قراءات متنوّعة , وحوار !
رعد الحافظ
raad57dawood12@yahoo.com
أولاً / البدولوجيا
تقول الباحثة اللبنانيّة ريتا فرج في مقالٍ لها بعنوان المجتمعات العربيّة والبدولوجيا , ما يلي :
http://www.assafir.com/article.aspx?EditionId=2055&ChannelId=48850&ArticleId=1700
{ ليس من السهل دراسة البُنى الإجتماعيّة العربيّة من زاوية سوسيولوجيّة …. الى أن تقول : وقد يسأل قارئ المقال ما معنى البدولوجيا ؟
وتجيب : هذا المُصطلح الجديد إستعرناه من عالم الاجتماع / خليل أحمد خليل . الذي عالجَ أبعادهِ في كتابهِ الصادر حديثاً عن دار الطليعة
« لماذا يخاف العرب الحداثة ؟ بحث في البدوقراطية »
فتُقال البدولوجيا عن الأيديولوجيا البدويّة . كثقافة عامة تشمل في آنٍ عرب البوادي والحواضر .
وتشكل مُحركاً لسلوك العرب في إتجاه ماضيهم وتراثهم الإعتقادي .
ثمّ تُلخص فكرة خليل أحمد خليل
( بالمناسبة هذهِ الفكرة تشبه , أو مستقاة من فكرة د.علي الوردي )
بأنّ العالم العربي لم يحقق حتى اللحظة تصالحه مع الحداثة والعلم والتمدّن .وأنّ المجتمعات العربية تقوم على نمطين متناقضين :
الأول / يقبع في البنى القبلية .
الثاني / ينهض من القديم ويحاول تحديثه على مستوى المحركات المادية .
بمعنى أن هناك مزيجاً إنفصامياً بين القبلي والمدني .مع غلبة واضحة للثقافة القبلية على ثقافة المدينة .
ثم تصف ثورات الربيع العربي ( هي لا تسميها ثورات ) كما يلي :
الثورة الحقيقية تعني بالدرجة الأولى / الحداثة السياسية , والحداثة الاجتماعية والإصلاح الديني .
حتى اللحظة يبدو أنّ هذه (( الفورات المتنقلة )) لم ترق بعد الى المستوى الثوري المطلوب.
وإذا أجرينا مقاربة أولية للنتائج التي أفضى اليها الحراك الشعبي في عدد من الدول العربية ,نجد أن الخطاب السياسي الذي تتبناه القوى الجديدة لا يحمل في طياته أيّ مُعطى حداثوي .
فهذه القوى تتحدث عن الدولة المدنيّة والتعددية . لكنها لاتجرؤ على تبنّي العلمانية كمشروع متكامل !
ما يحتاجهُ العرب في ربيعهم هو النظر الى الماضي بعين نقدية , والتخلص من الثقافة البُكائية , والسعي لاستكمال نهضتهم بالإنتاج العلمي والحداثة السياسية وإستقلالية الفرد .
وليس بالعودة الدوريّة الى التراث الذي يخافون تجاوزه بدعوى قداسته .
القراءة النقدية للتراث الديني لا تعني القطيعة معه , رغم أننا نحتاج أحياناً الى تلك القطيعة !
*************
ثانياً / الدبلوماسيّة الأمريكيّة في مصر اليوم !
http://www.assafir.com/article.aspx?EditionId=2055&ChannelId=48850&ArticleId=1702
من مقال / توماس فريدمان المنشور في صحيفة السفير / يوم 20 يناير 2012 ترجمة هيفاء زعيتر , يقول ما يلي :
{ إنّ مصر اليوم ليست إيران . والإخوان المسلمين ليسوا نسخة عن المسيحيين الديموقراطيين .
هناك عملية حراك سياسي تجري الآن داخل المجتمع المصري .
السبيل الأفضل لكي يكون للأميركيين تأثير فيما يحدث , لا بدّ أن يأتي عن طريق العمل على وضع مبادئ وأسس للخطاب الذي سيتعاطون به مع الإسلاميين والمؤسسة العسكرية في مصر .
عليه , فإنّ على واشنطن أن تدعم المؤسسة العسكرية المصرية , لتنشئ دوراً «بَنّاءً» على غرار الدور الذي لعبته المؤسسة العسكرية في تركيا وليس في باكستان !
وفي النهاية على أميركا ألا تنسى أن أيام التعامل مع مصر بإتصال هاتفي واحد لرجل واحد لمرّة واحدة فقط .. قد ولت !
