من خلال عيشتي بدبي التقيت بكتير من أخوانا اللبنانيين، و صار بيني و بينهون خبز و ملح و خلاف و اتفاق سياسي كبير..
كنت اتحسس كتير لما كانو يوصفو السوريين بصفات نظامنا، و دائما كان يصير خلاف بيني و بينهون يوصلنا بالنتيجة لطرق مسدودة من النقاش..و كلو بسبب غيرتي على سوريتي..
اليوم و بعد سنتين من الثورة، و بعد كل الارتكابات المهينة لجيش و أمن النظام الحاقد، صرت بفهم ليش اللبناني بيكرهنا..
حكاية اليوم من قلب بيروت.. بيروت العاصمة التانية العربية اللي دخلها جيش اسرائيل بعد القدس الشريف..
بعد محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي بلندن، اجت الذريعة على طبق من دهب و اجتاحت اسرائيل بصيف 82 جنوب لبنان و بيروت الغربية..
ياسر عرفات مع مجموعة من الجماعات الإسلامية المسلحة كانت عم تقاوم هالاجتياح..
من عجائب و غرائب نظام الممانعة السوري، و بظل معركتو المفترضة مع اسرائيل عالأرض البيروتية، كان عم يحارب مع الإسرائيلي باتفاق غير معلن جماعة أبو عمار و حلفاؤو..
أبو الريم و أبو الغنى.. شباب أخوات كانو من قيادات هالجماعة..و كانو عايشين بيومها بمنزلة طالب بنهاية شارع الحمرا ببيروت..
بيت العيلة المؤلف من طابقين.. الأول منو قاعد فيه أبو الريم و عيلتو، و التاني قاعد فيه أبو الغنى و مرتو و ولادو..
كل يوم الشباب يحملو سلاحهون و يطلعو عالجبهة.. يغيبو كم يوم و يرجعو عند نسوانهون الغليان ألبهون عليهون..
بليلة من ليالي الحرب.. و بشتوية 83، و بعد معركة طويلة عريضة عند الكارنتينا، بيرجعو الشباب متل عادتهون لبيوتهون..
بنص الليل، و على عتمة بيروت بيوصلو جقيلات سوريا..
سيارة أمن تابعة للقوات السورية، بتوقف على راس النزلة و بيداهمو بيت الشباب.. و بيبدا الاشتباك..
خمس دقايق، كان أبو الغنى و عيلتو هربانين من الجنينة الخلفية، و أبو الريم بيوقع بين أيدين عناصر الامن السورية..
تلات أيام مضيت على هالحادثة.. بيرجع أبو الغنى بنص الليل ليستفقد البيوت، بيشوفها منهوبة عالاخر، و الجقيلات ما تاركين فيها شي يذكر..
و الكارثة الأكبر، لما بيشوف زوجة أخوه و بنت أخوه الصغيرة مرميين ميتيين عالدرج الخلفي للبناية..
بيشوف أبو الغنى بيت تاني عند النادي الرياضي اليوم، و بيتخبى فيه مع مرتو و ابنو لحتى ما يفرجها رب العالمين..
بعد بكم يوم.. بيوصل خبر لأبو الغنى من بقال الحارة، أنو يجي يستلم جثة أخوه المرمية على راس الشارع..
و الله فقت يا أبو الغنى و بعد ما صليت الصبح حاضر، باسمع صوت سيارة عسكرية بالحارة، و بشوف الجيش السوري عم يرمي جثة أبو الريم الله يرحمو..
على عوايد نظام الحقد السوري بزراعة العواينية و المخبرين بكل منطقة و كل حارة..
بيوصل التقرير: أبو الغنى موجود ببيت العش بالحارة الفلانية..
و متل عوايدهون وطاويط الليل، بيداهمو البيت بنص الليل بدون أي مقاومة تذكر…
عشر عناصر من الأمن السوري مدججين بالسلاح، دخلو عالبيت و طالعو أبو الغنى من نص بيتو و بدون طلقة رصاص وحدة..
لما ما شافو اللي يسرقوه، و باستغراب من أمرهون أنو كيف أبو الغنى ما قاوم و تركهون ياخدوه بكل سهولة و هوة المعروف عنو شراسة القتال.. انسحبو من البيت و بيناتهون أبو الغنى مكلبش..
و هون كانت المفاجأة..
أبو الغنى موصي مرتو، إذا إجا الأمن السوري بدو ياخدني، أنا ما رح قاوم و رح اتركهون ياخدوني..
رح يقتلوك يا أبو الغنى..
لأ ما هنن اللي رح يقتلوني..
لما بيطلع أبو الغنى مكلبش و عم ياكول كفوف ولبط و مسبات من بيتو، و متل ما متفق مع مرتو، بتركض أم الغنى عالمطبخ، و بتسحب الكلاشينكوف المخباية عالسقيفة، و بتبدا تقوص عليهون..
11 جثة مرمية على مدخل البناية من بيناتهون جثة زوجها أبو الغنى..
قتلتهون و قتلت زوجها معهون..
هيدي كانت وصيتو الها: اتركيهون يدخلو و ياخدوني، و هنن طالعين قوصيني أنا و هنن، هيك أو هيك رح يقتلوني، فخليهون يموتو معي..
الحكمة:
إذا كنت عم تحارب هيك نظام رجيم..
لازملك زوجة أخت الرجال، لحتى تموت و انت انسان عظيم..
تحية لكل نساء و بنات الثورة.. زياد الصوفي – مفكر حر؟