النظام السوري عاش اربعين سنة معتمد على عاملين: عامل الفساد و عامل الترهيب لضبط المجتمع السوري..
مكافحة الفساد من أبرز الأمور اللي رح انواجهها باليوم الاول بعد بشار الاسد.. سرطان اتغلغل بشكل ممنهج بالمجتمع السوري و جعل سوريا تجي بمراتب كتير متأخرة بالتصنيفات الدولية..
النظام عمل بشكل متعمد على بسط هالحالة, و جعل المستفيدين من قضايا الفساد بيشكلو عدد كبير من السوريين لأكتر من سبب.. لمسكهون من ايدهون اللي بتوجعهون في حالة العصيان, و منشان تنفيع اصحاب النفوس الضعيفة و اللي مع الاسف ما في احصائية ممكن تعبر عن اعدادهون..
بس من الطبيعي نميز بين قبول رشوة بسيطة لتسريع معاملة قانونية, و بين رشوة كبيرة لتمرير قضية بتمس بالامن القومي للبلد..
أمثلة الفساد كبيرة كتير, و ضحايا الفساد بالملايين من الشعب السوري, و اليوم رح احكي قصة من الاف القصص اللي صارت بمرفأ طرطوس و اللي ما ممكن يمر يوم الا تصادف فيه حكاية بتنحكى..
قصة اليوم عن جوزيف من طرطوس ، بنهاية التسعينات جمع ورثتو من أهلو و اشترى باخرة صغيرة و صار يشتغل عليها بنقل البضايع الخفيفة عالموانئ القريبة لمينا طرطوس..
محمد عبود مدير المرفأ( نسيب علي دوبا ), و مع طلعة كل ضو.. بيمر مندوبين التجار و اصحاب السفن لأداء واجب الطاعة و دفع الاتاوة الرسمية بحسب تسعيرة الدولة لأي معاملة قيد التنفيذ, بالاضافة للرواتب الشهرية المقطوعة و المخصصة لسيادتو عند راس كل شهر..
بيسمع جوزيف أنو لحماية باخرتو و حماية البضاعة المحمولة على سطحها, لا بد من زيارة لعند المدير بشكل دوري و دفع المعلوم..
بتوصل الباخرة جاية من اليونان و محملة براميل, و بينسى جوزيف يمر على صاحب المعالي متل العادة..
بتحمر عينو للمدير و بيحملها بألبو بدون ما يحكي مع جوزيف أي كلمة و بيتركو يخلص تفريغ لحمولة الباخرة و ضمنا عم يقول بنفسو :المرة الجاية يا جوزيف رح عوّضها منك و باكبر منها..
جوزيف بيستغرب أنو كيف حمولة اليوم مرت بدون ما يعمل زيارة, هالشي اللي بيشجعو اكتر بالمرة الجاية أنو يوفر على نفسو الاف الدولارات معتقد أنو هالبلد و بسحر ساحر انصلحت و هالمدير الله عفى عنو و بطًّل يقبل الرشوة..
شهر بيمر على هالحادثة و القصة بعدها عالقة براسو للعبود و ما نسيانها أبدا, و ناطر باخرة جوزيف توقف مرة تانية لحتى ينقّض عليه و يطلب بتعويضو عن الباخرة اللي قطعت المرفأ بدون ما يكسب منها شي..
جوزيف لما وصلت باخرتو يومها, اتعمد ما يروح لعند المدير و صدق حالو أنو بطلت حكاية الرشوة..
حمولة هالمرة كانت براميل قطر مكثفة ( غلوكوز ).. و أثناء التحضير لترصيف الباخرة و بدء أعمال التفريغ, بيوصلو شبيحة العبود ( حرامية المرفأ ) بسيارة بيك اب و معهون برميلين مازوت..
بيحملو هالبرميلين على الرصيف و قدام كل البحرية و بيرمو براميل المازوت بشكل متعمد عالرصيف صوب الباخرة..
البحارة اعتقدو أنو الموضوع حادث, و ما في شي بيتاكل همو..
بس الموضوع كان اكبر من هيك..
بيركض أمين الرصيف المتفّق مع مدير المرفأ و بيكتب تقرير أنو في تسريب مواد نفطية من الباخرة , الشي اللي سبب تلوث بالمرفأ، و عليه لازم تتحجز الباخرة و يتعرض صاحبها للغرامة..
انكتبت المخالفة خمسة مليون ليرة, و انحجزت الباخرة..
بيركض جوزيف لعند العبود و هوة جانن.. دخيلك سيدي داخل على عرضك..
ولك له له شو صاير معك هاكا؟؟؟ صحي متل ما اسمعت؟؟ قال باخرتك عاملة تلوث بالمرفأ؟؟؟
دخيلك يا معلم, حل الموضوع و أنا جاهز لأي شي..
والله يا جوزيف الموضوع طلع من صلاحياتي و صار بفرع أمن الدولة, و أبقا فيني أعمل شي..
ست شهور الباخرة محجوزة, و خسارة عدم تحميلها عشرات الملايين, و غرامة حجز الرصيف ملايين تانية..
باع جوزيف اللي فوقو و اللي تحتو، و اتدّين المبلغ الباقي ليسدد الغرامة و كتبلو العبود ربع الباخرة باسمو بشكل سرّي
فشّة الخلق و سبحان رب العالمين..
شهر بعد هالقصة, و هوّة العبود طالع من المرفأ عالضيعة.. بيعمل حادث, و بتحترق السيارة فيه و بيحترق معها..
الحكمة:
كلّفت ملايين حماية جوزيف ابن حمص العديّة..
لسّا أحكو أنو النظام ما بيحمي المسيحيّة..زياد الصوفي – مفكر حر؟