قراءة في ” مؤسسة الأزهر و أزدراء الأديان “

azharالمقدمة :
مؤسسة الأزهر في مصر ، أصبحت الناطق الرسمي و المخول بأسم الأسلام ، فهي تجرم وتكفر وتقصي من تريد من المفكرين والكتاب والناشطين والفنانين .. ، وتتهمه بأزدراء الأديان (*1) ، وفق تصورات وضعت وفق مخيلتها الأسلامية المتحجرة ، وتحولت هذه المؤسسة الى مؤسسة تنافس العسكر في السلطة القمعية على أفواه الفكر والأدب والتنوير والفن .. ، في مصر الأن هناك تبادل بالأدوار ، فالأزهر يقوم مقام الأخوان المسلمين ، فحقبة عبد الفتاح السيسي / تحت ضغط الأزهر ورجاله ، في موضوعة تكميم الأفواه ومصادرة الحرية الفكرية والأبداع ، لا تختلف عن فترة حكم الأخوان المسلمين / تقريبا ، أبان حكم الرئيس محمد مرسي ” الأخواني ” ! ، أني أرى الوضع الأن قد أخذ يتقولب كفترة حكم الاخوان ، أن المفارقة الوحيدة بين الازهر و الأخوان هو في من يقود ومن الذي يعتبر الناطق الرسمي للأسلام ، وبالتالي يترأس هرم المنظومة الأسلامية ..
القراءة : أولا – أن الأسلام الأزهري ، باطنيا ، أو من الداخل كمؤسسة ، يعتمد على القرأن والحديث والسنة ، وهذه من الثوابت ، ولا يمكن أن تتغير هذه المرتكزات ، لذا كان خطابه ، الذي يدعى وسطيا ، وهي كلمة حق يراد بها باطل ، لأنه لا يوجد وسطية في الأسلام ، وذلك لأن الأسلام هو واحد ، ولكن يوجد أيات مكية / تؤرخ بعضها للأنبياء والصالحين من الناحية المعلوماتية ” كسورة يوسف ، هود ، أبراهيم ومريم .. ” كما تضم نصوصا تعايشية و.. ، حيث أن الأسلام كان لا زال في مهده ، والتي تختلف عن الأيات المدنية التي تتميز جهارا ب ” الدعوة إلى القتال وذكر الجهاد ، الرد على أهل الكتاب وإقامة الأدلة عليهم و ذكر المنافقين ..” ، لذا أرى أن الخطاب الأسلامي كان دوما مبنيا على ماذكر من ثوابت ولا يمكن أن يحيد عنها ، لذا وجب عليه أن يتهم من خالف ما هو منصوص من هذه الثوابت بأزدراء الأديان ، وفق ضوابط وعمليات تعتمد على فريق من العاملين المتخصصين الذين وضعوا الميديا تحت المجهر !! . ثانيا – أخذ كبار رجال المسلمين في الماضي يفسر بشكل كيفي بعض الأيات ، وفقا لمنهجه ، فمثلا أية ( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ، سورة المائدة:82 ) والتي يفسرها سيد قطب 9) أكتوبر 1906م – 29 أغسطس 1966م ) في كتابه ” في ظلال القرآن” ، ” وليس كل من قالوا إنهم نصارى إذن داخلين في ذلك الحكم….. كما يحاول أن يقول من يقتطعون آيات القرآن دون تمامها ، إنما هذا الحكم مقصور على حالة معينة لم يدع السياق القرآني أمرها غامضاً ولا ملامحها مجهلة ولا موقفها متلبساً بموقف سواها في كثير ولا قليل .. ” . أذن الخطاب الأسلامي في حقبة سيد قطب ، لو ساد حكمه فكرا ومنهجا ، لكفر وجرم كل الكتاب و المفكرين ، أضافة للمسيحيين ، لأنه حدد بمفهوم ضيق من المراد بهم في سورة المائدة المذكورة على سبيل المثال وليس الحصر ! . ثالثا – أن الأزهر و الخطاب الأسلامي عامة ، كفر أو حاول تكفير أو أمر بحكم الردة أو هاجم الكثير من المفكرين والمتنورين والكتاب أمثال : علي حسن أحمد عبد الرازق ، طه حسين ، نجيب محفوظ ، فرج فودة / أغتيل ، نصر حامد أبو زيد ، وحاليا : نوال السعداوي وسيد القمني وأسلام البحيري وفاطمة ناعوت .. ، وغيرهم الكثير ، أن للأزهر ثوابت ، فهو كالحاكم بأمر الله (*2) يأمر ويحكم بما يشاء ، ولا يسمح بأن تخرج بوصلة القيادة من رئاسته . رابعا – أن مصر قد سنت قانونا وفق المادة 98 من قانون العقوبات (*3) ، صيغته عامة ولكن تطبيقه خاص ! لغرض ربط دور الأزهر وخطابه الديني من أجل مقاضاة أي متجاوز يراه الأزهر / وفق دوره السلطوي ، وذلك وفق شبكة مؤسساتية تكيف القضايا على هواها الأزهري ! . خامسا – تساؤل هل هناك أزدراء للأديان بالنسبة لغير المسلمين ، مثلا الأقباط والكثير غيرهم كالشيعة والبهائية في مصر! ، أم أن هذا القانون سن عاما ويطبق لصالح المسلمين ومؤسسته الأزهر ! أذن هناك مبدأ ” الكيل بمكيالين ” حتى في سن وتطبيق القوانين في مصر ! سادسا – والأزهر من ناحية أخرى لم يعبأ بدوره الرئيسي في الدفاع عن الشعوب ، وقول كلمة الحق في الأحداث ، فلم نلاحظ من أن الأزهر ، مثلا ، أن يكفر من قام بذبح الأبرياء كما تقو به داعش والقاعدة وغيرهم ، وجلهم من المسلمين ، وهذا الامر يتوافق مع رجال المذهب الوهابي في السعودية ، التي أنطلقت أغلب المنظمات الارهابية من هدى فكرها المتزمت المتحجر المكفر للأخرين ! . سابعا – أن الأزهر ودوره المؤسساتي في موضوعة ” أزدراء الأديان ” يقوم على تكبيل الأبداع وحجب التنوير وحجر الحريات الفكرية وهذا الدور هو تخريب حضاري تام ، بكل معنى الكلمة ، على دولة كمصر لها باع طويل على المستوى الفكري المتمدن ، وأن بقاء الظلمة معششة على ذهنية العامة هو ما يأمل الخطاب الأسلامي الماضوي أن يقوم به ، من أجل تغييب هذه الطبقة من المجتمع ! ولكن الفجر لا بد ان يبزغ ! لكي يقبر الظلمة ورجالها الى الأبد بثورة فكرية متنورة تقوم على فصل الدين عن الدولة ، والحل الجذري العملي التطبيقي لكل هذا هو ” الدولة العلمانية ” وذلك من أجل عودة الوعي للحياة المجتمعية ! .
—————————————————————————————-
(*1) قانون ازدراء الأديان .. من حامى حمى الوحدة الوطنية إلى ” سبوبة ” للمتطرفين – مقال لدينا عبد العليم في اليوم السابع يوم 26 – 01 – 2009 : ” ازدراء الأديان ” ، تهمة يتعرض لها كل من يختلف عقائدياً أو فكرياً فى مصر ، بالرغم من أن الدستور المصرى يكفل حرية العقيدة والتعبير ، وبين كل فترة والأخرى نسمع عن القبض على أحد أفراد جماعة القرآنيين أو الشيعة أو البهائيين ، وكأن العقيدة بين الفرد وربه يتم تحديدها فى محاضر النيابة وتخضع للتحقيق الجنائى. كما نسمع دائماً عن إقامة أحد الشيوخ دعوى قضائية ضد أحد من المفكرين أو الكتاب يتهمه فيها بازدراء الدين أو سب الذات الإلهية ، وهناك العديد من النماذج ، آخرها الكاتب الشاب حامد عبد الصمد الذى اتهمه موقع ” نصرة الإسلام ” بالكفر والإساءة للذات الإلهية بسبب روايته ” وداعاً أيتها السماء ” الصادرة عن دار ميريت للنشر . كما طال الاتهام العديد من الكتاب أشهرهم نوال السعداوى التى طالب مجمع البحوث الإسلامية بإسقاط الجنسية المصرية عنها بعد نشر إحدى مسرحياتها والشاعر حلمى سالم بسبب قصيدته ” شرفة ليلى مراد ” وسحبت منه جائزة الدولة ، والدكتور نصر حامد أبو زيد الذى تم اتهامه بالكفر بسبب أبحاثه التى تقدم بها لنيل درجة الأستاذية وحكم فيها بالتفريق بينه وبين زوجته ، وعلاء حامد بسبب ” مسافة فى عقل رجل .. محاكمة الإله ” التى حكم عليه فيها بالسجن 8 سنوات وغرامة 2500 جنيه . نقل بتصرف من الموقع التالي :
www.masress.com/youm7/66606 .

