في صوت النسيم أسمعك.صوت آتٍ من فوق كل الأبعاد.ضوء لا تعرفه الشمس.أنت في الليل كما في النهار نور ُ.تتراءي للقلوب المشتاقة و النفوس الجائعة إليك.
ها أنا أقف علي أطراف اصابعي.أتسمعك.تأتي قريباً.و في يدك كل الحب.و الفرح.و النعمة.و تكسيني.تستجب لأنني طلبتك و لا تتأخر.في الليل لا يعرفني الفراش.بل تعرفك أشواقي.آتٍ أنت فوق الغيم و فوق السحب .تشق الظلمة و تعبر إلينا.أبصر ذراعين مفتوحتين أكبر من الكون كله.
يهرب النوم عني .فأنت السهر و اليقظة.و أنت الشوق و اللهفة.و أنت كل الأعاجيب مجتمعة.
أنتظرك .و أنت كعادتك تأتي .تشعر بك الأجنة في البطون.و أسماك الأعماق.ظاهر أنت و مستعلن خفى و لكن لا تختفي لذلك أراك و تبتهج نفسي.
في سكون الليل يتعلم الليل السكون ليسمع صوتك الحاني.لا أحتاج للإختباء منك كآدم.و لا أهتم بدفع التقصير عن نفسي كحواء.فأنا ما أنا.كل ما في ِ يترقبك معترفاً بالتقصير .لكنه الإشتياق إليك يغلب كل شيء.يا قادماً سريعاً علي السحاب.القلوب التي عاشرتك تدق نبضاتها كالدفوف.تريد أن تترك الصدور و تنطلق لتعانقك.ما أشتاقت لأحد مثلما إليك إشتاقت.ما أحببت أحداً مثلك.كل ما عندي يعرفك.الروح و النفس و الجسد.الذكريات و الحاضر و الآتي.ما حاجتي إلي الأشياء و أنت معي.في سكون الليل تشبعني تملأني فأفيض بك و لا شبع فيك.ما هذا الحب المتدفق منك كسيول الجنوب.و نعمة روحك أحلي علي القلب من نسمات الربيع.أنت يا يسوع كل فصولي.و مواسمي و أيامي.أنت السنين و العمر.ما أجملك.
لماذا أدور أتلمس أشياء الأرض و أنت تعوضني بالسمائيات.لماذا تنحني النفس لتلتقط الأرضيات و أنت تأتيها لتملأها بالأبديات.عجيب أنت في مقايضتك لنا.
تأخذ الضعف لتعطنا القوة.تأخذ الجهل لتعطنا علم معرفتك.تأخذ الوجع و الهموم لتعطنا راحة.بالإجمال أنت تأخذ الموت و تعطنا حياتك.ما أعجبك.أنت ترضي أن تأخذ خسارتنا لنربحك.تتلذذ ببني آدم.ليتنا بك أيضاً نتلذذ.
في الليل بعيداً عن الناس نراك واضحاً.ترسم الفجر للنهار.و بأصبعك تعط للنور إذناَ بالشروق.تكتب للبشر أعمالاً جديدة ليعملونها.لا تدع واحداً يسقط من مراحمك التي تتجدد كل صباح.فها أنا أقع عند قدميك مستعطياً .أنت إلهي الغني الذي يتعطف علي.فإذ بك لا تعطني شيئاً أعظم من أنك تعطني نفسك لنفسي.ذاتك لذاتي.شخصك لشخصي.روحك لروحي.فأسمو بك علي الدنيا.تتضائل الممالك فوق جناج الهيكل.إذ لقياك هي الأعظم.و عطيتك هي الأغني .فأجول كمن أسكره الحب. أقع عند قدميك كميت .و لا أعد أعرف ما الفرق بين الأخذ و العطاء.المدح و الذم.و كأنني لم أكن.
في سكون الليل تصمت الدنيا و يبق صوتك.يستمتع به الحالمون بك.يجلسون في محضرك .أنت القصر و الملك.أنت الهيكل و المأدبة.أنت كل شيء لمن يريدك.أنت أغنيتني بك .ما حاجتي بعد.سوي أن أكون معك إلي الأبد.أتغني بحبك .لأحبك أكثر.أتحرر من سجن الأرض و الجسد و الضعف.و أنطلق .إلي حيث لا نهاية للحرية أو للمجد أو للحب أو للحياة معك.كل اللانهائيات فيك.كل ما هو غير محدود أنت تمتلكه.ما فيك أعظم مما يأتي علي بال بشر.هذا الأعظم حبيبي .ماذا أريد أكثر من هذا الشرف.لا يعوزني شيء.
حقاً في سكون الليل لا يعوزني شيء.”