المقدمة :
جذب أنتباهي نصين محددين أحدهما ، أية من الأنجيل ، وهو حديث ، للمسيح وهومعلقا على الصليب ، مخاطبا من صلبوه ، قائلا لهم : ” يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ( 34:23 أنجيل لوقا ) ” ، والثاني حديث / مقولة ، عن الرسول ، وهي واقعة ” قتل كعب بن الأشرف / وهو من قادة بنو النضير ” ، حيث قال الرسول لأصحابه : “مَنْ لِي بِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ ؛ فَإِنَّهُ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ ” ، فقتل بناءا على أمره من قبل ” محمد بن مسلمة وعباد بن بشر وأبو نائلة والحارث بن أوس ومجموعة من قبيلة الأوس ” .. هذا البحث المختصر يتضمن محورين حول النصين / المقولتين أنفتي الذكر ، ثم سأسرد قراءأتي الخاصة للموضوع فخاتمة.
المحور الاول :
هذا المحور يتعلق بمقولة المسيح ” يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ( لوقا 34:23 ) ” ، ففي موقع
alkalema.net/pope/7.htm
، يبين مايلي حول هذه الواقعة التي قالها المسيح وهو مصلوبا ، وقبيل موته على الصليب (( .. المسيح الهنا الحنون – وهو فى عمق الآلام على الصليب- كان منشغلا بغيره لا بنفسه . لم يذكر آلامه ولا تعبه ولا جراحاته . لم يأبه لآلم السياط على ظهره ، ولا بارتكاز المسامير فى يديه وقدميه ، ولا بوخز الشوك فى جبينه ورأسه ، ولا بجسده المرضض المنهك … وانما ترك كل ذلك جانبا ، وكان كل ما يشغله هو محبته للبشر وأول ما فكر ، فكر فى إنقاذ كارهيه وصالبيه… وهكذا كانت أول كلمة قالها على الصليب ” يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون ” (لو24:23)… وقد أهتم الرب بأعدائه أولا ، قبل أحبائه وقبل نفسه … فغفر أولا لصالبيه ثم غفر للص الذي عيره أولا وآمن أخيرا . ثم أبدى اهتمامه بأمه . وبعد كل ذلك تكلم عن نفسه ” يا أبتاه أغفر لهم ” قالها وهو منتهى الألم الجسمانى ، كان حقا فى عمق المقاساة من هؤلاء الذين يطلب لهم الغفران !.. ولكن محبته لهم ، كانت أكثر من عداوتهم له ، عداوتهم التى لا توصف ، من عمق بشاعتها )) ،
ومن موقع الكنيسة المعمدانية في كفرياسيف ، وحول نفس الحدث أنقل التالي ، حول محبة المسيح وهو في منتهى الألم وقمة القهر ، وهومصلوبا .. (( ولما حضروا به الى الموضع الذي يدعى جمجمة صلبوه هناك مع المذنبين واحدا ً عن يمينه والآخر عن يساره ، فقال يسوع ” يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون ” ، رغم صراخهم اصلبه ، اصلبه ، اما يسوع قال على الصليب يا أبتاه ” اغفر لهم .. ” ، فان هذه الكلمة هي : كلمة محبة في ضوضاء البغضه ، كلمة ثقة وهدوء في اوج الألم ، كلمة صلاح في اقصى مظاهر الفجور ، وكلمة ثقة ، لان المسيح لم يمت بأيدي اعدائه بل مات عنهم ، شكرا لك ايها السيد من اجل المحبة التي تجسدت في هذه اللحظة على الصليب .. )) .
