طلال عبدالله الخوري 20\6\2017 © مفكر حر
أدلى, البارحة, ” روبرت فورد” آخر سفير أميركي لدى نظام الأسد, قبل قطع العلاقات الدبلوماسية معه, بسبب الجرائم الوحشية التي ارتكبها ضد الشعب السوري, بحديث لصحيفة الشرق الأوسط السعودية (للتفاصيل: فورد : أعطينا السوريين أملاً زائفاً ), سنقوم بتلخيص أهم ما ورد فيها, وتحليل سطورها لكي نبلور الاحداث التي تجري على الارض السورية من خلال احد اكثر العارفين بتفاصيلها على مستوى العالم.
يقول فورد في هذا الحديث بأن الإيرانيين سيدفعون الأميركيين إلى الانسحاب من سوريا كما انسحبوا قبل ذلك من بيروت عام 1983 بعد تفجير مقر “المارينز”، ومن العراق بعد ازدياد عدد الضحايا الأمريكيين, ولهذا يعتبر بأن دعم واشنطن للمليشيات الكردية “غير أخلاقي” لانهم يستغلونهم ثم سيرمونهم طعاما سائغاً اللإيرانيين والاتراك والنظام!! .. ويقول ان “أميركا لن يكون لديها الصبر والقوة العسكرية للقيام بتصعيد مقابل.. سينسحب الأميركيون. هناك هلال إيراني وهو موجود ولا يمكن هزيمته شرق سوريا. النفوذ الإيراني يأتي في سوريا من غرب سوريا ومطار دمشق .. أن “ترامب” الذي أعلن عن نيته تقليص نفوذ إيران في المنطقة لا يعرف أن اللعبة انتهت، وأن الأمريكان تأخروا كثيرا، وأن أوباما لم يترك لإدارة ترمب الكثير من الخيارات لتحقيق هدفها”. انتهى الاقتباس.
لكي نفهم سبب ما يقوله فورد يجب ان نعرف الى اي تيار سياسي ينتمي, داخل التكتلات السياسية المتناحرة في بنية النظام الأميركي الديمقراطي الحر وفي بنية كل حزب سياسي ايضاً, ومن الواضح بأن فورد ينتمي إلى معسكر ” هيلاري كلينتون” التي دعمت طريقه المهني السياسي, والتي تخلى عنها أوباما لصالح جون كيري في وزارة الخارجية, مما أدى بالتالي الى اقالته من منصبه كسفير, والتي ايضا خسرت الانتخابات الرئاسية لصالح دونالد ترامب, الذي لم يثمن تاريخه المهني السياسي, فتم اختزاله إلى مدرس جامعي وضع على الرف يعلوه الغبار, ومن الواضح أنه سيستغل أي فرصة صحفية لكي يطعن بسياسة أوباما, وترامب على السواء.
بعد ان عرفنا بأن فورد ينتمي الى معسكر كلينتون, الأن, يجب ان نعرف ماهي سياسة كلينتون في الشرق الأوسط؟؟
بالواقع بأن كلينتون هي مهندسة مشروع “أردوغان- الأخوان المسملين” ودعم وصولهم للسلطة في الدول العربية والإسلامية والتعامل معهم بعد ان أخذوا منهم تعهدات, بتنفيذ المصالح الأميركية ومصالح دولة إسرائيل كاملة بتنازلات كبيرة جداً, حتى أكبر بكثير مما تنازله لهم نظامي الأسد ومبارك على السواء… (للمزيد حول هذا الموضوع نزكي لكم قراءة: مغامرة اردوغان الجلبية الاخونجية ستؤدي الى تقسيم سوريا لا محالة ), اي ان فورد, بالواقع, كان يراهن بمستقبله المهني وطموحه السياسي, على دعم تسليح المعارضة التابعة لاردوغان والاخوان المسلمين, لكي يسقطوا الأسد ويصلوا للسلطة, بغض النظر عن ايدلوجيتهم الفاشية, أو طريقة حكمهم الاستبدادية, وبالتالي تحقيق المخطط الاردوغاني بالقضاء على اي نوع للمعارضة الكردية في شمال سوريا وجنوب شرق تركيا.
