العمليات العسكرية التي بدأت في اليمن و التي أطلقوا عليها تسمية “عاصفة الصحراء” كان من الممكن جداً ان يطلق عليها تسمية “قادسية آل سعود” او القادسية الثالثة على نسق قادسية صدام و القادسية الثانية… فمن حق آل سعود ان يذكرهم التاريخ بأنهم أعادوا الانتصار التاريخي الذي تحقق على اعظم امبراطورية في زمن الإمبراطوريات الكبرى … و الان فان ايران هي بلا شك اعظم دولة شرق اوسطية … و طالما ان الامبراطورية الساسانية في حينها لم يهزمها الا العرب… فان ايران اليوم لا يبدو ان هناك من يستطيع إلحاق الهزيمة بها… لا أمريكا و لا الغرب و لا اسرائيل رغم صراع و حروب على مدى من ثلاثين عاما… و لذلك فالفرصة امام العرب هي فرصة فريدة لتحقيق إنجاز تاريخي ثاني بعد ان فشلت قادسية صدام الا في تحقيق أقصى درجات الخراب و الدمار في العراق و تشتيت العرب…
لكن طالما ان العمليات بدأت بتسمية اخرى و على ارض عربية فربما يحتفظ العرب و قيادتهم آل سعود بتسمية القادسية حتى مراحل لاحقة عندما تكتمل القوة العربية و يثبت آل سعود قيادتهم السياسية و العسكرية … حينها تطلق تسمية القادسية على هجوم مباشر داخل ايران بعد ان يتم القضاء على امتداداتها في اليمن و العراق و لبنان و سوريا و فلسطين…و..و…
كل هذا من حق العرب… و لكن بعض الملاحظات التي ربما غابت عن قادة الدول المتحمسة لعاصفة الحزم…
اولا… ان العرب لا يتذكرون أمنهم القومي الا عندما يتعلق الامر بايران… لا اريد هنا ان أخوض في ستين عاما من احتلال فلسطين و لكن في السنوات القليلة الماضية فان العرب ساعدوا أمريكا في احتلال العراق بشكل رسمي ( اعتراف أمريكا في الامم المتحدة)… ثم شرعنوا تدخل فرنسا و الدول الغربية في تدمير ليبيا و تشتيتها … و كذلك شرعنوا تدمير سوريا … فلماذا لم يتذكر احد من العرب الأمن القومي…؟؟..
ثانيا…. بعض هذه الدول المتحمسة تعاني بشكل او باخر من حروب داخلية فكيف تسمح لنفسها بترك ساحاتها الداخلية و الهروب الى معارك خارجية..؟؟.. هل هي اللعبة القديمة للانظمة العاجزة عن حل مشاكلها و رميها على اكتاف الآخرين ام ان للعرب فلسفة اخرى و إبداعا جديدا في شأن تنظيم العلاقة بين الداخل و الخارج..؟؟..
ثالثا…ان بعض هذه الدول و منها ثلاث مركزية هي السعودية و الاْردن و مصر… كانت تواجه حتى قليلة ايام قليلة سابقة تخوفا حقيقيا من تمدد داعش نحو حدودها… فكيف ضمنت الان هذه الحدود لتتركها و تذهب بقواتها تجاه اليمن و ربما لاحقا تجاه امتدادات اخرى لإيران او الاراضي الإيرانية ذاتها…. هل عقدت هذه الدول هدنة عدم اعتداء مع داعش … ام انها توصلت الى “تحالف الأضداد” مع داعش لدحر ايران و الصفويين من الفرس و اتباعهم…؟؟..
رابعا… مفاوضات ايران مع القوى تدخل هذه الأيام مرحلة حاسمة و الغرب بكل قواه يرغب في تحقيق اتفاق مع ايران حول برنامجها النووي بينما تقف إسرئيل لوحدها بشكل واضح و شديد ضد الاتفاق …. فهل فكر العرب ان إعلانهم الان عن الدخول في حرب ضد مصالح ايران هو اصطفاف مع اسرائيل و محاولة فاضحة لفشل الاتفاق بشكل “حازم” و لذلك جاءت تسمية “عاصفة الحزم”…؟؟؟..
خامسا… هل درس العرب الإمكانيات الحقيقة لإيران و اصدقائها و امتداداتها القومية و الاثنية و التاريخية خارج المنطقة العربية … سواء حصل الاتفاق مع الغرب ام لم يحصل… ام انهم يعتقدون … كما اعتقد صدام سابقا…ان الشعارات و الاحقاد وحدها تكفي لهزيمة ايران …؟؟؟
نكتفي هنا و هناك مقالات لاحقة لان العملية التي بدأت الان ربما لن تنتهي كما يعتقد البعض… حبي للجميع..