المحور الثاني :
الشخصية المحمدية ، وفق الموروث الأسلامي ، شخصية لا تترك لها ثأرا ألا وأخذته ليس بنفس قيمة الأذى ، بل تاخذ هذا الثأر بعنف و بدموية غريبة ، كأن هذه الشخصية ليست هي التي قال عنها القرأن ، ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ / الأنبياء:107 ) فكيف بهكذا رحيم يكون سلوكه عنفا بهذا التوحش .. أما مقتل كعب بن الأشرف ، فهي واقعة تستحق التأمل والتبصير لما بها من أنتقام غير طبيعي ، وكان كعب بن الأشرف (( .. هو أحد يهود بني النضير ، بل كان قائدًا وزعيمًا من زعماء بني النضير ، وقد قاد حربًا ضروسًا ضد المسلمين ، وكثيرًا ما صرَّح بسبِّ الله وسبِّ الرسول ، وقد أنشد الأشعار في هجاء الصحابة ، ولم يكتفِ بهذا الأمر ، بل ذهب ليؤلِّب القبائل على الدولة الإسلامية ، وذهب أيضًا إلى مكة المكرمة ، وألّب قريشًا على المسلمين ، وبدأ يذكِّرهم ويتذاكر معهم قتلاهم في بدر ، بل فعل ما هو أشد من ذلك وأنكى – وهو كما نعرف من اليهود ويعلم أن الرسول مُرسَل من رب العالمين – فعندما سأله القرشيون وهم يعبدون الأصنام ، قالوا له : ” أديننا أحب إليك أم دين محمد وأصحابه ؟ وأيُّ الفريقين أهدى سبيلاً ؟ ” ارتكب كعب بن الأشرف – إذن – مجموعة من الجرائم والمخالفات الصريحة والواضحة للمعاهدة بينه وبين الرسول ؛ لأنه كان من نصوص المعاهدة ألا تُجار قريش ولا تُنصر على المسلمين ، وقد كان ما فعله كعب كفيلاً بأن يأخذ النبي قرارًا في منتهى الحسم ، وهو قرار قتل كعب بن الأشرف ، فقال الرسول : “مَنْ لِي بِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ ؛ فَإِنَّهُ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ ” . فقام محمد بن مسلمة وعباد بن بشر وأبو نائلة والحارث بن أوس ومجموعة من الأوس ، وقرروا القيام بهذه المهمة ، وأدوها على أحسن وجه ، وبهذا تخلصت الدولة الإسلامية من أحد ألدِّ أعدائها ، وهو كعب بن الأشرف. هذا ما جاء في موقع قصة الأسلام / د.راغب السرجاني )) ، اما عن تفاصيل مؤامرة قتله ، فهي لنا أنها عملية أغتيال مدبرة بليل ، فوفقا لكتاب ” فتح الباري في شرح صحيح البخاري ” ل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، جاء التالي (( .. فواعده أن يأتيه ، فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة فدعاهم إلى الحصن فنزل إليهم فقالت له امرأته أين تخرج هذه الساعة فقال إنما هو محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلة وقال غير عمرو قالت أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم قال إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب قال ويدخل محمد بن مسلمة معه رجلين قيل لسفيان سماهم عمرو قال سمى بعضهم قال عمرو جاء معه برجلين وقال غير عمرو أبو عبس بن جبر والحارث بن أوس وعباد بن بشر قال عمرو جاء معه برجلين فقال إذا ما جاء فإني قائل بشعره فأشمه فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه وقال مرة ثم أشمكم فنزل إليهم متوشحا وهو ينفح منه ريح الطيب فقال ما رأيت كاليوم ريحا أي أطيب وقال غير عمرو قال عندي أعطر نساء العرب وأكمل العرب قال عمرو فقال أتأذن لي أن أشم رأسك قال نعم فشمه ، ثم أشم أصحابه ، ثم قال أتأذن لي قال نعم ، فلما استمكن منه قال دونكم فقتلوه ثم أتوا النبي فأخبروه .. )) .
القراءة :
1. أرى أن المقولتين فيهما أنعكاس لشخصية القائل ، فشخصية المسيح ، تمثل التضحية من أجل البشرية ، وهذه الشخصية فدائها ليس له حدود ، وأن غفرانه لمن صلبه ، بقوله ” يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ( لوقا 34:23 ) ” ، ليس غريبا على سلوك المسيح ونهجه وطريقه في الحياة ، وسائل يسأل لم الله يضحي بروحه / حسب المعتقد الأسلامي ، أو بأبنه / حسب المعتقد المسيحي ، والجواب الأمثل على هذا ، هو ما جاء جوابه تاما كاملا ، وفق موقع / المرشد (( .. فمحبة الله للمسيح محبة لا تُحد ولا توصف ، ولكنه برهان على المدى الذى يمكن أن يذهب إليه الله فى إظهار محبته لنا ، فهو مستعد أن يبذل إبنه الوحيد ويُضحى به على الصليب من أجل خطاياك وخطاياى ، قال السيد المسيح ” لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” يوحنا 3 : 16 ” . صحيح أن الله مهتم بالسيد المسيح ، ولكنه مهتم بنا وبمصيرنا الأبدى أيضا )) .