نحن نعتقد بأن كلام فورد عن قدرة إيران لاجبار أمريكا على التخلي عن حلفائها في “التحالف الكردي العربي ” و مغادرة سوريا, هو مجرد هراء, وشوشرة اعلامية للفت الانتباه اليه, بعد ان تم اختزاله بمدرس جامعي, والقضاء على طريقة المهني وطموحه السياسي, فمن المستحيل أن يفشل الدعم الاميركي لهذا التحالف, وذلك لسبب بسيط هو أنه مبني على مصالح الناس الحقيقيين الموجودين على الأرض, والدعم الأمريكي لهم مقتصر على التسليح والتخطيط العسكري والمعلومات الاستخباراتية, والطريقة الوحيدة التي يمكن لإيران وحلفائها من روسيا والنظام إجبار أمريكا على التخلي عن هذا الحلف هو إبادة جميع الناس الحقيقية الموجودة على الأرض, وهذا لن تسمح به أمريكا ابدا, فبذور نجاح مشروع أميركا تكمن بداخله بسبب اعتماده على مصالح الناس على الأرض بالدفاع عن انفسهم واهلهم وأرضهم والعيش بسلام وبناء مستقبلهم ومستقبل أبنائهم, ومثل هذا المشروع لا يمكن ان يفشل ابداً..(للمزيد نزكي لكم قراءة: قراءة في خطاب بوتين في جلسة أسئلة وأجوبة مع المواطنين وتصادمه مع الحل الأميركي في سوريا ) اما تفجير المارينز في بيروت فهي قصة أخرى وعمل جبان للمخابرات الروسية والسورية والإيرانية التي كانت تسيطر على لبنان آنذاك ومن ورائها حاضنة حزب الله الشعبية, وكل هذا غير متوفر في مناطق التحالف الكردي العربي, ولذلك ستفشل ايران بعمل اي شئ, بينما سينجح التحالف الكردي العربي بكل شئ.
لهذا السبب نجد ان فورد في معرض حديثه قام بكيل المديح للمعارضة السورية الفاشلة والتي لم تقم بأي شئ مفيد حتى الآن, حيث قال ان بعد زيارته لحماة ” لم نكن نعرف كم هم منظمون, ولديهم أمنهم الخاص، وقيادة موحدة، وهيئة إغاثة اقتصادية للعائلات .. وأن الزيارة منحت السوريين “أملا زائفا” بأن واشنطن تساندهم وستساعدهم، لكنها لم تفعل ” انتهى الاقتباس.
طبعا الجميع يعرف ان سبب هذا التنظيم كان بدعم من تركيا والإخوان المسلمين والحاضنة الشعبية لهم والتي لا ينكرها أحد في الريف الشمالي لحماة وفي إدلب وريفها وفي الريف الحلبي, وفي مناطق الريف الدمشقي, اما ابعد من ذلك فهم فشلوا, ومن الواضح أن ليس لهم أي تأثير في جنوب سوريا ودرعا والسويداء والقنيطرة والجولان والريف التابع لهم, وليس لهم أي اثر يذكر في حلب وفي الشرق والشمال السوري وكل مناطق سيطرة النظام … اي مرة أخرى هذا يؤكد مقولتنا حيثما يكون الشعب معك تنجح, وحيثما يكون الشعب ضدك تفشل, ولهذا السبب فشل الإخوان وأردوغان والنظام السوري على السواء في كل من جنوب سوريا وشرق وشمال شرق سوريا…. وهذا سبب دعوة كاتب هذا المقال منذ اليوم الأول للثورة السورية, بالعمل مع الحواضن الشعبية وتحقيق مطالبها, و إيجاد برنامج وطني مشترك يتضمن كل مطالب الحواضن الشعبية, وهذا هو الطريق الوحيد للنجاح, وهذا هو المبدأ الذي تعتمده السياسة الاميركية ولهذا السبب هي ستنجح بينما سيفشل كل من روسيا والنظام والإخوان المسلمين وأردوغان وايران.