وسوف يتطلب الأمر منها الآن الكثير من الدبلوماسية } .
بالمناسبة / هناك مشاكل حالياً في العلاقات الأمريكيّة المصريّة أظنّها مُختلقة من الإسلاميين بعد تعالي الأصوات عن ميكافيليتهم وبرغماتيتهم وتلوّنهم لأجل الإمساك بالسلطة في مصر , بحيث حذرت أمريكا اليوم رعاياها في مصر , من تداعيات مُحتملة .
*****************
ثالثاً / آراء متنوّعة
{من حوار مع صديق ماركسي , سأترك له ذكر إسمهِ لو شاء }
ماذا كان حُلم وهدف كارل ماركس ؟
هدفه كان سعادة الفقراء / العمال . نظراً لما عايشه عن كثب من ظروف معيشتهم البائسة في القرن التاسع عشر .
جاء لينين وبمساعدة الأمريكان والألمان وسويسرا وخطف ثورة الجياع فصنع نظام ديكتاتوري .وللروس موروث قاسي من عهد القياصرة !
نعم لينين كان ثورياً , لكنّهُ دعى الى تشكيل أحزاب شيوعيّة في جميع أنحاء العالم ,ليس إنتصاراً للماركسيّة , بل لدعم نظامهِ اُمميّاً !
نعم , وِلِدّت الثورة الإشتراكيّة ( التجربة ) ونمت وتفاعلت وكبرت قليلاً .
لكن مالذي حصل بعد ذلك ؟
فشلت التجربة , ( وهي ليست أوّل أو آخر تجربة بشرية تفشل )
ومن يقول عن نقيضها ( أيّ الرأسماليّة ) أنّها بلا عثرات وسقطات فهو واهم أو حالم .
فالأفكار والنوايا مهما كانت حسنة وخيّرة , لايُمكنها تجاوز كل العوائق والمطبّات المتعلقة بطبائع البشر المختلفة , المتفاوتة الى حدٍ بعيد !
ومازال (الأتباع ) يختلفون حول أسباب الفشل , وتتراوح إختلافاتهم بين النقيضين . أيّ من ستالين وطريقتهِ , الى أمريكا وأتباعها خصوصاً البرجوازية الوضيعة .
لكن لنعُد الى أحلام ماركس عن الفقراء والعمّال
اليوم العامل النرويجي والهولندي و السويدي و الدانماركي والألماني والإنكليزي والفرنسي والامريكي , وكلّ عمّال العالم الحُرّ
يعود من عملهِ ليخرج بعدها الى المسبح والساونا أو قاعة التدريب الرياضي والترشيق أو يذهب لكازينو القمار أو البارات أو للديسكو والسينما و المسرح . أو يترك بعض ذلك لعطلة نهاية الإسبوع الطويلة والمريحة .
بينما كان العامل في زمن ماركس يعود لبيتهِ ( مصخّم ) الوجه والرأس من الفحم والزيت , يعمل طوال الوقت كالحمار لأجل المعيشة , وغالباً يضطر لتشغيل زوجته وأبنائهِ لإتقاء شبح الجوع والفقر , وتحوطاً لزمن البطالة التي تكون بلا أجر طبعاً .
اليوم العامل يعمل 40 ساعة كحّد أقصى في الإسبوع .
أغلب المصانع في السويد فيها قاعات رياضية وغرف للتدليك (المساج) والأجر تدفعهُ الشركة وليس العامل , مع ذلك أغلب العمال لايرغبون بهذا المساج , فيذهبون على حسابهم الى العيادة الخاصة ذات الرفاهيّة الأكثر .
أنا شخصياً أفضّل إستعمال كرسي المساج الأوتوماتيكي مرتين في الإسبوع ,و فيها تدليك حتى الاقدام ( وهذا لا يُشعرني بالخجل والإستغلال لأحد ) .وفقط عند الضرورة الجادة أذهب الى عيادة للمساج !
أمّا في حالة بطالة العامل لأيّ سبب , فالراتب يستمر لكن ليس كاملاً كمن يعمل , بل 80% منه فقط .
اُكرّر 80% ثمّ تقّل بعد سنتين الى 70 % من راتب العامل بكامل طاقته يعني 40 ساعة في الإسبوع يحصل عليها العاطل , لمدّة تصل الى خمس سنوات أحياناً .
وإن لم يجد عمل خلالها سيتحول الى صندوق ضمان العمّال , لكن على أن يقبل بعمل خفيف ( براكتيك ) زيّ حالاتي أنا الآن .