2 . الشخصية الانتقامية متمثلة في الموروث الأسلامي ، وهذه الشخصية ، هي شخصية دموية متعطشة للأنتقام العنيف ، وبصدد موضوعنا ، ليس الأمر متمثل فقط بمقتل كعب بن الأشرف من قبل صحابة الرسول وبأمر منه ، بل هناك ايضا حالات أخرى متمثلا بها هذا الأنتقام الدموي ، كمقتل ” أم قرفة ” والتمثيل بجثتها ، فقد جاء في موقع الويكيبيديا ، عن مقتل أم قرفة التالي (( عن عائشة ارتدت إمرأة ( تقصد أم قرفة ) يوم غزوة أحد فأمر النبي أن تُستتاب فإن تابت وإلا قُتلت . وقد ضعف رواية تشويه جثة أم قرفة . وقال الإمام شمس الأئمة السرخسي : والمُرتدة التي قُتلت كانت مُقاتلة ، والمرأة إذا قاتلت تُقتل . وقيل في أحدى الروايات المضطربة أن زيد بن حارثة مَثل بِها عند قتلها وشوه جثتها ، فيقال : ربطها في ذنب فرسين وأجراهما فتقطعت ، وقال الإمام الدارقطني عن هذه الرواية : أن من رواة هذا الحديث مُحمد بن عبد الملك الأنصاري وهو راوي اشتهر بالكذب والتدليس . وفي رواية أُخرى أن من فَعل ذلِك خالد بن الوليد وفي رواية ضَعيفة قيل أن هذا كان في عهد خلافة .. )) .
3 . أن شخصية المسيح ولدت مرتبطة بالمحبة ، وهذا جاء تأكيدا للمعتقد المسيحي الذي يؤمن بأن ” الله محبة ” ، فهي شخصية بعيدة عن الأنتقام ، فقد جاء في موقع / منتديات الكنيسة ، التالي (( الحب كلمه ليست عاديه انها اقدس كلمه فى قاموس المعاملات يكفيها فخرا انها اسم الله ” الله محبه ” ويكفى لبيان اهميه الحب قول الكتاب ” من لا يحب لا يعرف الله لان الله محبه / 1 أنجيل يوحنا 4:8 ” )) ، لذا أن المقولة موضوعة البحث ” يا أبتاه أغفر لهم .. ” ، تأتي من خلال هذا السياق ، أضافة الى هذا ، فهذا الأمر مؤكد أيضا من خلال خطب ومواعظ المسيح لتلاميذه وللجموع التي كانت تسمع له ، التي تؤكد على التسامح والغفران ، فقد جاء في انجيل متى ، ما يلي (( أما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشرير ، بل من لطمك على خدك الأيمن ، فأعرض له الآخر . ومن أراد أن يحاكمك ليأخذ قميصك فاترك له رداءك أيضاً ومن سخرك أن تسير معه ميلاً واحداً فسر معه ميلين / متى 5 :37 -41 )) ، أذن شخصية المسيح مبنية على التسامح والغفران والمحبة ، خلاف شخصية محمد ، التي أبتعدت عن هكذا مفردات ، بل ذهبت الى أبعد من هذا ، حيث أن هذه الشخصية ربطت حتى رزقها بمبدأ السيف والرمح ، من خلال الحروب والغزوات ، أي بالدم والعنف ، مع أذلال للأخرين ، فيقول الرسول : ” بعثت بالسيف بين يدي الساعة وجعل رزقي تحت ظل رمحي ” ، وعن هذا الحديث أنقل التالي ، ففي كتاب ، العلل للدارقطني / جزء 9 – صفحة 272 ، جاء ما يلي (( وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة قال الرسول ، بعثت بين يدي الساعة وجعل رزقي في ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالفني ومن تشبه بقوم فهو منهم فقال يرويه الأوزاعي واختلف عنه فرواه صدقة بن عبد الله بن السمين وهو ضعيف عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة وخالفه الوليد بن مسلم رواه عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن بن عمر وهو الصحيح.)) .
4. ان المسيح فى غفرانه لمن صلبه ، هو ربطا بما قاله في الموعظة على الجبل ” احبوا اعداءكم ،… أحسنوا آلي مبغضيكم ، وصلوا لأجل الذين يسيئون اليكم ..” ، والذي قدم بها مثالا على فلسفة مسيحية فريدة ، في الطيبة والغفران ، والتي هي فوق إدركنا الأنساني ، وها هو ذا ينفذ بنفسه ما سبق ان اوصى به الناس ، ولا ينفذ هذا الوصايا ألا بنفسه ، وهي ” محبة الأعداء ” ، ونفذها عمليا ، فى عمق وفى مثالية عجيبة ، وهي في غفرانه لصالبيه ، ومضطهديه و للمسيئين اليه .. أما الشخصية المحمدية فتقتل من آذاها ، أما عن طريق أصحاب الرسول أو بيده شخصيا ، وهذا تمثل في قتل الرسول لأحد أعدائه وهو ” الغظريف ” بيده ، وذلك من خلال موقع السلطة والقوة والقيادة والرئاسة التي يحتلها الرسول ، فقد جاء في موقع
www.d1g.com
، حول هذا الموضوع (( ..” الغظريف ” ، هو أبي بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب القرشي ، الحجمي ، المعروف بالغطريف . من شخصيات ورؤساء قريش في الجاهلية ، وأحد كفار ومشركي العرب في بدء الدعوة المحمدية . كان من ألدِّ خصوم النبي وأكثرهم إيذاء له ، وأشدهم استهزاءً به وإحجاجًا عليه .. )) .