ثم يعود فورد ويناقض نفسه بعد ان قال باننا اعطينا السوريين أملا زائفاً, فيقول:” كنت أقول دائما في دمشق، إن الجيش الأميركي لن يأت, تناقشت كثيراً مع معارضين, وقلت للجميع: بعد حرب العراق، لن يأت الجيش الأميركي لمساعدتكم, قلت للناس في حماة: ابقوا سلميين, .. لا أظن أن السوريين تظاهروا وانتفضوا لأنهم أرادوا مساعدة أمريكا، بل لأنهم أرادوا خروج الأسد من السلطة, بسبب ما شاهدوه في مصر وتونس”(هو كان يقصد نجاح الإخوان في كل من مصر وتونس وعلى هذا هو راهن بسوريا وبمستقبله السياسي).
نحن نعتقد بأن أفضل ما قاله فورد في هذا اللقاء هو عندما طلب من المعارضة استخدام الطرق الدبلوماسية للوصول لإسقاط الأسد, من دون اراقة نقطة دم واحدة, او تدمير حجر واحد, وذلك عندما قال:” قلت للمعارضة عام 2013 يجدب أن تكونوا منفتحين إزاء الأسد, إذا اقتنعتم الأسد بتغيير رئيس المخابرات الجوية والعسكرية والأمن السياسي والاستخبارات العامة, وإذا تغير رئيس المصرف المركزي ووزير المالية، وتم تعيين مستقلين بدلاً منهم من دون سيطرة الأسد, فيمكن قبول بقائه,… (هذا الأسلوب السياسي يتطابق مع أسلوب كاتب هذا المقال والذي فصله بهذه المقالة السابقة: ديمستورا معاوية بن ابي سفيان الدمشقي الذي لم يستوعبه انصاف المثقفين ), ولكن للأسف كانوا يردون عليه الاخوان الاردوغانيون: “هذا مستحيل”, اي كانوا يريدون مساعدة أميركا عسكريا لإسقاط الأسد ثم ان تقوم امريكا بتنصيبهم مكان الأسد لكي يفعلوا بالشعب السوري أسوأ مما كان يفعله الأسد.
من هنا نرى بأن إسقاط السعودية والإمارات للمشروع الأردوغاني الإخواني عن طريق الانقلاب الذي قاده السيسي ضد حكومة الإخوان في مصر والتي جاءت بها الى الحكم هيلاري كلينتون, أدت إلى خروج كلينتون من حكومة أوباما, ثم ساهمت, ولو بقليل, بفشلها بالانتخابات الرئاسية. … ونحن نعتقد بأن المشروع الأردوغاني الإخواني قد مات وشبع موتاً, وخاصة بعد ان تم طرد قطر من التحالف الخليجي, وعاجلا ام اجلا سينتهي حكم أردوغان بتركيا, وسينتقل الحكم الى المعارضة التركية, وعندها لن يبق من تنظيم الاخوان الذين يستغلون الدين بالسياسة إلا بضعة مليارات من الدولارات يستثمرونها بعدة مشاريع اقتصادية بشتى أنحاء العالم بما فيها بزنس الكازينوهات والدعارة, وسيقوم احفاد البنا بإدراتها والتصرف بها كأملاك شخصية لهم ورثوها عن جدهم حسن البنا.
١: حقيقة الرئيس الراحل أوباما لم يترك لمن خلفه خيارات وهذه في نظري لا يختلف عليها إثنان على ضوء المعطيات الجارية حالياً ؟
٢: ليس لأن إيران قوية بل لأن أوباما الشيعي أراد ذالك ، وستثبت الأيام صحة وجهة نظرنا بدليل إستماتته ومعه شلته المرتشية في شُل حركة الرئيس الجديد ترامب بإفتعالهم المشاكل والمعوقات ونقد كل ما يقدم عليه لمنعه من فتح ملفاته القديمة ؟
٣: يكفي لتأديب ايران بفتح بوابات جهنم عليها من خلال دعم القوميات والإثنيات الاخرى والمعارضة المسلحة من قبل دول الخليج مالياً ومن الغرب تسليحياً ، وما حرق قطر ألا أول الغيث ؟
٤: وأخيراً …؟
عام 1983 غير عام 2017 ثم لبنان الامس غير لبنان اليوم ، والاهم من كل هذا ترامب وريكس غير اوباما وكلينتون ، ويكفي السنة الالتفاف من جديد بصدق حول أمريكا ليصفى كل الشيعة في لبنان وسورية والعراق ليس الى غرب إيران بل الى شرقها ، سلام ؟