فِرْعَوْنُ

قصيدة للعلامة السيد علي الأمينalaiamin

فِرْعَوْنُ نَادَى قَوْمَهُ إِنِّي أَرَى
مَا لَا تَرَوْنَ فَعَطِّلُوا الأَلْبَابَا
وَمَضَى يَقُولُ لَهُمْ بَنَيْتُ بِلَادَكُمْ
وَخَلَقْتُ أَنْهَارَاً وَسُقْتُ سَحَابَا
كَذَبَتْ مَزَاعِمُ خَلْقِهِ لِوُجُودِهَا
قَبْلَ الْوَرَى تَرْوِي رُبَىً وَهِضَابَا
قَدْ أَذْعَنُوا طُرَّاً لِدَعْوَتِهِ فَلَمْ
يَسْتَنْكِرُوا إِدَّاً أَتَى وَخِطَابَا
هُمْ شَيَّدُوهَا قَبْلَهُ وَجُدُودَهُمْ
وَبَنَوا لَهُمْ فَوْقَ الصُّرُوحِ قِبَابَا
وَتَنَقَّلُوا تَحْتَ السَّمَاءِ بِأَرْضِهَا
وَتَنَعَّمُوا شِيبَاً بِهَا وَشَبَابَا
مَا كَانَ يَوْمَاً في الْبُنَاةِ لَهَا وَلَا
هُوَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّيَارِ وَغَابَا
هُوَ مثلَهُمْ قَدِمَ الحياةَ ولمْ يَكُنْ
مِنْ قَبْلُ إلّا نُطْفَةً وَتُرَابَا
يَسْعَى لِنَيْلِ طَعَامِهِ وَيَمُوتُ مِنْ
عَطَشٍ إذا فَقَدَ الْمِِيَاهَ شَرَابَا
صَارَ الإِلَهَ لَهُمْ بزَعْمٍ كَاذِبٍ
يُحْيِي وَيَقْطَعُ رؤُوسَاً وَرِقَابَا
قَبِلُوا بِهِ رَبَّاً وَمَا رَفَضُوا لَهُ
طَلَبَاً وَقَالُوا قدْ زَعَمْتَ صَوَابَا
هُمْ يَعْلَمُونَ حُدُوثَ مَوْلِدِهِ وَأَنْ
مَا قَالَ إِلَّا خِدْعَةً وَسَرَابَا
لَكِنَّهُمْ جَعَلُوا عَلَى أَبْصَارِهِمْ
يَوْمَ النِّدَاءِ غِشَاوَةً وَحِجَابَا
عَجَبَاً لَهُمْ أَلِفُوا الْعَمَى لَمْ يَمْلِكُوا
عِنْدَ السُّؤَالِ سِوَى الْخُضُوعِ جَوَابَا
قَدْ كَانَ فيهِمْ عِبْرَةٌ لِِمَنِ اهْتَدَى
وَأَبَى الْحَيَاةَ مَذَلَّةً وَعَذَابَا
فَقَدُوا الْبَصَائِرَ فَاسْتَخَفَّ بِهِمْ وَقَدْ
صَارُوا عَبيداً عِنْدَهُ وَرِكَابَا
سَكَتُوا عَلَى اسْتِرْهَابِهِ لَمْ يُعْلِنُوا
ذَمَّاً على طُغْيَانِهِ وَعِتَابَا
خَسِرَتْ تِجَارَتُهُمْ وَخَابُوا عِنْدَمَا
خَذَلُوا الْحَقِيقَةَ رَهْبَةً وَثَوَابَا
طَلَبُوا الْبَقَاءَ طَمَاعَةً وَمَخَافَةً
فَتَجَرَّعُوا كَأْسَ الْبَلَاءِ عِقَابَا
فَغَدَوْا لَنَا عِظَةً تُخَاطِبُنَا بِأَنْ
لَا تَجْعَلُوا زُعَمَاءَكُمْ أَرْبَابَا

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to فِرْعَوْنُ

  1. سلام says:

    رائعة,من أجمل ما قرأت

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.