(*2) كان نظام الحكم في الدولة العبيدية الخبيثة يقوم على أساس تعاليم الطائفة الإسماعيلية الباطنية ، والتي تقضي أن يتولى الولد الأكبر لكل خليفة الأمر من بعده ، مهما كان سنه أو عقله أو دينه ، وهذا النظام أدى لظهور أعجب حاكمٍ لبلد مسلم على مر التاريخ ، والذي جمع بين كل المتناقضات والمتضادات في آن واحد وصار يُضرب به الأمثال في الخرف واللامعقول . / نقل بتصرف من موقع قصة الأسلام .
(*3) المادة 98 من قانون العقوبات المصري تحدّد عقوبة السجن مدة تراوح بين 6 أشهر و5 أعوام وغرامة تراوح بين 70 و140 دولاراً لكل “ من استغل الدين في الترويج أو التحبيذ بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية”. في تركيبته المطاطية، يتيح هذا النص لأي شخص أن يستهدف أي صاحب رأي ببلاغات ودعاوى كيدية، متهماً إياه بازدراء أو تحقير أو إهانة الدين ، فهو لا يضع مفاهيم واضحة للمصطلحات التي يذكرها، مثل “ازدراء وتحقير الدين” أو “الإضرار بالوحدة الوطنية ” ، الأمر الذي يتيح إمكانية تفسيرها بما تقتضيه المصلحة . نقل من
raseef22.com/life/…/blasphemy-laws-in-the-arab-worl .

About يوسف تيلجي

باحث ومحلل في مجال " نقد النص القرأني و جماعات الأسلام السياسي والمنظمات الأرهابية .. " ، وله عشرات المقالات والبحوث المنشورة في عشرات المواقع الألكترونية منها ( الحوار المتمدن ، كتابات ، وعينكاوة .. ) . حاليا مستقر في الولايات المتحدة الأميريكية . حاصل على شهادتي MBA & BBA .
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.