خاتمة :
ختاما ، يتضح لنا ، وكما هو جلي ، أن شخصية المسيح ، شخصية واضحة ، ثابتة ، راكزة ، متقدة ، فالمسيح لم تتغير شخصيته ، فلم يكن قاتلا فأصبح مسالما ، ولم يكن عدائيا فتحول الى وديعا ، أنها شخصية بعيدة عن الفصام والأزدواجية والأهواء ، حادة كالسيف ، ولكن حدتها محبة وغفران وتضحية ، لا تتضمن شخصيته تأويلات ، لهذا كانت أقواله نافذة وحدية ، وهذا ما أكده أنجيل متى 5 : 37 ( بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ : نَعَمْ نَعَم ، لاَ لاَ . وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّير ) ، أما بالنسبة للعنف والسيف والقتل ، فالمسيح له طريقا خاصا ، لا يلتقي مساره مع هكذا مفردات ، لأنه بعيدا عن العنف والدموية ، ومثال ذلك ..” قبل تسليمه للجنود لصلبه ، دافع عنه بطرس بسيفه .. ” ، فقد جاء بالآيات 51 ، 52 من أنجيل متى ( .. وإذا واحد من الذين مع يسوع مد يده واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه . فقال له يسوع رد سيفك إلى مكانه لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون . ) ، ويشرح هذه الواقعة موقع – سانت تكلا / نقل بتصرف : ( التلميذ يوحنا ، ذكر اسم العبد / الذي قطعت أذنه ، وأسمه ملخس ( يو10:18 ) ، والتلميذ لوقا أكمل القصة ، بأن السيد / أي المسيح ، شفى أذن العبد ( لو51:22 ) . ومن هذه القصة نفهم أن استخدام العنف مرفوض في الدفاع عن الدين ، فحينما يستخدم الإنسان العنف في خدمته تحت ستار الدفاع عن السيد المسيح يكون كبطرس الذي يضرب بالسيف أذن العبد فيفقده الاستماع لصوت الكلمة ، من نستخدم معهم العنف نغلق أمامهم باب الإيمان ، بل كلمات العنف تزيدهم عنادًا .. ) ، ولا أجد شرحا أو توضيحا أكثر بلاغة مما ذكر !! . أما الشخصية المحمدية ، فهي شخصية تنهج ثقافة السيف ، وهذا ما نراه في الأيات المدنية ، وأيضا متمثل في السيرة النبوية والشواهد كثيرة ، فالأية التالية ، ( فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ / 5 سورة التوبة ) ، تبين لنا الأية السابقة ، سبل قتل المشركين ، وما لفت نظري هو تفسير / بن كثير ، لمفردة ” خذوهم ” ، (( .. وقوله : وخذوهم ، أي : وأسروهم ، إن شئتم قتلا وإن شئتم أسرا .)) ، أن التفسير السابق ، يبين مدى التعطش الدموي في بنية النص القرأني ، حيث أن النص لم يعطي خيارا للمشركين ، من يهود ومسيحيين و.. ، بل حصره فقط بين القتل والأسر / وما يستوجبه الأسر من مهانة وذل خاصة بالنسبة لوضع النساء الذي سيكون تحت مسمى ” السبي ” ، وسائل يسأل أين كل هذا من الأية التالية : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ / 125 سورة النحل ) ، التي تدعوا للجدال بطريقة سلمية مع الأخر ، ولكن عمليا ، نهج الدعوة المحمدية ، بكل فعلها وحراكها ووقائعها مخالف لما هو منصوص ومكتوب !! لأن طريقة الجدال الوحيدة المطبقة مع الأخرين / المشركين حسب المعتقد الأسلامي ، هي ” لغة السيف ” ، ومداد هذه اللغة هو الدم !! .