أمّا لو رفض كلّ العروض ( البراكتيك ) ولم يحصل على عمل يناسبهُ أيضاً , فسوف يضطر الى قبول فلوس المساعدة الإجتماعية (السوشيال )
وهي تكفي لإحتياجات الحياة الأساسية طبعاً وأغلبهم يلعبون بالفائض منها بعض المراهنات والقمار طبعاً ناهيك عن المشروب .
ألم تتحقق أحلام ماركس بعد ؟ ما لكم كيف تحكمون ؟
أنا أجيبكم … بل تحققت أحلامهِ وأكثر بكثير !
وحتى تعريف البروليتاريا ( العمّال الواعين لحقوقهم ) ينطبق على عمّال الغرب بنقاباتهم الفعّالة , والتي تُسقط أكبر حكومة منتخبة .
بينما لاينطبق على أغلب العمّال في ما يُسمى الدول الإشتراكية مثل كوريا الشمالية وكوبا , والصين ( الشيوعيّة كما يظنّ البعض ) والتي تُعتبر عند المُنصفين ( فؤاد النمري مثلاً ) أكبر سارق لجهود العمّال على هذا الكوكب , حيث لايحصل العامل على نصف حقّهِ الطبيعي من الأجور .
مع ذلك تجد بلاد الغرب تعّج بالمهاجرين من كلّ الألوان والأصناف وكثير منهم شيوعيين , يأكلون ويتغوطون بنفس الماعون مع سبق الإصرار والترصّد . وهذا أكثر ما يغيظني في الأمر !
مشكلتنا نحنُ الشرقيين , أننّا حملنا معنا أمراضنا الفكرية من شرقنا الى دول الرفاه !
لكن من لا ينتبه لهذا , سيُصبح إضحوكة لأولادهِ والجيل الجديد .
تخيّلوا سلفي يقول / مهما نسمع عن أفعال إنسانيّة من أمريكا فهي ستبقى دولة الكفر .
بينما يقول محمد نفّاع ( الشيوعي ) / لو قالت أمريكا , أنّ الشمس تُشرق من الشرق , لن اُصدقها
فما الفرق بين الإثنين ؟ وما إسم سائق القطار ؟ أقصد ماذا تسمون هكذا فكر ؟
***********
الخلاصة
العالم اليوم ليس بحاجة الى لينين البتّة !
( أنا هنا لا أرّد على مقالة الأستاذ النمري الأخيرة ولستُ مؤهّل لذلك ) .
ناهيك طبعاً عن عدم الحاجة الى ستالين وأمثالهِ من القادة الثوريين .
والعالم لايحتاج ماو سي تونغ جديد ولا كيم إيل سونغ ولا كاسترو ولا حتى جيفارا جديد .
العالم يحتاج تعاون و تنوّع وحريّة الافكار لتتفاعل وتمتزج مع بعضها . فلا يثبت على أرض الواقع سوى الأفضل والأصلح للغالبية العظمى من البشر . أمّا الزَبّد فيذهب أدراج الرياح , وبالديمقراطيّة حتماً .
الماركسي الحقيقي لايخشى الزمان والمنطق والديالكتيك , أنا أعرف العديد منهم ( في السويد / حامد الحمداني ومثنى حميد مجيد ) وغيرهم كثير .
وكثير من الماركسيين المعروفين تحوّلوا الى الفكر الليبرالي الديمقراطي الحُرّ المفتوح لكلّ الآراء حتى لأفكار ماركس الأصيلة النبيلة .
ومن يقول أنّ الغرب الليبرالي عدواً لأفكار ماركس فهو واهم .
ما رأيكم بالاسماء التالية :
العفيف الأخضر , جورج طرابيشي ,عزيز الحاج , يعقوب إبراهامي , إبراهيم أحمد , د. عبد الخالق حسين ؟
وأضيف الى هؤلاء صديقان أعرفهم عن كثب , هم مثال للعلميّة والواقعيّة / د. إسماعيل الجبوري , وجاسم الزيرجاوي .
المسألة ليست عناد و عجرفة وغطرسة وفنطزة ( شنو فنطزة ؟ )
واقع الحال أثبت أنّ الناس اليوم لا تحتاج الأفكار والأحزاب الشموليّة , بل من كلّ حديقة وردة .
وهذا هو الوضع والتطوّر الطبيعي للعقل البشري . وهو بالتأكيد عكس الدوغما , والتحجّر الفكري !
تحياتي لكم
رعد الحافظ
10 فبراير 2012