، وأجلوا الجنازة لغاية ما بعتوا جابوا حاخام من فرنسا..وفضلت البنتين حريصين عل الحفاظ على تراث يهود مصر ومنع الأيدي الصهيونية من العبث به او الامتداد له..ماجدة الأخت الأكبر (ورئيسة الطايفة اليهودية) قالت في رثاء أختها أنها ما كانتش عارفة تجيب حاخام من أوروبا وامريكا..كلهم خايفين ييجوا على حد قولها”عشان صورتنا بقت وحشة في الخارج وبقت سمعتنا اننا بنكره الآخر”.. ماجدة كانت بتوصي كل المصريين يحافظوا على التراث اليهودي المصري لأنه تراثنا وقلت “ده تراثك يا فاطمة.. تراثك يا محمد.. تراثك يا مينا”..كنت عايزة االحكومة تسمع الكلام ده وتهتم بالحفاظ على التراث المصري.. لكن للأسف الحكومة ما شغلتش نفسها تبعت مندوب عنها لحضور الجنازة !!!!!وفي العزا بالليل ما شفتش حد من الحكومة! وكنت متخيلة شيخ الأزهر وبطريرك الكنيسة الأرثوذكسية لازم يحضروا!!لكن للأسف، ولا حس ولا خبر.. اللي يحضروا همه المصريين بجد !! رموز الحركة الوطنية المصرية اللي بجد.. المدافعين عن حق المصريين ـ كل المصريين ـ في حياة أفضل.. المؤمنين ان مصر فعلا لكل المصريين. اخوات نادية وماجدة اللي بجد..كان العدد كبير جدا في صلاة الجنازة.. قاعتين مليانين مصريين.. وفي البساتين.. رحنا نودعها.. ماكنتش فاهمة ولا كلمة من الحاخام الفرنساوي.. قريت لها الفاتحة ودعيت ربنا يرحمها هي ابوها ورفاقه العظماء جزاء ماقدموا لوطنهم.. وطلبت منها ومنه يسامحونا على اننا سبناهم كتير لوحدهم وسمحنا بتلاشي عنصر من عناصر الأمة. كنت مكسوفة قوي من نفسي.. لكن عزائي زي ما بقول دايما”المناضلون لا يموتون وانما تفتح لهم ارض الوطن بطنها، كي يستريحوا، وينبتوا فروعا جديد في شجرة العطاء الوطني”.. خالص العزاء لزوجها المخرج احمد قاسم وابنتها جميلة وابنها كريم. وشقيقتها الماضلة العظيمة ماجدة..ومافيش غير ربنا يقدر يقدم اي عزاء ممكن يصبر والدتها المكلومة الست المصرية العظيمة مارسيل اللي شالت هم السنين وفقدان البنت الكبيرة والجري ورا ابو بناتها في المعتقلات وتربية البنتين وغباوة وتخلف المتعصبين وتعنت الحكومات.. وبعدين فقدان الإبنة الصغرى.. ربنا يكون في عونها
ويخفف عنها.. ويسامحنا )) .
— لن نعلق من عندنا بالمزيد…
فيديو جنازة نادية هارون—–