رغم النضال الطويل نسبياً , للمرأة العراقية لاسترجاع حقوقها , لكنها لا تزال تواجه الكثير من المحاولات التي تبغي تهميشها وإعادتها إلى عهد الجواري والعبودية ,عهد الفرقة بين الناس على أساس الجنس , عهد إخضاعها للرجل قسراً, واعتبارها مجرد شيء لا يحق لها أن تختار لنفسها ما تريد , بل هم من يختاروا لها القالب الذي يناسبهم ويناسب الحياة التي تضمن لهيمنتهم البقاء , هذا ما أراده قانون الجعفري المقيت الذي جاء في نصوصه بوجوب تزويج القاصرات اللواتي لا زلن لا يفقهنّ من أمور الزواج شيء , معتبرين بقانونهم هذا سن البلوغ هو التاسعة للإناث ,والخامسة عشر للذكور! يبيحون تعدد الزوجات المقيت , وسجن المرأة بلا ذنب ومنعها من الخروج خارج البيت إلا بإذن زوجها مهما كانت الأسباب وأن كانت تمس حياتها , فحياتها مرهونة بزوجها فقط , يريدون تأديب النساء وسجنهنّ وتزويجهنّ وهنّ قاصرات خوفاً منهنّ لا عليهنّ , والسؤال هنا لِمَ القاصرات بالذات ؟ وهل أن أعداد النساء البالغات قليل ولن يكتفوا بهنّ ؟ أم أنها رغبة ليكون لكل رجل أربعة زوجات ولا يهم أن كنّ أطفالاً ؟؟ أم أنها عملية وأد للفتيات الصغيرات ليدخلوها بيت الزوجية ومن ثم تمنع منعاً باتاً من الخروج منه إلا بأذن من سجّانها ؟
القانون بلا شك متعسف بحق المرأة في الحياة التي تضمن لها كرامتها كإنسان مساوياً للرجل دون نقصان ,وهو إهانة صريحة وواضحة لها ,جاء هذا القانون لإخضاع المرأة وإعادتها للعصور المظلمة , فبدلاً من إجبار الأهالي على تعليمها والاهتمام بتطويرها وعملها لتستقل اقتصادياً وليكون استقلالها سنداً لها فيما لو أراد الزوج تطليقها ورميها إلى الشارع , وليكون لها الحق في تطليق نفسها وقت ما شعرت بالنفور من زوجها ,أو كونها لا ترتضي لإكمال حياتها معه , فبدلاً من هذا أقاموا عليها سجناً , دون ذنبٌ اقترفته , بمنعها من الخروج مهما كانت الأسباب إلا بأذن من زوجها , وهذا يُعتبر من أقل حقوق الإنسان لإنسانيته .
لم نكن نرتضي بقاانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 59 المعدل والذي أعطاها الحق بالمطالبة بالتفريق رغم فجوات هذا القانون من ناحية طلب التفريق وما يترتب عليه من محاكم وأجور محاماة وهي معدمة مادياً كونها قبعت في البيت لخدمة الزوج وأبناؤها , والأدهى من هذا ان اقتنعت المحكمة بتطليقها أو ترفض فيكون شأنها , فلم نكن نرتضي بهذه الحقوق القليلة حيث جاءنا الجعفري بقانون أمر من سابقه لينهي كل حق لها حتى وأن كان صغيراً.
الكثير من المواد التي جاءت في هذا القانون هي محاولات لقتل المرأة عمداً , هذا باستثناء الأخطاء التي وقع فيها :
فالمادة الثانية من قانون 1959 ( لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور) والمادة الرابعة عشر نصت على أن العراقيين متساوين أمام القانون دون تمييز لأي سبب سواء كان التمييز على أساس الجنس أو المذهب أو القومية أو الدين والخ……من الأسباب .
لكن ما نص عليه هذا القانون هو خروقات وتفريق لا علاقة لها بهذه المادة, وسيفتح قانون الجعفري باباً لرجم المرأة ومنعها من ممارسة حياتها كإنسان ومن ثم يأتي دور قطع الأيادي بعد أن عملوا بقطع الأعناق تحت راية الله اكبر
والغريب في هذا القانون بأنه يطالب بسريانه على جميع العراقيين بغض النظر عن مذاهبهم وانتماءاتهم , كما وأنه سيفتح باباً لطرح مشاريع عديدة لقوانين المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والخ …..من تلك المذاهب ، وبعدها تشكيل محاكم جعفرية ومحاكم لكل مذهب , وهكذا يتم العدل من وزير العدل بتعدد القوانين والمحاكم ورجوعنا الى ما قبل عام 59 بدلا من أجراء تعديلات تطور الحياة على مدى ال 54 سنة الماضية
أهداف هذا القانون واضحة للعيان ,والتسرع في تقديم مسودته لمجلس الوزراء خطة محكمة لقمع العراقيين وخصوصاً المرأة وحصرها وإجبارها بالقانون على الخضوع لهم وليجعلوا من قانونهم فاصلاً بينها وبين الحياة , والتعليم سيكون لها مطلب بعيد المنال , ولتبقى بين جدرانهم ومن ثم تكون مجرد خادمة بلا تفاعل ولا نفع منها بل لتخريب بقية الأجيال لما للمرأة من أثر فاعل في تربية أبنائها , وليتخلصوا بذلك من نصف المجتمع
عليه يجب المطالبة بإلغائه وعدم الإقرار به وبسن قانون موحد يشمل جميع الطوائف بلا تمييز ولا فوراق على أساس طائفي , ويضمن حقوق الإنسان العراقي على حد سواء , وبخاصة حقوق المراة ,لا أن يستعبدوها لينالوا منها أكثر .